Skip to main content

There are leaders and there are those who lead. Leaders hold a position of power or influence. Those who lead inspire us.
“هنالكَ قادة والذينَ يقودون. القادة يملِكونَ مناصب وقوة، والذينَ يقودونَ هُمُ الذينَ يؤثّرونَ فينا ويُلهِمونا”.

 

 

فرديًا أو على مستوى مُنظّمات، نحنُ نتّبع قادة ليسَ لأجلهم، بلْ لأجلِنا نحن، فهُم يُلهموننا. هذا الكتاب لهؤلاء الراغبين في الإلهام وأيضًا لِمن يبحثُ عن من يلهمه.

 

يبدأ سايمون بمقارنة بينَ الأخوين رايت الذينَ نجحوا في التحليقِ بدونِ شهادات جامعية ولا مبالغ داعمة. بينما فشِلَ صامويل لانجلي وتحطّم حلمُه في رؤية الإنسان يُحلّق بينَ السحاب. صامويل كانَ صديق أندرو كارنيجي (من أغنياء العالم) وبعض رجال الحكومة الذينَ دَعموه بمبلغ ٥٠ ألف دولار. هوَ والأخوين رايت، كلاهما امتلكَ نَفسَ الحُلم ونفسَ الهدف، ونَفس الحماس للعمل، ولكن الأخويَن رايت ألهما أعضاءَ الفريق. بعكسِ صامويل الذي كانَ يَبحثُ عن الشهرة لا أكثر.

المؤلّف سايمون تحدّثَ عن مارتن لوثر كينق، والأخوان رايت، وآبل، وديزني، وجون اف كينيدي على أنّهم قادوا وغيّروا العالَم ومن حولهم في مختلف المجالات. فمثلُ هؤلاءِ القادة لَم يسعوا للفضلِ والثناء والاعتراف من الآخرين، ولا للربحِ ولا للشهرة. بل كانَت لهُم رؤية واضحة لم يتردّدوا في تحدّي العالم والسباحةَ عكسَ التيّار لأنّهم آمنوا بها. هؤلاءِ مُلهمونْ، ونحنُ نتّبع من يُلهمنا.

 

 

البارت الأول: أهمية وجود اللماذا وتأثير غيابها (عالم بلا لماذا)

ابدأ بلماذا

نُحنُ كائنات نتبعُ بشكلٍ أعمى ما وجدنا عليه ابائنا وأجدادنا في غالبِ الأحيان. صحيح؟ ليسَ بالتحديد. بل نحنُ منتجاتِ بيئتنا ومن حولينا. لَن تدرك كيفَ في صغرك أثّرَ مُجتمعك على طريقة تفكيرك وإيمانياتك ورؤيتك لهذه الحياة بشكل مختلف. كلمةٌ واحدة (سيئة أم جيّدة) من معلّم غير واعي قد تغّير من رأيك في نفسك وفي منظورك لعقودٍ من السنين، ودون أن تدرك ذلك.

 

لماذا لا نتسائل مع أنفسنا ونسأل “لماذا” نفعل ما نفعل؟ نعم قد تكونُ إجاباتنا سطحية ولكن جوابْ سؤال “اللماذا” عليهِ أن يكونَ أعمق من مجرد إجابة سطحية واحدة.

“لماذا” اكتُب هذا التلخيص؟ من أجل المال فقط. (سبب ليسَ كافي)
“لماذا” اكتُب هذا التلخيص؟ من أجل الشهرة. (تفكر في نفسك فقط)
“لماذا” اكتُب هذا التلخيص؟ لأُحسّن من مستواي الكتابي. (لا تغيير)
“لماذا” اكتُب هذا التلخيص؟ حتّى أُساعد من أراد فهم الكتاب بشكل أبسط (سبب معقول، وماذا أيضًا؟) وأصنْع من كلّ كتاب رسمة مبسّطة تساعد القارئ على تذكَر ما قرأه (جميل جدَّا، ف ها أنا لديّ سبب لما أفعله) وأجعلها مجانيةً للنشر ليستفيد الجميع.

خالي من الأنانية، ووضعتُ الطرَف الأخر هو المستفيد الأكبر وبأقل تكلفة ممكنة. هذا يجعل “اللماذا” اكتب تلخيصي معقولًا ويمتلك نسبة نجاح.

