Skip to main content

هذا الكتاب (من واقع تجربة) سيعلّمك (ولا ينحصر على) التالي:

  • اكتساب رؤى وأفكارٍ جديدة
  • تكوين صداقات بسلاسة
  • زِد من شعبيتك
  • اكسَبْ الآخرين إلى طريقة تفكيرك
  • النظر إلى الموقف من عينيّ الطرف الآخر
  • تعامل مع الشكاوى وتجنّب الخلافات وحافظ على علاقاتك مع من حولك
  • كن متحدثًا أفضل ومستمع جيّد ومحاور ممتع
  • اشعل الحماسة في الآخرين

 

كتاب كيف تكسب الأصدقاء وتؤثّر في الناس من الكتب القريبة لقلبي، لأنّني اتذكّر بوضوح عندَ قرائتي له أول مرة في عام ٢٠٢٢ (عقدت العزم أن أعيد قرأته مرّة كل ستة شهور) أُذْهلتُ بما كانَ حاضرًا على الدوام ولكن غائبًا عنّي. من بعدها تغيّرت معاملتي مع كلّ بشري أعرفه، وبدأتُ ألاحظ ما يريدهُ الناسَ من بينَ سطورِ كلامهم. وكيفية الاستماع إلى الآخرين وأنهُ لا يوجد شخصٌ على خطأ (كلّن على حق من وجهة نظره) وكيفَ تُبرز الحقائق بدونِ الإساءة لمن هوَ أمامك. هذا التلخيص سيكون طويل ولكنّهُ لا يكفي أبدًا لنقل الفائدة الكاملة من كتاب كارنيجي الذي ظلّ ١٥ عامًا يبحث حتّى أحضرَ لنا النسخة النهائية، عمرُ الكتاب يقارب المائة عام من تاريخ اليوم.

 

 

القسم الأول: الأساليب الأساسية في التعامل مع الناس

أتَتَّهِمُني أنا؟ أتقولُ أنّني مُخطئ؟؟

 

سأشيرُ على اسمه بالترجمة الحرفية وهو ذو المسدّسين (Two Guns). وحتّى عام ١٩٣١، ذو المسدّسين ذو ال١٩ ربيعًا كانَ أخطر مجرم عرفته مدينة نيويورك. القاتل الذيَ قتل شرطيًا لمجرّد سؤاله عن بطاقة هويّته.

 

حوصر ذو المسدّسين من قِبل أكثر من ٣٠٠ ضابط شرطة ومحقق حول شقّته في غرب نيويورك في شهر مايو من سنة ١٩٣١، وجاءَ أكثر من ١٥ ألف متفرّج للمشهدِ الأخير، تبادل الطلقات بينَ الجريمة والعدل. كانَ ذو المسدّسين وبعدَ إصابته بأربع طلقات يقضي أخر لحظاته في كتابة رسالة والدمُ يتقطّر عليها، يقولُ فيها: “لمن يهمّه الأمر، تحت معطفي هذا يوجد قلبٌ مُتْعب، لكنه قلبٌ طيب – قلبٌ لا يضرٌّ أحدًا.”

هذا مجرم، هذا قاتل لَم يعرفِ الرحمة.

 

في يومِ إعدام ذو المسدّسين، وعندما أُرسلَ للكرسي الكهربائي، ماذا تظنّ أخر كلماته كانتْ؟ “أنا أسف”؟ “أنا مخطئ”؟ “أنا أعتذر لكلّ الأرواح التي أزهقتها”؟ لا ولا ولا!

ذو المسدّسين وبكلّ نبرةٍ واثقة قال: “أهذا ما أتلقّاهُ للدفاعِ عنْ نفسي؟”.

ربما لم تستوعب نقطتي بعد، لذا سأكررها بوضوحٍ أكثر. ذو المسدّسين الذينَ أدخلَ الرعبَ في أرواحِ سكّان نيويورك الابرياء وخرجَ وراءه المئات من أفراد السلطات والذي أُتّهِمَ بالقتل وسرقة بنوك وسيارات.

ذو المسدّسين وبكلّ نبرةٍ واثقة قال: “أهذا ما أتلقّاهُ للدفاعِ عنْ نفسي؟”.

تصرّف غريب من قِبل مجرم؟ تابع.

 

الكابون قال: “لقد قضيت أفضل سنوات حياتي في تقديم الملذات للناس، ومساعدتهم على قضاء وقت ممتع، وكل ما حصلت عليه هو الإساءة، وثمّ أصبحتُ رجلًا مطاردًا.”

كلامٌ يخرج من فمِ الكابون، المجرم ذو السيطِ الاسوء في مدينة شيكاقو والذي انغمس في تجارة المخدرات والدعارة والسطو والسرقة.

 

وبكلِّ سرورٍ، سيجيبك المجرم اذا سألتهُ عن فعلته الشنيعة أو لمَ تعدّى على غيره بإجابةٍ يظنّها الحقّ. سيبرّر كيفَ أن سحب الزناد كانَ هو الحلّ الوحيد، أو أنّ السيارة التي سرقها كانَ لابدّ من سرقتها. سيبرّر عن قتلهِ لجاره بدمٍ بارد وبأسباب يظنّها منطقية وكفيلة لتعطيه الضوء الأخضر.

