“معظم ما يوجد في الكون – أفعالنا، وكل القوى والموارد والأفكار الأخرى – له قيمة قليلة ولا ينتج سوى القليل من النتائج. من ناحية أخرى، هناك عدد قليل من الأشياء التي تعمل بشكل رائع ولها تأثير هائل”
-ريتشارد كوش
قوّة الاختيار
لكلّ “نعم” هنالكَ عدد من ال ”لا” ترافقها. فمثلًا عندما تقبل العمل لعدّة ساعات إضافية، فأنتَ تقول “لا” للنادي، وتقول “لا” للخروج مع العائلة و “لا” لقراءة كتاب و “لا” لأشياءٍ كثيرة.
في الكتاب، قسّم كريج الناس لنوعين: الجوهريون واللاجوهريون. أيّ الأشخاص أنت؟ فالجوهريون هُم الذينَ يعرفونَ بالضبط ما هيَ الأِياء التي تتصدّر قائمة أولياتهم. ويهدف كريج لمساعدتنا في تحديد الأوقات والأماكن التي نوافق ونقولُ فيها “نعم” لنشاطٍ معيّن، ونقول “لا” للباقي. والطريقة هيَ أن نعرف أيّ الأنشطة والأعمال التي تدرّ علينا بأكبر فائدة، مقارنةً بالخياراتِ الأخرى.
في بداية الكتاب يذكر كريج موقف غيّر مجرى حياته. في اليومِ الذي كانتْ ستلدْ فيهِ زوجته، كانَ لدى كريج اجتماع مع عميل مهم. يقولْ كريج أنهُ يعرف ما كانَ يجب عليهِ أن يفعل، ولكن بتشجيعٍ من زميله، وتأكيد أهمّية الاجتماع وإخباره أنّ كلّ شيءٍ سيسير على ما يرام، اختار كريج التخلّف عن موعدِ ولادة طفله الأول. عندما حضرَ الاجتماع، تعجّبَ العميل بعدَ معرفته للحقيقة وقالَ له: “ما الذي تفعله هنا؟ زوجتك تلد ولا تكون بجانبها؟
يقع الكثير في خطأ مطاردة النجاح فقط وظنّهم أنهُ الشيء الصحيح حتّى يصطدموا بجدار مُفاجئ.
القسم الأول: استكشف
اهرب
جدْ مساحةً ووقتًا خاصّ بك. مكانُ للتفكير والقراءة والتصميم والتخطيط. وقتٌ تهربُ فيهِ عن العالم المزدحم. ثمّ اجلس مع نفسك وراجع حياتك وقائمة أهدافك التي تسعى إليها.
ابحث
احتفظ بدفتر يوميات أو جورنال تسجّل فيهِ حياتك اليومية وما يدور في عقلك. ابحث في حياتك عن كلّ الأشياء التي كانَ بإمكانك إنجازها وإكمالها ولكنْ موافقتك على القيام بأنشطةٍ أخرى هيَ التي سلبتها منك. كُن على دراية بأهدافك في الحياة وما يهمّ حقًا. اصنع قائمة من أهمّ ١٠ أشياء تريدُ إنجازها.
إلعب
ينوّه كريج على أنّ اللعبَ مفيد لعقولنا. حيثُ يتيحُ لنا الراحة والهروب من الضغط المستمر. ويتيحُ لنا رؤية العالم من منظورٍ مختلف. اللعب يكونُ سواءً بقضاءِ وقتٍ سعيد مع العائلة، أو اختراع ألعاب تلعبها مع إخوتك أو أطفالك.
نَمْ
“كل الأخطاء الكبرى التي ارتكبتها كانت نتيجة الحرمان من النوم.” – بيل كلينتون
استغرب من شخص ينام ل٤ أو ٥ ساعات ثم يعيش يومَ عملٍ طبيعي. قلّة النوم تؤدّي لإحساسٍ بالإنهاك طوالَ اليوم. وقلّة في التركيز وإنتاجية ضئيلة، بعكسِ النوم لمدّة ٨ ساعات وأكثر.