 

 

شركة بلا لماذا لَن تَصمُد

اعتمد سايمون استخدام الشركات في ضرب الأمثلة، فيقول إن لم تعرف الشركة “لماذا” عملائها هم عملائها؟ فليسَ من الغريب إن لم تعرف “لماذا” موظفيها هم موظفيها.

“اللماذا” ليست مجرّد كلمة، بل هي مفهوم قوي. يهدف سايمون في مخاطبة الشركات وتذكيرهم عن أهمية العمل تجاه هذا المفهوم. ومقارنةً بالشركات التي لا تلقي بالًا لمفهوم “اللماذا”، فنسبة بقاءْ الذينَ يعرفونَ هدفهم بوضوح أعلى من الذينَ لا يعرفون.

تحدَّث سايمون عن أنّ تصرُفاتنا في الحياة تكونُ بناءً على تصوّراتنا وما نراهُ صحيحًا. فحكى عن صديقه الذي يفتخِر بكونه مُحترفًا في سوقِ البورصة، كلّما ربِحت صفقاته. وعندما يَخسَر؟ ابنُ آدم أبدًا لا يُخطئ! فتلقاهُ يلومُ السوق والشركات والأغنياء.

 

 

لماذايَ أخذَت وقتًا حتّى اكتشفتها

في صِغري كنت أكره المدرسة، وأكره حقيقة الاستيقاظ الباكر والتعلّم عن اشياء لن استعملها في حياتي ابدًا. رغمَ أن معدّلي لم يقل عن الممتاز ولم أتغيّب يومًا بدون عذر، وكنت اذاكر بشكلٍ مستمر ولكن هناكَ شيءٌ أخر، لم أعرِف لماذا.

لماذا احفظ تواريخ معارك حصلت قبل ١٠٠٠ سنة؟ لماذا ندرس أعمق الاشياء؟ مثلَ تفاعلات كيميائية لم تُصبح إلّا متعة عقلية ونسيناها كلها. هل سأستعمل الجبرة في حساب أرباح شركتي؟ أم في لعبة الشطرنج ضِدّ جدّي؟

كنتُ أعرف “ماذا” أفعل و“كيف” أفعله، ولكن أبدًا لم أعرف “لماذا”. تغيّرت حياتي حينَ بدأت اقرأ كتب تطوير الذات، وبالتحديد قبل ثلاث سنوات ونصف من تاريخ هذا اليوم، عرفتُ “ماذا” أفعل: ألا وهي القراءة. و“كيفَ” افعلها: بالبحث عن ما يتناسب مع “اللماذا” الخاصة بي. (أُطوّر نفسي لأُصبِح رجل أعمال. لماذا؟لأوفّر خدمات حقيقية للناس)

قبل أن أعرف “ماذا” و“كيف”، عرِفتُ “لماذا”. لماذا عليّ أن اقرأ؟ الجواب هوَ لأطوّر من نفسي، ولماذا اطوّر من نفسي؟ لجني المال عن طريق خدمة الآخرين. ولماذا المال؟ لضمان أن لا تحتاجَ عائلتي وزوجتي وابنائي شيئًا. وسلسلة الأجوبة تطول واكتشفت مع نفسي أن الإجابة الحقيقة هي: الاستقلالية والحرية. القدرة على السفر بدون حدود والأكل أينما أردت، والتبضّع بدون أن انظر إلى الفاتورة. وهذه لا تأتي بدونِ تَقديم خُدمة مساوية في المقابل.

 

 

الجزرة والعصا (التلاعب Vs. الإلهام)

لو سألتَ مديرًا تنفيذيًا لماذا عملائكم هُم عملائكم؟ سيَرُدّ عليكَ بكلّ فَخر: لدينا السعر، والجودة، والخدمة السريعة. في حينِ أنّ العميل لو وَجَد نَفسَ السلعة في مكانٍ آخر، سينساه ويَبحث عن مصلحته الشخصية.