هؤلاء قومٌ خلف القضبان يدّعونَ البراءةَ من جرائمهم، فما ظنّك بي وبك وبمن حولك؟

 

 

قالَ جون واناميكر: “قبلَ ثلاثينَ عامًا اكتشفتُ أنّهُ من الغباء أن توبّخ أحدًا. لقد واجهت ما يكفي من المتاعب في التغلب على حدودي الخاصة دون أن أشعر بالقلق إزاء حقيقة أن الله لم ير أنه من المناسب توزيع هبة الذكاء بالتساوي.”

تسعة وتسعون بالمائة، لن ينتقدَ الناسُ أنفسهم إذا ما اخطئوا. بل سيلقون اللّومَ حتّى على ابسط الاشياء، إن لم يجدوا مخرجًا.

 

لَم أنسى الطريق، بلْ أنتَ من لا يعرف القيادة!

في موقف طريف يحكي لنا مثالًا كيفَ أنّ الطبيعة البشرية لن ترضى توجيهَ أصابعَ الإتّهام عليها أنّها المخطئة. تدور القصّة قبلَ بضعة سنين وفي أحد أيام عيدِ الأضحى المبارك في مدينة الرياض وعندما أوكِلتْ مهمّة إحضار اللحم لابن خالي محمد القاسم (قائد السيارة) وابن خالتي أبوبكر النعمة (المرافق). خرجَ الاثنانِ بنيّة إحضار اللحم من منطقة الدرعية، ثمّ أخذه إلى حيثُ تجتمع العائلة الكريمة في مكان يبعد ربع إلى ثلث ساعة. في الطبيعي، نستخدم قوقل مابز لإرشادنا للموقع ولكنْ الأخ أبوبكر كانَ واثقًا أنهُ يعرف الطريقَ جيّدًا، فلم يعترض ابن خالي محمّد واتّبعَ إرشادات ابوبكر حتّى يوصلهم للوجهة.

مرّت اكثر من ٣٠ دقيقة ولم يصلوا بعد. استسلم ابوبكر وقرّر الاستعانة بقوقل مابز ولكنّ محمدْ قالَ بكلّ صرامة لأبوبكر “إنّكَ قلتَ بنفسك أنّ الطريقَ محفورٌ في ذاكرتك وأنّك ستوصلنا لذا ستبقى على عهدك ولن نستعين بقوقل مابز حتّى نصل”.

 

بدأ ابوبكر يعيد حساباته ويقولُ “أنّ الطريقَ كانَ هنا ولكنّك يا محمد تقودُ بسرعة لذا فوّتنا المخرج”. محمدُ لم يقل شيئًا بل اتّبعَ تعليمات ابوبكر بحذافيرها وظلّوا يقودوا لمدّة ساعة ونص بدونِ الوصول لوجهتهم. في الجهةِ الأخرى ينتظرهم أفراد العائلة لإحضار اللحم لأنَّ هذا ما تبقّى وهذا هوَ أهمّ شيء.

في نهاية الأمر، وصلا للموقع وطبعًا بمساعدة الصديق قوقل مابز.

 

الجميل في الأمرُ أنهُ وحتّى اليوم إن سألتَ ابوبكر فلن يقولَ أنهُ على خطأ، بل سيلقي اللومَ على عوامل خارجية أدّتْ لضياعهم. (لن يقولَ أنهُ نسى الطريق أبدًا)

هل ابوبكر مخطئ؟ ربما. ولكنّنا وبدونِ استثناء نقع في مثلِ خطأه. نحنُ البشر لا نعترف بأخطائنا لأنّ اعترافك بالخطأ سيضعف من الآنّا الداخلية وتقدير الذات. وكلّ ردّات فعلك الدفاعية عندما يتّهمكَ شخصٌ ما تكونُ أوتوماتيكية وبدونْ تفكير منك.

 

في المرة القادمة التي تكونُ على خطأ أريدك أنْ تركّز في تبريرك، أهوَ حقيقي؟

هل تأخّرتَ بسبب زحمة الطريق ام تكاسلك في الخروج مبكّرًا؟
هل فشل استثمارك لأنّ السوق هو السبب؟ أمْ أنّك لم تأخذُ الوقت الكافي لدراسة المشروع؟

 

 

التوبيخ والنقد طريقٌ مسدود

كما قالَ واناميكر أن التوبيخ من اغبى الاشياء لأنّهُ لا يأتي بنتائج مرضية. عندما توبّخ شخصًا، فأنتَ تعتقد أنّك توبّخ الفعل ولكنّهُ يرى التوبيخ يهاجمه شخصيًا ويقلّل من تقديره بنفسه. مهما كانَ من وبّخت فسيشعر بالازدراء تجاهك ولو قليلًا وسيتذكّرها ويكررها لنفسه حتّى إنْ نسيتها أنتْ.