استيقظتُ قبلَ قليل بعدَ ٨ ساعات ونصف من الراحة التّامة، ويملأُني النشاط. يقولُ كريج، النوم لوقتٍ كافٍ يساعدنا في تحديدِ الأشياء غير المهمّة والتركيز على ما هوَ مهم.
اختَر
من بينِ القائمة التي جهّزتها، أحضرِ ال١٠ أهداف وامسح منهم ٨ أو ٩. وما تبقّى هوَ الشيء الأكثر أهمّية والذي سيصنع فارقًا في حياتك. الاختيار يكونُ “بنعم” مليئة بالحماس أو “لا” بشكلٍ مباشر. يعني إمّا الجواب يجب أن يُشعلك حماسًا أو أرفضه مباشرة.
مثلًا لديّ هدف تعلّم البرمجة، هل أشعر أنّ ما يخرج منّي نعم متحمّسة؟ لا. لديّ رغبة بتعلّم البرمجة ولكنّها ليستْ أهمّ ما يمكنني استثمارُ وقتي فيه.
القسم الثاني: استبعد
تذكّر أنكَ عندما ترفض طلبَ صديقك في الخروجِ معه، فأنتَ لا تقولُ لهُ هوَ شخصيًا “لا”، وإنما ترفضُ الطلب فقط. فلا تجعلهُ يفهمْ أنها مسألة شخصية.
الاستبعاد يكونُ في تقليلِ الأشياء الغير مهمّة شيئًا فشيئًا حتّى نصل ليومٍ مرتكز على القيامِ بما هوَ مهم. لاحظْ في حياتك اليومية واسأل نفسك، هل القيادة والوقوف في طابور لكوبِ قهوة يستحقّ ال٣٥ دقيقة من يومي؟ هل حضور كلّ الاجتماعات في الشركة، والمشاركة في كلّ المشاريع، مُثمرُ لوقتي؟ استبعدْ كلّ ما هوَ غير مهم، وركّز على الشيء ذا العائد الأكثر أهمّية.
يعرفُ من يقرأ كتاباتي كَم أحبُّ التشديد على أهمّية العادة اليومية. هل في يومِك عادات لا تعودُ لكَ بفائدة كبرى؟ انا سأبدأ. بعدَ التخلّص من تطبيقات السوشل ميديا لازلتُ أجد نفسي أشاهد ساعاتِ من المقاطع المختلفة على اليوتيوب، ورغم أنّ ٧٠ بالمائة منها مفيد. ولكنّي أنسى أنّ لديّ أشياءً أهمْ، ألا وهوَ الإنتاج وتقليل الاستهلاك.
أجدْ نفسي أشاهد فيديوهات عن تطوير الكتابة وأنسى الشيء الأهم! ألا وهوَ الكتابة نفسها! كنتُ أخدع نفسي أنّ ما أفعله هوَ شيء إنتاجي ولكنّهُ ليسَ بالضرورة صحيح. أُأَكّدُ لك، أنني نسيتُ أغلب الفيديوهات التي تفرجتها عن الكتابة. وأيقنتُ أنّ الطريقة المثلى للإحتراف هو الممارسة وليسَ الغرق في دائرة التعلّم اللانهائية لأنَّ هذا يسمّى Mental Masturbation.
كُن صارمًا قليلًا، استبعد الأنشطة التي تأخذْ وقتًا بدونِ عائد ملحوظ، وركّز على الأشياء الأكثر أهمّية.
طرق مختلفة لترفض طلبًا:
١- التوقّف المؤقت. عندما يطلب منكَ شخص ما شيئًا، توقف واصمت لمدة ٣ ثواني ثم أدلي بإجابتك. أولًا هذا سيوحي للطرف الآخر مدى جدّيتك في التفكير في طلبه. وثانيًا سيعطيكَ الوقت الكافي للتفكير قبلَ الرد مباشرة.
٢- لا، ولكن… (مثلًا: لا لن أخرج معك، ولكن زميلنا لديه الوقت الكافي لمرافقتك. لا ليس لديّ وقتٌ اليوم، ولكن لنحدّد موعدَ عشاءٍ آخر)
٣- “سأتأكد من جدول أعمالي أولًا ثمّ أردُّ عليك”
٤- استخدم الرد الآلي في الإيميل.