يذكر سايمون أن الشركات تستعمل الحيَل لجذب عملائها بتكتيكات وذلك يتضمن:

  • التلاعب بالأسعار
  • والعروضات
  • والتخفيضات
  • وتحفيز الخوف الداخلي
  • والتطلّع
  • والمقارنة السيئة

 

لا يهم عدد الألاعيب المستخدمة لأنْ في النهاية ستعيدً الدائرة نفسها لضمان استمرارية الربح أو بالأحرى تجنّب الخسارة. فهذه الألاعيب يَكشِفها العملاء مع الزمن. الشركة الناجية من مَصيدة السعر المنخفض هيَ Walmart. فنموذج نجاحهم يعمَل على تقديم السعر الأقلّ.

 

 

الخوف يُحرّض على اتّباع الأوامر، والإلهام يُلبّي الرغبات الدفينة

تستعملها الحكومات في سبيلِ انصياع الشعوب لها. ومن أقوى تقنيات التلاعب التي يستعملها المسوّقون: الخوف. اللص الذي يُهدّد زوّار وموظّفي البنك بموزة، يُحاسب كما لو أنّهُ هدّدهم بسلاح قاتل. لأنّ ردّات فعلهم ستكونُ بناءً على رُعب حقيقي. والمسوّقون يَلعبونَ في عقولِ الناس بما سيفوّتونه لو لَم يشتروا منتجهم. فيُطيع العميل ثمّ يَكتشف لاحقًا أنّ التهديد كانَ بموزة.

 

 

لو الخوف يُبعدنا عن الأشياء السيئة، فالإلهام يُغرينا لنسعى خلفَ ما يُشبع رغباتنا.

يمكننا إلهام شخص برسالة تحفيزية لشراء عضوية في صالة رياضية، ولكن لإلهامه بأنْ يُحافظ على حضور مستمر سيتطلّب عملًا شاقًا. فالإلهام يَختلِف عن الطموح. واحدة خارجية والأخرى داخلية. فالتحفيز والإلهام الخارجي يَعمَل كشرارة سُرعان ما تنطفئ لو لَم تشتعِل شُعلتك الداخلية. فكَم من مرةٍ وعدنا أنفسنا بأنّنا سنتغيّر بسبب إلهام خارجي عندَ لرؤيتنا لشخصٍ ناجح. فنبدأ بوضعِ الخطط والنظام والجداول ونتّبعها وبعدَ أسبوعين؟ نعودُ لنفسِ عاداتنا القديمة. سبب الفشل؟ الإلهام الخارجي لَم يكُن كافيٍ.

 

فالشركات تَقَع في نفسِ الخطأ ايضًا. يحكي سايمون عن صديقته التي تُساعد شركات تَجني مليارات الدولارات في تحسينِ أنظمتها. فالمدراء أيضًا يَسعونَ في تطوير أنفسهم وشركاتهم. ولكن تقولُ الصديقة سُرعان ما تبني معهم نظامًا مضمونًا تجِدهم يكسرونُ الدائرة ويعودون لعاداتهم القديمة مما يؤدّي لخسارات فادحة. فهُم أيضًا يبحثونَ عن الحلول السريعة والبسيطة بدلًا من الالتزام طويل الأمد.

غياب “اللماذا” كغياب البوصلة، لا تزال تستطيع الابحار والمضي قدمًا ولكن بدون هدف واضح ترسو عليه. ستُبحر لأيامْ وسنين وتظن أنّك في الطريق الصحيح ولكن هل ستصل؟ ربما سترسو على رافتيل بالصدفة، ولكن الاحتمالية تكادُ تكونُ صفرًا. (لو لَم تُحدّد وجهتك، سيُحدّدها لكَ مُحيطك)

 

 

البارت الثاني: منظور بديل

الدائرة الذهبية (ماذا وكيف ولماذا)

أبدَع سايمون بتصميم ما يسمّى بالدائرة الذهبية والتي تتكوّن من ثلاث اجزاء أساسية وهي ماذا وكيف ولماذا. والإجابة عن كلّ واحدة هوَ ما يُميّز المؤسّسة أو الشخص عن أقرانه. “فكيفَ” و ”ماذا” تَفعل بسيطان، وإجابتهما قد تتشابه، ولكن الفرق يَكمُن في “اللماذا”. فلنعرّف كلّ واحدةٍ منهم ابتداءً من خارج الدائرة:

 

ماذا

“ماذا” تعمل وماذا تبيع الشركات لهوَ أمرٌ يعرفه كلّ عاملٍ فيها. فمِن السهل أن يَشرح لك الموظّف مهامه والخدمات التي يقدّمونها.