 

جورج جونستون مسؤول السلامة في شركة هندسية كانَ يوبّخ ويصرخ في العمّال الذينَ لا يرتدون خوَذ الحماية ويذكّرهم بالقوانين والإرشادات وبمجرد رحيله يخلعُ العمال خوَذهم ويكملوا العمل. رأى أنّ الأمرَ بلا فائدة فقرر تغيير أسلوبه. هذه المرة عندما أتى للعمال وبصوتِ هادئ بدأ يخبرهم أنّ الخوَذ صُمّمت لسلامتهم من حوادث موقع الانشاء، والأفضل أن يرتدوها على الدوام. النتيجة؟ قَبِلَ العمّال بصدر رحب لأنّهم شعروا باهتمامِ جورج لسلامتهم.

 

قال الصيني كونفيشوس: “لا تتذمّر على الثلج الموجود على سطح جارك، وسطحُكَ ليسَ نظيف”.

ذكّرْ نفسك على الدوام أنّ البشر الذين تتعامل معهم ليسوا مخلوقات يبنونَ على المنطق، وإنّما هم كتلة تتصرف بناءً على مشاعرها وعواطفها. إنْ أردّتَ أنْ توبّخ أي شخص، توقف لوهلة وانظر لنفسك، هل أنتَ معصومٌ من الخطأ؟ هل أنتَ ملاك مقارنةً بمن أمامك؟ التوبيخ سيولّد الضغينة التي قد تستمر لسنين.

 

النقدْ قادَ المؤلّف الأمريكي الحسّاس توماس هاردي للانتحار.

قالَ بينجامين فرانكلين: “لن أتحدّث بسوء عن أيّ رجل، بل بالطّيبْ الذي أعرفه عن كلّ الرجال”

التوبيخ سهل جدًّا، أيّ شخص سيحترفه. لكن السيطرة على النفس تتطلب رجل حكيم. قال كيرليل: “يُظهر الرجل العظيم عظمته في الطريقة التي يعامل فيها الرجال الأقلْ قدرًا منه”

 

بوب هوفير نجح في الهبوط بطائرة توقّفَ محركيها بعد ٣٠٠ قدم من الاقلاع. الطائرة تضررت وكاد الركاب الثلاثة أنْ يفقدون حياتهم، والسبب كان أنّ المسؤول ملأ وقود الطائرات النفّاثة في طائرة تعمل بالقازولين. عندما عاد بوب ليلتقي بالمسؤول الشاب وجَدَهُ والدموعُ منهمرة منه، فبسببه وحده تضرر محرّك الطائرة وكاد أن يؤدي بحياة من عليها. بوب وضع يده على كتفه وقال: “لأريكَ أنني متأكد أنّك لن تكرر الخطأ مجددًا، ستكونُ أنتَ من يملأ طائرتي الF-51 بالوقود غدًا”

من منّا ستكونُ ردّة فعله المثل؟

 

لنتذكّر سويًا قبلَ أن نوبّخ وننتقد ونشكو، أن نرى الأمرَ من وجهة نظر الأخرينْ ونفهمهم. هذا يولّد التعاطف والطيبة. قال الدكتور جونسون: “أنّ الله لا يحكم على شخص حتّى يأتي يومه” فلماذا نحكم أنا وأنت عليهم*”؟*

المبدأ الأول: لا توبّخ ولا تنتقد ولا تشكو

 

 

لن ترغمَ شخصًا إنْ لم يُرِدْ هوَ

لا يمكنكَ إرغامُ أيّ شخص على فعل أي شيء إلّا إن كانتْ رغبته فيه أو أرادَ فعل الشيء. بالطبعِ تستطيع بمسدس، أو سكّينًا حولَ رقبته. لكنْ هذه ليستْ الطريقة الحسنة.

 

ماذا يريد بنو البشر؟

  • الصحة،
  • الأكل،
  • الجماع،
  • النوم،
  • المال وما يشتريه المال،
  • الصحة والحياة الجيدة للأولاد،
  • والشعور بالأهمّية.

 

الشعور بالأهمّية والعظمة من الأشياء العميقة التي يحتاجها الإنسان. “التقدير” يقول جيمس ويليامس أنهُ ما يتوقُ لهُ الشخص وبشدّة. بدونهِ والرغّبة في الحصول عليه، لن تتطوّر حضاراتنا على ماهيَ عليه. إنّها الرغبة بشعورِ الأهمّية التي تجعلك تشتري أخر إصدار هاتف وأحدث سيّارة وترتدي مثلما أرادت الموضة. والرغبة في تقدير الناسِ لنا عندَ التحدّث عن ذكاءِ أطفالنا وتفوقهم وإنجازاتنا في العمل والحياة.

الشخص الذي يتبرّع بالملايين لبناء المستشفيات ورعاية الفقراء والمجرم الذي يعثو في الأرضِ فسادًا يختلفان في مصدرٍ شعورهم بالأهمّية. فالأولُ بمساعدة الآخرين والثاني بعدد الأعينْ التي تراقبه.