٥- قل: “موافق، ولكن أيّ مهمّة عليّ إلغائها؟”. تكونُ مفيدة عندما يطلب منك مديرك شغلًا إضافيًا.
٦- أرفض بطريقة طريفة أو كوميدية. (سيسعدني ذلك! ولكن على أطفالي طبخ وجبة العشاء لوحدهم!)
التعهّد
بعدَ الجلوس ومشاهدة ساعة كاملة من أصل ٣ ساعات، يلاحظ البعض أن الفلم الذي اختاروه ممل، ولا يستحق وقتهم ولكنّهم دفعوا تذاكر، لذا سيكملوا الفلم بالكامل.
هل وَقعتَ في مثلِ هذا الموقف؟ مثلَ بدء مشروع وبعدَ شهرين تكتشف أنهُ لا أملَ في نجاحه. البعضُ يُكمل ويتحجّجْ بالشهرين والجهدِ التي صبّها على المشروع. ولكنْ الطريقة الصحيحة هيَ أنهُ عندما تتأكّد أنَّ قطارَ الموتْ الذي تركبه يتجّه مباشرةً نحوَ الهاوية فاقفز منه وأنقذ نفسك ووقتك. فلا عيَبَ من الاعتراف بالاختيارات الخاطئة التي اتّخذناها.
ظللتُ أدرس الSEO لمدّة سنة ونصف حتّى اكتشفت أنّ هذا ليسَ الشيء الذي أنوي احترافه لباقي عمري بل هنالكَ اشياء ستعودُ عليّ بفائدة أكبر. لذا توقّفت وغيّرت مجالي.
القسم الثالث: نفّذ
اللاجوهريون يغصبونَ أنفسهم على العمل، مما يولّد الضغط النفسي وقلّة الكفاءة. في حينِ أنّ الجوهريون يصمّمونَ نظامَ عمل وبيئة تحفّز وتخلق روتينًا يساعدهم في الإنجاز بشكلٍ يومي. الجوهريون يضعونَ بينهم وبينَ الموعد النهائي ما يسمّيه المؤلّف بالBuffer. وهوَ المسافة الآمنة بينَ شيئين. يشبّههُ المؤلف بالمسافة التي بينَ سيارتك والسيارة التي أمامك. على المسافة أن تكونَ كافية في حالة زيادتك للسرعة لا شعوريًا أو ضغطِ السائق الأمامك لمكابح السيارة. نفس الشيء بالنسبةِ للمهام. يجب عليكَ حفظ وقتٍ كافٍ بينَ المهمّة وموعد انتهاء التسليم، تجنّبًا لحصول أي أقدار خارجية.
النظام
يتميّز الجوهريون بخلقهم لنظام عمل يساعدهم في جعل المهمّة روتينية مما يسهّل عليهم استخدام مساحات جديدة في عقلهم للتركيزِ على أشياءٍ أخرى. فالعادة والروتين لا تأخذ جهدًا من الدماغ. مما يجعلك تنجز أكثر من الشخص الذي لا يمتلك عادة إنجاز يومية. ولا تنسى التجهيز المبكّر لأعمالك.
الطرح
للحصول على المعرفة، أضف أشياء كل يوم. للحصول على الحكمة، اطرح أشياء كل يوم. – لاو تزو
“إن الإنسان الجوهري ينتج المزيد عن طريق إزالة المزيد بدلاً من القيام بالمزيد.”