 

كيف

ليسَت بنفس درجة وضوح “ماذا” ولكِن بعض الشركات تَعرِف “كيف” تُقدّم منتجاتها، وما الشيء الذي يَجعلهم مُختلفين عن باقي المنافسة.

 

لماذا

القليل القلّة من الشركات تعرف بدقّة “لماذا” يفعلون ما يفعلون, وهؤلاءِ يبدأونَ بتعريفِ أنفسهم ووضع أولوياتهم من داخل الدائرة إلى خارجها. بعكسِ الذينَ يبدأون “بماذا” ثمّ “كيف”. هل تعرِف “لماذا” تنهض من سريرك لتذهب للعمل؟ “لماذا” توجَد شركتك؟ “لماذا” تَخدم عُملائك؟ بهذه المنتجات؟

 

يستخدم سايمون آبل كمثال لأنّها نجَحت في بناء شيء مُشابه لطائفة من الأتباع الأولياء. تّفرّدت آبل “بلماذاها”، فمنذ البداية رسالتهم كانَت الاختلاف والبساطة في التفكير. شخصيًا أنا من مستخدمي آبل لسهولة وجودة منتجاتهم والبراند يُشعرني بالتميّز بالرغم من كُثرِ عدد المستخدمين.

 

 

تبدأ آبل “بلماذا” تَفعل ما تَفعل ثمّ “كيف” تفعله وأخيرًا “ماذا” تفعل.

آبل: نحنُ نؤمن بالتفكير المختلف والبسيط، (لماذا). نتحدّى الوضع الراهن بصناعة أنظمة تشغيل بسيطة ومنتجات تَحمِل انعكاسنا ورسالتنا (كيف). ونُقدّمها على شكل أجهزة كمبيوتر وهواتف محمولة ذات جودة عالية (ماذا). هل أنتَ مُهتم بالإنضمام لنا؟

ديل والشركات الأخرى: نقدّم أجهزة كمبيوتر وإلكترونيات (ماذا). بتصميم جذّاب وجودة عالية (كيف). تواصل معنا لتطلب جهازك (لماذا؟ لا يوجد) هل تَرغب في شراء منتجاتنا؟

هل لاحظتَ الفرق؟ الناس تشتري لأجلِ “لماذاك” أكثر من “ماذا” “وكيفَ” تبيع منتجك. آبل لَم تَربِط نفسها بِمُنتج محدد، بعكسِ ديل (ربطته بالكمبيوترات). وآبل لَم تَختَرِع ستايل حياة جديدة ولكنّها أضافَت معنىً لستايل حياة الكثيرين الذين يؤمنونَ بالاختلاف وتحدّي الوضع الراهن.

 

 

الطيران الأمريكي الفائز بِحَربِ الأسعار

بدأتْ الفكرة من كينق وزميله في السبعينات عندما رأوا أنَّ أسعارَ شركات الطيران عالية، و١٥٪ من الشعب الأمريكي يُسافر سنويًا. فهُم لَم يُفكّروا في المنافسة على هذه النسبة الضئيلة، بل نافسوا على ال٨٥٪ المتبقيين الذينَ يستخدمون الباص والسيارة.

 

بدأتْ شركة خطوط الطيران الجنوبية الغربية بتحديدِ “لماذا” وُجِدتْ في السوق، وماهيَ رؤيتها، قبلَ أنْ تُحدِّدْ عملها وكيفَ تُنجزه. بَنت ثقافة وجماهير خاصّة يؤمنونَ برؤيتهم. بالرغمِ من أنّ السعر كانَ الأكثر انخفاضًا مُقارنةً بباقي الخطوط، لكنّهُ ليسَ السبب في ولاءِ عملائهم، بل أعمَق من ذلك. جعلوا التجربة ممتعة وسهلة وبسيطة، وهدُف الشركة كانَ أصيلًا بدونِ تلاعب.

حاولت شركتين أخريات بتقليدهم. فتحوا أقسام أُخرى بنفسِ تفاصيل وسهولة ورُخص الطيران الجنوبي الغربي، والنتيجة؟ فشِلوا. لأنّهم افتقدوا “لماذا” حقيقية لفتحهم لأقسامهم الجديدة.