 

أصرّ كولومبوس على تلقيبه ب“أميرال المحيط ونائب الملك في الهند.” ورفضت كاترين العظيمة بفتح أي رسائل ليسَ مكتوبُ فيها: “إلى جلالتها الإمبراطورة”.

 

في الثلاثينيات من القرن الماضي تشارلز شواب كانَ رئيس شركة الحديد التابعة لروك فيلر وكان مرتّبه مليون دولار في السنة، أي ما يعادل ١٩ مليون دولار في يومنا هذا. وكانَ يقبض هذا الراتب لأنه يجيد التعامل مع الموظفين في الشركة. كانَ يعرف كيفَ يُخرج أفضل ما فيهم بتقديرهم ومدحهم وجعلهم يشعروا بالأهمّية.

 

لنبدأ بمن حولنا. اشكُر من يطبخ في بيتك وقدّر تعبهم. قدّر جهدَ زوجتك أو أمّك أو اختك في الاهتمام بأمورِ المنزل وأرهم مدى اهتمامك. أشعرهم بأهمّيتهم في حياتك، وأنّكَ لستَ جبلَ ثلجٍ خالٍ من المشاعر. تجنّب المجاملة الواهية وغير الصادقة، فسيلحظها الطرف الأخر. كُن صادقًا في تقديرك واجعل من أمامك يشعر بالأهمّية وسيردّد كلماتك لنفسه على مرّ السنين.

المبدأ الثاني: قدّر بصدق

 

 

من يستطيع القيام بذلك، يكون العالم كله معه

لتوثّر في الناس، اعرفَ ماذا يريدونْ. أهذا سهل؟ ليسَ بالتحديد. فكما ترى، نقضي ٩٠ بالمائة من وقتنا نفكر وبنسبة ٩٠ بالمائة في أنفسنا.

 

في الصف الثاني ثانوي وقبلَ أنْ يصبح صديقي، لاحظتُ أنّ شادي منعزل (على الأقل عنّي)، لأنّنا لسنا اصدقاء مباشرة. لذا وفي مرّة، وعندما تجهزّنا لصلاة الظهر، ذهبتُ وجلست بقرب شادي وبعدَ أنْ سلّمتُ عليه بدأتُ في التحدّث عن انمي ون بيس (لأنّي اعرف أنهُ يحبّه) وعن الحلقة الأخيرة التي نزلت هذا الأسبوع. ردّ عليّ بحماس وظللنا نتناقش عن أحداثها واصبحت علاقتنا أقرب منذ يومها.

الناسُ تحبّ الحديثْ عن اهتماماتها ولو لاحظت، ستجدْ أنّ الشخصَ لا يملّ عن الحديثِ عنْ فريقه المفضّل أو لعبته المفضلة أو أيًّا كانْ ما يحبّه.

 

إن كانَ ابنك يدخّن، فلا تأتيه وتنصحه من بابِ الصحّة ،وأن التدخين مضر. بل أره أنّ التدخينَ سيضيّع عليه فرصة الالتحاق بفريق كرة قدم المدرسة أو الجامعة. كلّمهُ عن اهتماماتهِ هوَ، والاشياء التي ستضيع من بينِ يديه بسبب عادة سيئة.

 

كلّ فِعلْ فعلته منذ ولادتك كانَ لأنّكَ أردتَ فعله. وعندما تتفاوض مع شخص، أبْرِزْ الحقائق وما تسعى إليهِ مغلفةً داخلَ اهتماماته.

يحكي كارنيجي قصتهُ مع مدير الفندق الذي أرادَ رفعَ إيجار السكن عليه. فذهب ليتفاوض معه. أحضرَ ورقة وقسّمها لقسمين. قسم المميزات وقسم العيوب.

تحت المزايا للفندق كتب:

  • القاعة ستكون متاحة للإيجار. (كارنيجي يستأجر منهم القاعة ليقيم فيها سلسلة محاضرات لمدّة ٢٠ يوم). وإنْ لم يكن موجود، فسيتيح لهم إيجارها على غيره. سيخسر الفندق القليلَ من المال إذا ما غادر كارنيجي.

وكتبَ تحت قسم العيوب والخسائر للفندق:

  • أولاً، ستخسرون سعر الإيجار الذي أدفعهُ لكَم الآن.
  • ثانيًا، محاضراتي التي أُلقيها في الفندق تجذب الكثيرَ من المتعلمين ورجال الأعمال. أُناسٌ لن تستطيعوا جذبهم ليأتوا ويروا فندقكم ولو أعلنتم ب١٠٠ ألف دولار.

النتيجة؟ نجح كارنيجي في المحافظة على غرفته بدون زيادة كبيرة في السعر. فعلها وبدونْ التحدّث عن ما ارادَ كارنيجي، بل تحدّثَ عن العوائد للفندق فقط.

تذكر: “أولاً، قم بإثارة رغبة قوية في الشخص الآخر. ومن يستطيع القيام بذلك، يكون العالم كله معه. ومن لا يستطيع ذلك، يمشي وحيدًا.”