كُن متيقّنا عن نيتك الجوهرية في العمل الذي تقوم به، ما الشيء الذي يمكن إزالته بدون التأثير على النتائج؟
الفوز الصغير والروتين
ابدأ بأصغر ما يمكنك ثمّ زد شيئًا فشيئًا ومع الأيام سترى ثمارَ عملك. اصنع فوزًا صغيرًا كلّ مرة وتسلّقهم لتصل للفوزِ الأكبر. بدأتْ رحلتي في البوش أب اليومي ب٧٥ بوش أب مقسّمة على اليوم كامل. حتّى وصلت إلى ٨٠٠ بوش أب في اليومِ الواحد ولكنِ الفترة الأخيرة استوعبت أنّ الهدف كانَ كبيرًا لذا عدتُ لطريقة الفوز الصغير. ٣٠٠ بوش أب في اليوم وكلّ ٣ أشهر أزيد ٥٠ بوش أب حتّى تُبنى عادة يومية لبقيّة حياتي إن شاءَ المولى. الروتين في الرجل الذكي دليل على الطموح. – دبليو اتش أودين
تصميم روتين يومي يميّزك بتغيير إعدادات حياتك اليومية في عقلك ويجعل ما هوَ جوهري أمر اعتيادي ويومي. والعادة تسهّل من العمل اليومي مهما كانَ صعبًا.
التركيز
يركّز الجوهريون على اللحظة الحالية ويتركونَ القلق بعيدًا لألّا يؤثّر على عملهم. بعكسِ اللاجوهريين والذينَ يسرحونَ في ما هوَ مهم بالأمس أو الغد. اللحظة الحالية هي كلّ ما نملك، اجعلها تستحقّ تعبك.
الحياة متاحة فقط في اللحظة الحالية. إذا تخليت عن اللحظة الحالية فلن تتمكن من عيش لحظات حياتك اليومية بعمق. — تيش نات هانه
لا يوجدْ بحوثات تؤكّد فعالية العمل في مهام مختلفة في نفسِ الوقت. العقل لا يستطيع التركيز على أكثر من شيء والتشتّت يؤدّي إلى نتائج مقبولة بعكسِ التركيز على شيءٍ واحد. ما هيَ أولوياتك؟ وما هوَ الشيء الأكثر أهمّية في حياتك الآن وفي هذه اللحظة. ركّز عليه واترك الباقي ذوَ العائد القليل.
الخلاصة وكلمة معتصم
أهمَ ما قاله كريج في كتابه هوَ عندما تتوقف عن قولِ نعم لكلّ شيء وتركّز على ما هوَ حقًا مهم، عندها ستبدأ في المساهمة بشكلٍ كبير في إنجازِ ما تسعى إليه.
باختصارٍ شديد. ما هوَ الشيء الجوهري في حياتك؟
الشيء الأهم هوَ إنجاز الشيء الأهم.
كُن صعبَ الإرضاء في ما يتعلّق بحياتك. أقصد من الناحية التي تقضي وقتك في العمل. ومن تجالس. لا تختلط وتشغل نفسك مع كلّ شخص يطلب منكَ مرافقته أو العملَ معه في شيء لن يعودَ لكَ بالشيء الجوهري الذي تسعى إليه. من بينِ ال٢٠ مهمّة والواجبات المختلفة، هنالكَ واحدة أو اثنتان تحملان المعنى الجوهري بالنسبة لك.
اكتشفت أنّ تطوير المهارات يعتمد على التركيز على شيء أكثر من الباقي. اخترت الكتابة لأنّها تقريبًا تدخل في كلّ شيء أخر. تدخل في كتابة محتوى التسويق. وفي محتوى الفيديوهات. والكتابة مفيدة في ترتيب الأفكار وتساعد في التحدّث والمخاطبة، والأهمّ أنها طريقة مثالية للتعليم. فكما ترى أنا لا أعلّمك فقط، أنا أُعلّم نفسي بتكرار المعلومات كتابيًا، بدلًا من قرائتها فحسب. لهذا صنعتُ لنفسي روتينَ كتابة يومي، والحقيقة لا أعلم كم سيتطلّب منّي احتراف الكتابة ولكنّني مستمتع بالرحلة، ولا أملكُ مكان أو نقطة معيّنة أريدُ أن أتوقّف عندها، بل بالعكس، سأستمر فيها بإذن الله طالما حييت.
الكتاب يشابه لكتاب الشيء الواحد في نقاطٍ كثيرة والأهم هو التركيز على الشيء الأهم. أنصح بقرائته.