 

 

البزنس مثلَ المواعدة

يقولُ سايمون تخيّل أنّكَ خرجتَ في موعد مع فتاة جميلة وفي أول لقاء بدأت في الحديثِ عن نفسك: “أنا وسيم، وغني، وامتلك سيارات فارهة. بيتي كبير وأنا مشهور وظهرتُ في التلفاز عدّة مرات. أساعدُ المساكين وأتبرّع للفقراء. عدم وجودي يَصنع فارقًا”

هل تعتقد أنّكَ ستحصُل على موعد آخر؟ لا أظُن.

 

تخيّل سيناريو آخر، وبدلًا من الحديث عن نفسك تحدّث عن أهدافكم كمؤسسة: “أتعرفين ماذا أحبُّ حيالَ شركتنا؟ نستيقظ ونذهب للعمل كلّ يوم لِفعلِ أشياءَ نُحبّها ونُلهم الآخرين لفعل أشياء يُحبّوها. وهذا ما يُشعرنا بالإنجاز والرضى. نحنُ نعمَل في بيئة عمل تتوافق مع ثقافتنا. وعمِلنا مع أكبَر الشركات. هل رأيتي إعلاناتنا؟ زورينا بعضَ الأحيان”

هذا سيناريو مُحتمَل لتَحصُل على موعد آخر.

جِد “لماذاك” ولَن تحتاجَ لتحفيز نفسك للعمل كلّ مرة، ولَن تحتاج لِتَشرح وجودك في سوق العمل. الناس ستشتري منكَ بسبب “لماذاك”. ثمّ “الماذا” هيَ الدليل المُثبِت لما تؤمن به. (لأنّكَ تُقدّمه على شكل منتج)

 

 

البارت الثالت: القائد يحتاج إلى تابعين

ينقسم القادة إلى قسمين: القائد المتلاعب ليحصل على ما يريد، والقائد الذي يبدأ والنهاية مرسومة في ذهنه، وهذا الشخص سيصل إليها طبيعيًا

 

نتبعُ من يقودوننا ليسَ من أجلهم، بل من أجلِ أنفُسنا – Simon Sinek

 

هنالكَ فرق بينَ القائد وبينَ مَن يقود. فالأول قد يكون مجرّد منصب ويسلطة، والثاني هوَ ما يريدُ اتّباعه الناس.

المدير التنفيذي بيثون قائد خطوط الطيران الجنوبية الغربية قادَ أكثر من ٤٠ ألف موظّف بدونِ أن يُرغمهم، بل هُم اتّبعوه. حرصَ على تطبيقْ ثقافة الشركة ورؤيتها بوضوح. جعلَ فوزَ الشركة يُصاحبه فوزَ الموظّفين. اعطى كُلّ موظّف ٦٥ دولار في حالة إكمال الشركة لِشَهرٍ كامل دونَ تأخُّر في وصول الطائرات. بالرغمِ من أنّ المكافئات تَصِل ل٢.٥ مليون دولار شهريًا، ولكنّها أنقَذت الشركة من ٥ مليون دولار في تكاليف تأخّر مواعيد الطائرات.

 

ثقافة الشركة هيَ القيَم والمبادئ ورؤيتها. وكيفَ يتصرّف الموظّفين بينَ بعضهم البعض. وللتبسيط أكثَر، فهذه القيَم مُجرّد تصرّفات يُحدّدها المسؤول لضمان بيئة مُشجّعة ومناسبة للعمل.

قالَ مؤسس الخطوط الجنوبية الغربية أنّهُ لا يوظّف بناءً على المهارة، بل بناءً على سلوكِ الموظّف. وكيفَ تعرِف سلوكه؟ إذا رأيتهُ شغوفًا حيالَ رسالة ومهمة الشركة. وبالطبع بعدَ فترته التجريبية. الشركات العظيمة لا توظّف الماهرين وتُحفزهم، بل توظّف المُتحفّزين والشغوفين وتطوّر مهاراتهم.

عندما تُعامل الشركة موظّفيها بطريقة ممتازة، تنعكِس النتائج على مُعاملة الموظّفين لعملاء الشركة بنفسِ الطريقة.