المبدأ الثالث: قم بإثارة رغبة قوية في الشخص الآخر

 

 

القسم الأول: لأساليب الأساسية في التعامل مع الناس:

المبدأ الأول: لا توبّخ ولا تنتقد ولا تشكو

المبدأ الثاني: قدّر بصدق

المبدأ الثالث: قم بإثارة رغبة قوية في الشخص الآخر

 

 

القسم الثاني: طٌرُقْ لجعلِ الناس تُعجبْ بك

السرّ ليُرحّبْ بكْ في كلّ مكان

بإمكانكَ تكوينْ صداقات خلال شهرين باهتمامِك بالآخرين أكثر من ما ستكوّنه خلال سنتين بإثارتك لاهتمام الناس بك.

في دراسة قامتْ بها شركة نيويورك الهاتفية، اكتشفت أنّ كلمة “أنا” تكرّرت ٣٩٠٠ مرة خلال ٥٠٠ محادثة هاتفية.

 

لو ظللنا نحاول إثارة اهتمام الناس بنا فلن نجدَ اصدقاءً حقيقيين وصادقين.

الألماني قيصر وفي نهاية الحرب العالمية الأولى هربَ إلى هولاند لينجو بحياته. الشعب الألماني في المقابل كانَ غاضبًا. يتمنّون نهايته. لو كانَ بيدهم لقطّعوا أطرافه، إلّا طفلٌ صغير. كتبَ هذا الطفل الصغير رسالةً صادقة مليئة بالامتنان والطيبة يقولُ فيها: “لا يهمّهُ ما يظنّ الآخرون، لأنّ قيصر سيظل إمبراطوره المفضّل”.

فدعاهُ قيصر وتزوّجَ أمّهُ بسبِبِ اهتمّامِ الطفل الصغير به.

 

أميرُ ويلس سافرَ لجنوب أمريكا ليلقيَ خطابًا على شعبها. وقبلَ سفره، درس اللغة الاسبانية ونجحَ في إلقاء الخطاب بلغتهم وليسَ بلغته. أحبّوهُ الشعب لاهتمامهِ بثقافتهم ورغبته في التحدّث مباشرة إلى قلوبهم.

يقولْ كارنيجي أنهُ كانَ يسجّل تواريخ ميلاد اصدقائه دونَ علمهم. وعندما يأتي يومِ ميلادهم، يكونُ هوَ الوحيد من تذكّرَ وأرسلَ بطاقة معايدة. كارنيجي اهتمّ حقًا بأصدقائه.

 

لتَكسبَ اصدقاءً أكثر، القي التحيةَ بحماسةٍ أكبر عندما تلتقي بأحدٍ ما. أرهِ شدّة فرحك لمجرّد رؤيته. أجِبْ على الهاتف بنبرةِ صوتٍ حيوية ومليئة بالحماس، لدرجة تُشعِر الطرف الآخر بمدى سعادتك عندَ مهاتفته.

كانَ في صفّ كارنيجي الذي يتحدّث عن كيف تكسب الأصدقاء وتؤثّر في الناس، رجلَ أعمال من فيليدالفيا يسمّى كانفيل. عبّرَ كانفيل عن شدّة استياءه من سلاسل المتاجر وأنّ منظماتهم لا تخدم البشرية في أيْ شيء. السبب في كرهه لها، هو أنّ كانفيل حاولَ لسنينٍ عديدة بيعِ وقود لأصحابِ هذه السلاسل ولم ينجح.

اقترح كارنيجي مسابقة محاورة عن ما اذا كانت سلاسل المتاجر تَعودُ بفائدة على البشرية أم لا. وجعلَ كانفيل يدافعُ عن هذه السلاسل رغمَ كرهِهِ لها.

كانفيل لا يعرفُ شيئًا عن هذه السلاسل، فحلّه الوحيد هوَ الاستعانة بخبير. ذهبَ كانفيل سريعًا لمقابلة أحدِ مدراء هذه السلاسل وعندَ مقابلته قال: “أنا لستُ هنا لأبيعَ لكَ وقود، أريدُ منكَ خدمة. دقيقةً من وقتك تشرحُ لي فيهاَ خدمة سلاسل المتاجر لأنّ لديّ محاورة أدافعُ فيها عنكم”. أُذهِلَ المدير وطلبَ منهُ الدخول. يقولُ كانفيل أنّهُ طلبَ دقيقةً واحدة فقط، ولكنْ المدير وبعيونٍ متوهّجة، ظلّ يتكلّم لمدة ساعة و٤٥ دقيقة يحكي فيها عن خدماتِ سلاسل المتاجر، وإيمانهُ العميق بمدى الفائدة التي تقدّمها للبشرية. ثمّ أحضرَ مديرًا قد ألّفَ كتاب عن سلاسل المتاجر. وشخصًا أخرَ أتى بملف جاهز يساعدُ كانفيل في حواره. خرجَ المدير ويدهُ على كتف كانفيل يتمنّى لهُ حظًّا طيّبًا ويترقّب النتائج. ثم قال أخيرًا: “لنلتقي مرةً أخرى في فصل الربيع، أريدُ أن اطلُبَ منكَ طلبية وقود”.