 

 

الكاريزما لا تساوي التحفيز

الكاريزما تعني الحضور القوي، ولكن القدرة على الإلهام مُختلفة. فالقائد المُلهم هوَ مَن يوضّح لماذا يفعل ما يفعل، ويَجعل الناس يؤمنون به. فالناس لا تَتّبع القائد ذو الشخصية القوية فقط، بل تَتّبع القائد الذي يملِك حُلمًا وهدفًا ورؤية واضحة، ولا يَطلب من الناس اتّباعه.

 

الشركة التي تدّعي اهتمامها برؤيتها واهتمامها بعملائها ثمّ تزيدُ الأسعار ولا تهتم بجودة المنتج؟ يفقد عملائها الثقة فيها. لأنّها قالَت شيئًا وفَعلت شيئًا مُختلفًا. الثقة لا تُفرض ولا تُشترى، بل تُبنى عندما يراكَ الناسُ ثابتًا على مبدأك “ولماذاك”. فلو قُلتَ شيئًا وفعلتَ شيئًا مُختلفًا؟ تنهار الثقة.

بإمكانك أن تشتري العميل بالخصومات ولكن ولاءه الحقيقي لا يأتي إلّا عندما يَشعُر أنّك تَفهمه وتُمثّله. الناس لا يتّبعوك “بماذا” تفعل، ولكن يتّبعونك “لماذا” تفعله. انظر لآبل، يتّبعها عملاء أولياء لأنّها وضّحت “لماذاها” وهيَ التمرّد والإبداع. عندما توَضّح للعلن رسالتك بكلّ شفافية، عندها ستَحصُل على عملاء يضحّونَ لأجلك ويقِفونَ في صفّك طالما توافقت رؤياكم.

اعرف “لماذا” تَفعل ما تفعل بوضوح، حدّد سببك ووجهتك، والناس هيَ من ستتبعك بدونِ إرغامهم. اتّخذ شيئًا ودافع عنه، واسعى إليه.

 

 

البارت الرابع: كيفية نَشر “لماذاك”

يتحدّث سايمون في هذا البارت عن كيفَ توصِل راسلتك وتبني حركة حولَ “لماذاك”, وكيفَ تُلهم الآخرين للإنضمام إليك ونشر رؤيتك من خلال الوضوح والثبات والتكرار.

 

ليسَ ستيف جوبز من جعلَ آبل تنجح، بل كانَ مُجرّد صاحب الرؤية، وزميله وزنياك هوَ المُنفّذ. هوَ الذي حوّل رؤية ستيف جوبز من مجرد حلم إلى واقع. فهوَ الذي يدير الفريق، ويخطّط للمهام اليومية، ويرأس المشاريع، ويضمن عملها. بينما صاحب الرؤية هوَ الذي يرى لماسافاتٍ بعيدة، ويفكّر خارج الصندوق. يعيشُ في المستقبل، ويحبّ الابتكار. ولو رأينا فوالت ديزني نجحَت بهذه الطريقة أيضًا. كانَ الأخ الأكبر روي هوَ المنفّذ وأخوهُ الأصغر والت هوَ صاحب الرؤية.

 

 

يقولُ سايمون أنّنا عندما نكتَشِف غيابَ “اللماذا” عندَ شركة، فتلقائيًا نُفكّر بأقلّ أسعار وأقلّ جودة وخدمات. بعكسِ الشركات التي تمتلك “لماذا”، فتلقائيًا نُبرّر أسعارهم الباهظة ونتصوّر أنّ منتجاتهم عالية الجودة. وذلِكَ بسبب أنّ لهُم “لماذا” يُحاربوا من أجلها. لو لَم تُثبت “ماذا تفعل” بما تؤمن به (لماذاك)، فستفقد ثقة جمهورك وتعود للمنافسة على السعر والخدمات العادية.