يقولُ كانفيل في طريقِ عودته، لمْ يصدّق ما يحدث، وكأنّها معجزة. لمْ يعرض كانفيل بيعَ الوقودْ ولكنّها كانت رغبة المدير بنفسه.

كانفيلْ حصلَ على ما يريدْ وأكثر. لأنهُ اظهرَ اهتمامه بعملِ المديرِ ومن معه، فأثارَ ذلكَ حماستهم. تُحبٌّ الناسْ من يهتمٌّ بها بصدق، لأنّ هذا يُشْعرهمْ بالأهمّية.

إنْ اردنا كسب الاصدقاء، لنقدّم لهم مساعداتْ تطلّب عدم غرور، وتضحية شخصية، من وقتٍ وطاقةٍ وخبرة. لا يمكنك خداعُ أحدْ بالتظاهرْ بأنّكَ مهتمٌّ به.

المبدأ الأوّل: اهتمّ بالأخرين وبصدق.

 

 

اجعل الانطباع الأول فريد، بابتسامة

يقول تشارلز شواب أن الافعال أقوى من الكلمات وأنّ الابتسامة تقول للطرف الآخر: “أنا معجبٌ بك. أنتَ تجعلني سعيدًا. أنا ممتنّ للقائك”.

 

يقولُ ويليام ستينهارت أنهُ متزوّج منذ ١٨ سنة ولو تحدّثَ عن خبرته مع الابتسام فليسَت كثيرة كغالبية الناس. ستينهارت يستيقظ ويجهز ويخرج للعمل ولا يخاطب زوجته إلّا مراتٍ قليلة. فأخذَ بنصيحة كارنيجي وبدأ بالابتسام كلّ يوم وفي وجهِ كلّ شخص. يقولُ عندما جلسَ على طاولةِ الافطار، نظر لزوجته ولأولّ مرة قال” “صباح الخير” بابتسامةٍ عريضة، صُدِمتْ المسكينة. كيفَ لزوجها ذو الوجهِ العبوس أن يتغيّر في يومٍ وليلة. أخبرها أن تتوقع مثلَ هذا التصرّف كلّ يوم.

ستينهارت استمرّ في توزيع الابتسامات على كلّ من مرَّ عليهم، في عمله وحتّى في المطعم. يقولُ علاقاتي مع الناس والزملاء تحسّنتْ بشكلٍ كبير والسعادة ملأت بيتي خلال شهرين فقط أكثر من سعادتنا في السنة الفائتة كلها.

 

الجميلُ في الأمر أنكَ لا تحتاج لتشعرَ بسعادة حتّى تبتسم. الآن، جرّب أن تبتسم. اغصب نفسكَ على الابتسامة وتصرّف على أنّكَ سعيد. دندن أو ارقص لتولّد شعور البهجة. السعادة ليستْ خارجية، وإنّما هيَ داخلية. السعادة ما هيَ إلّا القصص التي نخبرُ بها أنفسنا.

شخصانِ يعملانِ نفسَ الوظيفة بنفس الراتب فالأول سعيد والثاني تعيس. لماذا؟ عقليتهم وتفكيرهم حولَ حياتهم هو ما يقرّر تعاستهم أو سعادتهم.

 

هناكَ مقولة صينية تقول: “الرجلُ الذي لا يبتسم، لا يجب أن يفتح متجر”.

الابتسامة لا تكلّف شيئًا وتصنع الكثير. إنّها تُسعدُ من يستقبلها بدونِ أن تُكلّف على معطيها.

المبدأ الثاني: ابتسم.

 

 

ناديني باسمي

ملكَ الحديد أندرو كارنيجي كانَ لديه مئاتِ الموظفين الذينَ يعملونَ تحتَ شركته ويعرفونَ عن الحديد أكثر من ما يعرف عنه هو. سرّ نجاحه يكمنْ في أنهُ احترفَ التعامل مع الناس وهذا ما جعلَهُ من أغنى أغنياء زمانه.

 

اكتشفَ أندرو أهمّية اسمِ الشخص لنفسه في عمرٍ صغير. عندما كانَ في العاشرة من العمر، ولدت الأرنب التي امتلكها مجموعة من الأرانب ولكن لم يملك ما يطعمها وصغارها. فكّر أندرو في حيلة: جمّعَ أولادَ الحي وقالَ لهم أحضروا الطعام للأرانب وسأُسمّي كلّ واحد منهم بأساميكم. ركضَ الاطفال للبحثِ وإحضار الطعامِ للأرانب.

منذ يومها ادرك أندرو أهمّية اسم الشخص لنفسه. في السابق كانَ يدفع رجال الأعمال مبالغ طائلة للمؤلفين. لأنّهم يريدونَ أن يُهدى الكتابً باسمهم أو يكتب المؤلّف: “هذا الكتاب في ذكرى فلان.” يتوقُ البشر لتخليدِ أساميهم حتّى بعدَ رحيلهم.

 

أرادَ أندرو كارنيجي بيعَ حديد لشركة بنسيلفينيا للسكك الحديدية، وكانَ رئيس الشركة إيدجار تومسون. فبنى أندرو مصنعَ حديد في نفس المدينة وأسماها إيدجار تومسون لأعمال الحديد. لذا عندما تريدُ شركة بنسيلفينيا للسكك الحديدية شراء الحديد، من أينَ تعتقدْ أنها ستشتريه؟ من أندرو كارنيجي بالطبع.

 

منافس أندرو كارنيجي جورج بولمان، والذي كانَ في صراعٍ معه في سوق عربات السكك الحديدية. امتلك بولمان شركة لصناعة الحديد بنفسه. ذاتَ يوم التقى بهِ أندرو كارنيجي في فندق وقال: “مساء الخير سيد بولمان. ألسنا نجعلُ من أنفسنا اغبياء؟” ردّ بولمان باستغراب: “ماذا تقصد؟”. قال أندرو: “بدلَ أنْ نكونَ اعداء، فلنصبح شركاء ونأسس شركة واحدة”. لم يُعجب بولمان هذا الكلام ولكنْ سأله: “وماذا سنسمي الشركة”. أندرو كارنيجي يعرف أهمّية اسم الشخص بالنسبة لنفسه فقال: “لماذا السؤال الغريب؟ بالطبع سنسمّيها شركة بولمان للعربات”. ابتسم بولمان ثمّ دعى كارنيجي لمكتبه لمناقشة الأمر بالتفصيل.

 

الممثل الشهير بارنوم لم يمتلك أولادًا. فعرضَ على حفيده ٢٥ ألف دولار ليغيّر اسمه لبارنوم (على اسمه).

تذكّر عندَ مخاطبتك لشخص، نادِيه باسمه بينَ كلّ جملتين وثلاثة. لأنّ اسمهُ هوَ الصوتُ الأعذب لأذنيه. اسمهُ هوَ ما يمتلكه وحده، ويحملهُ معهُ طولَ حياته. هوَ ما يجعلهُ فريدًا. مناداة الشخص باسمهِ فقط قد تنصعُ لكَ المعجزات.

المبدأ الثالث: تذكّر أنّ اسم الرجل بالنسبةِ له، هوَ أعذب صوتْ في العالم.

 

 

المحادث

حضرَ ديل كارنيجي حفلة وكانَ الجميعْ يلعبونَ بأوراق اللعب لعبة تسمّى الجسر. باستثنائه هوَ وسيّدة أخرى. عندَما علمتْ السيّدة بأنهُ كارنيجي الشهير الذي سافر في أنحاء أوروبا أتت لتلقي التحيّة. “مرحبًا سيّد كارنيجي. أريدك أن تخبرني عن كلّ رحلاتك والمناظر الرهيبة التي رأيتها”. يقول كارنيجي وأثناء جلوسنا على الأريكة بدأتْ تحكي لهُ قصّتها عندما سافرت إلى كينيا مع زوجها. ظلّتْ تحكي وتحكي لمدّة ٤٥ دقيقة متواصلة. لمْ تردْ سماع قصص كارنيجي ورحلاته، بل أرادت التحدّث عن نفسها فقط. كلّ ما أرادتْ هوَ مستمعْ جيّد لتُشْبع الإيقو الخاص بها بحكاياتها لأينَ ذهبت وماذا رأت.

أهذا تصرّفٌ غريب؟ لا. طبيعي.

 

حضرَ كارنيجي حفلة عشاءْ أقامها دار نشر في نيويورك. التقى بعالم نبات. وكارنيجي كانَ مهتّماً قليلًا بمجاله، فظلّ يسألهُ اسئلة والعالم يجيبهُ بكلّ سرور ثم يكمل ويضيف معلومات أخرى بكلّ شغف وحماسة. استمرت المحادثة لساعات وكارنيجي كان المستمع فقط.

انتهت الحفلة وبدأ كارنيجي بتوديع الجميع ثمّ أتى عالم النباتات وأطرأ على كارنيجي أمام الجميع وظلّ يردّد أنهُ مُحادثٌ عظيم ومثير للاهتمام.

يقولْ كارنيجي: “لم أكُن إلًا مستمعًا ومهتمًّا بحق!”

 

 

في صباحِ يومِ ما، دخل عميلٌ يشتعلُ من الغضب إلى مكتب السيّد ديتمير مدير شركة ديتمير لتجارة الصوف. يدّعي العميلْ الغاضب أنّ قسم الحسابات يطلب منهْ فاتورة ومبلغ ليسَ من المفترض أن يدفعه. هذا العميلْ سافرَ إلى شيكاقو ليلتقي بديتمير. عبّرَ عن غضبه وقال أنهُ لن يدفعْ أيّ دولار، بل ولن يشتري منهم مجددًا أبدًا.