 

اللماذا تولّد الثقة العمياء

مارك روبين كانَ يقضي وقتًا سعيدًا مع فتاته ذات الخمسة أعوام صوفيا بعدَما أخذَت زوجته ابنتهم الثانيا لوسي لبيتِ صديقة من أجلِ موعدِ لَعب. بعدَ ساعاتٍ من اللعب مع صوفيا تَعِبَ مارك وأرادَ أنْ يَستلقي على الكنبة ويتفرّج شيئًا على التلفاز. فأخذَ ابنته لغرفتها بنيّة اختيار فلم كارتون لها لتشاهده. كانَ بينَ يده خيارين، فيلمان لَم يُشاهد أيًّا منهما ولا يَعرِف أيّهما أفضَل لابنته. الفيلمان موَجّهان لنفسِ العُمُر، وبنفسِ التقاييم، ولكن الشركة المنتجة كانت مختلفة لأحدِهما والثاني كانَ من إنتاج شركة ديزني. ماذا تعتقد اختارَ الأب مارك؟

 

ديزني لها مشاكلها الداخلية والإدارية. فأسهُمُها تَنخفض وترتفع، ومئات القضايا تُرفع ضدّها كلّ أسبوع. لكنّها حافظت على “لماذاها” لدرجة وثوق الأهالي بها بدونِ تردّد.

 

القائد وحده لا يكفي ليَنشُر “لماذا” الشركة وهدفها، لذا على بقية الأعضاء من موظّفين، ومدراء، ومؤسسين المشاركة أيضًا. فالرسالة توصل للعميل بشكل عاطفي، وإن لَمْ يرى إيمان الناس أولًا فكيفَ لهُ أن يؤمن بدونهم؟ احرص أن يَفهمَ من هُم معك “لماذا” أنتم تفعلونَ ما تفعلون، ومن هُم عملائكم، حتّى تَتَّضِح الصورة وتَقِلَّ الأسئلة.

 

 

البارت الخامس: التحدي الأكبر هوَ النجاح

سام والتون تعلّمَ مبكّرًا بعدَ التحاقه بفريق كرة القدم الأمريكية في الجامعة أنّ العمل الشاق والجاد يؤدّيان إلى النجاح. وتوفّى وترُك خلفه محلّات وصلَ عدَد زوّارها إلى ٤٠ مليون زائر أسبوعيًا، ومبيعات وصلتْ إلى ٤٤ مليار دولار سنويًا. “لماذاه” تمَحوَرت في توفير حياة اقتصادية لعملاءه ورواتب أكثر من معقولة لموظّفيه. واستمرَّ الحال في تقديمِ ما وعدَ به حتّى اليوم الذي غادَرَ فيه العالم. فأيًّا من أتى مِن بعده، لم يؤمِن بنفسِ ما آمن بهِ والتون. بعدَ بَضعة سنين ساءَت الأوضاع لدرجة مُحاربة بعد عمدات نيويورك لأسواق والمارت ومنعها من فتح فروع جديدة بسبب سُمعتهم السيئة في معاملة وتقديم رواتب لموظّفيها. تغيّرت “اللماذا” من المساعدة الصادقة إلى تخفيضِ سعرِ المنتجات بدونِ الاهتمام بالجودة.

 

فتحدّي الشركة الحقيقي هوَ ضدّ نفسها، وكيفَ تُحافظ على نفسِ المبادئ وتسعى لتوفير نفس ما عوّدتَ عليهِ عُملائها. ودونَ السماح بتغيير القيادة أو المالك أن يؤثّر عليها وعلى طريقة عملها وواجباتها تجاها موظّفيها وعملائها. فالنجاح في عالم البزنس يكمُن في البقاء والصمود ضدّ تقلُبات السوق، وأن تتكيّف مع المتغيّرات اللانهائية.

قالَ إيرل نايتينجل أنَّ النجاحَ هوَ في الفعل نفسه وليسَ في الإنجاز. فالشخص الذي يسعى كلّ يوم (بأفعاله) نحوَ هدفه الأسمى فهوَ ناجح بغضِّ النظر عن المكان الذي يتواجد فيه (في المقدّمة أو المؤخرة كان)

 

 

البارت السادس: اكتشف لماذاك

السؤال الحقيقي هوَ: كيفَ تكتشف “لماذاك”؟ في عالم مليء بالمنافسة، يُشعرك أنّ الفرصة تتَقلّص يومًا بعدَ يوم، وانضمامك للسباق يعني خسارتك قبلَ صفّارة الانطلاق. ليسَ من الضروري أن تَختَرِع العجلة، ولا أنْ تبدأ فيسبوك أو انستقرام المستقبل. اكتشاف “اللماذا” هوَ اكتشافك لما تؤمن به، وثمّ تؤمِن به في العلن وتُخبر الجميع برؤيتك وأهدافك لهذا العالم. أنتَ لستَ مُميّز، ولستَ النسخة الفريدة التي لا مثيلَ لها في هذا العالم. فهنالكَ الكثيرُ أمثالك، من يمتلكونَ نفسَ الاهتمامات ونفسَ الاعتقادات ونظرتهم كيفَ يكونُ العالم قد تكونُ تُشابه نظرتك بحدٍّ كبير.

 

 

شخصيًا لا أرى أنّكَ لَن تَنجح لو كُنتَ في بزنس بَيع السِّلَع، ولكن نجاحك سيكونُ أبهَر لو وجدتَ ما تُحارب لأجله. مثل:

  • لو كُنتَ طبيبَ أسنانٍ يؤمن بأنَّ العناية بالأسنان يجب أنْ تَكونَ أقلّ تكلفة، فتؤسّس شركة تسعى لتقديمِ خدماتٍ بجودة أعلى وتهتم برضى عُملائها من جميعِ النواحي
  • لو كُنتَ رائد أعمال يُساعد مَن مثلهُ ليتعلّموا بناءَ شركاتٍ بالطريقة الصحيحة ليخدموا المجتمع بالطريقة المناسبة
  • لو كُنتَي مؤمنة بمستحضرات التجميل الطبيعية التي لا تؤثّر على البشرة سلبًا في المدى البعيد
  • لو كُنتَ مُقدّم مُحتوى يُساعد المشاهدين في تغيير حياتهم بشكلٍ حقيقي وليسَ مُجرّد حشو لا داعٍ له
  • لو كُنتَ مؤمنًا بأنّ الرياضة في جماعات هوَ ما يُحمّس الناسَ ويُقرّبهم لبعضٍ أكثر

 

فأيُّ سببٍ حقيقيٍ تراهُ كفيلًا ليَصنَع فرقًا في حيواتِ الناس؟ والأهمُّ أنّهُ كفيلٌ لأجلِ أنْ يتْبعوه ويؤمنوا به؟ فاخرج وحارِب من أجله دونَ تردّد. فرسالتي وهدفي ولماذا أفعل ما أفعَل هوَ مساعدة الناس على التغيُّر للأفضل ومساعدة روّاد الأعمال في بناءِ شركاتهم وعلاماتهم التجارية على أكملِ وجه.

اكتشافك “للماذاك” في الحقيقة هوَ فقط الخروج والمحاربة لما آمنتَ بهِ بالفعل. جِد سببًا حقيقيًا أو مشكلة، ثُمَّ حُلَّ هذه المشكلة وقدّمها للعالم، واستمرَّ في فِعلِ ما تفعله، دونَ تغيير مبادئك، ووَضع العميل أولًا.

 

 

الخلاصة وكلمة معتصم

كتاب ابدأ بلماذا علّمني أنّ الوقود الذي يُقظني كلّ صباح ويدفعني للعمل هوَ “لماذا” أفعَل ما أفعَل أكثر من “كيفَ” أو “ماذا” أفعَل. جِد المحفّز الداخلي ورغبتك الحقيقية نحوَ عملٍ في هذا العالمِ يَصنعُ فرقًا. لا تسعى فقط خلفَ المال لأنّكَ لَن تَصِلَ إليه، فالمالُ كالقطة، لو ركضتَ خلفه سيهرب، ولكن لو أغريتهُ بعلبة التونة سيأتي راكضًا إليك.

انصَح بقراءة الكتاب لأنّهُ دَسِم أكثر من هذا التخليص ومليء بقصص الشركات التي نَجحت وفشَلَت بسبب “لماذاها”.

Mutasim Eltayeb

رائد الأعمال المدمن على خلقِ القيمة لأمثاله الساعين في تنمية ذاتهم وبناء أعمالهم الخاصة. هنا تجد كلّ ما يخصّ التنمية البشرية وبناء العادات والتسويق وكتب الأعمال، وبالإضافة إلى الفلسفة كدروعنا الخفيفة والصلبة.

2 Comments

Leave a Reply

Close Menu
لرائدي الأعمال وكلّ من يسعى لتطوير نفسه