ديتمير ظلَّ صامتًا ولم يتدخّل (لأنّ التدخّل والمقاطعة مبدأ سيء)، فتركه حتّى أنهى العميل ما لديه ليقوله. اعتذر ديتمير وشكره على مجيئه إلى شيكاقو بنفسه. وأخبرهُ أنّ قسم الحسابات في الغالب هوَ المخطئ. هوَ عميلْ واحد يدير حسابه ويعرف وقسم الحسابات يديرون ألاف الحسابات والخطأ وارد من طرفهم.

قالَ ديتمير أنهُ سيتصّرف بالمثلِ لو كانَ مكانه. ثمّ دعاه للغداء. وطوال الفترة كانَ العميل مذهولًا، كيف يلقى مثلَ هذا التعامل الطيّب رغمَ غضبه وشكاويه. عاد العميل لمكتب ديتمير وطلب طلبية أكبر من سابقاتها. وعندَ عودته، اكتشفَ أن خطأ الحسابات من عنده. ارسلَ العميل لشركة ديتمير شيك ومعهُ اعتذار. بعدَ بضعة سنين ولدت زوجة العميل طفلًا أُعطيَ الاسم الأوسط لديتمير. وظلّ عميلًا لهذه الشركة حتّى يوم مماته. (بعد ٢٢ سنة من الحادثة).

 

في اسوَء أيام الحرب الأهلية في أمريكا، طلبَ لينكولن اللقاء بصديق. بحجّة أخذِ رأيهْ في بضعة أمور. عندما التقى به، ظلّ يحكي عن المعارضات ضدّ تحرير العبيد، وأخبار الجرائد التي تتحدث عنها. والمقالات والرسائل التي يتلقّاها. ويُطلعه على أخر التطوّرات ورأي لينكولن فيها وماذا يجب عليه فعله. وفي النهاية شكره وودّعه.

يقول الصديق أن لينكولن لم يكُن يريد رأيه. إنّما أرادَ مستمعًا جيّدًا يتعاطف مع وجهة نظره. أرادَ أن يخفّف الضغط ويصفّي ذهنه فقط.

لتثير الاهتمام، كُن مستمعًا جيّدًا. الاستماع لا يعني اغلاق الفم والسماع بالاذن فقط. هو يعني ذلك وأيضًا يعني أن تتوقف عن السرحان والتفكير بعيدًا وتركّز وبشكل كامل وحضوري مع الشخص الذي أمامك وماذا يقول. لا تنتظر للثانية التي يسكت فيها لتتدخّل أنت وتتكلم. شئنا أم أبينا، فالناس مهتّمة بنفسها أكثر من ماهيَ مهتمّة بنا.

 

الرجل يهمّهُ ألمَ ضرسه أكثر من ما يهمّهُ مليون شخص يموتون من مجاعة في غرب أفريقيا. يهتّم الشخص للعلامة التي خلفها جرحٌ أو حرق في يده أكثر من ما يهتم لتسونامي وزلازل اليابان.

المبدأ الرابع: كُن مستمعًا جيّدًا. شجّع الناس على الحديثِ عن أنفسهم.

 

 

سلاحُكْ لإثارة اهتمام الناس

امتلك روزفيلت الرئيس الأمريكي السادس والعشرين ثقافة عامّة ومعرفة في مختلف المجالات. مما أدّى إلى إعجاب من حولهُ به. كان روزفيلت وقبلَ أن يستقبلَ ضيفه بيوم، يسهر حتّى آخر الليل يقرأ فيها ما يتخصّص به ضيفه. لذا عندما يلتقيان، يتحدّث رزفيلت عن ما يثير اهتمام الطرف الآخر. لأنّ روزفيلت عرف أنَّ الطريق المؤدّي لقلب الرجل، هو عن طريق التحدّث عن الاشياء الثمينة التي يقدّسها الطرف الآخر.

 

المحاضر والبروفيسور بجامعة Yale ويليام فيليبس تعلّم هذا الدرس في سنٍ مبكّرة. يحكي أنّهُ عندما كانَ في الثامنة من عمره زارهم رجل. وبعدَ أنْ انهى الضيف حديثهُ مع عمّة ويليام، يقولُ ويليام أنهُ وجّهُ لهُ كلّ الاهتمام وبدأوا يتحدّثون عن القوارب حتّى انتهاء الجلسة. بعدَ خروج الرجل قال ويليام لعمّته أن الرجل يعرف الكثير عن القوارب ويحبّها مثلي. ردّت عمته وقالت: “إنهُ محامٍ بنيويورك، ولا يهتمّ البتّة للقوارب. لكنّهُ رجلٌ نبيل. ورأى أنّ هذا ما يثير اهتمامك، فأخذَ يحدّثك عنها”.

 

قصّة السيد دوفيرنوي مماثلة لقصّة رجل الأعمال كانفيل. دوفيرنوي حاولَ لمدة ٤ سنوات أن يُقنع مدير سلسلة فنادق بنيويورك ليبيعَ لهم المعجّنات من مصنعهم. فقد قامَ دوفيرنوي بالاتصال اسبوعيًا على المدير. وحضور نفس المعارض والحفلات ليتقرّب منه ويبدأ معهُ شراكة عمل. لكن لم ينجح.

بعدَ دراسته للطبيعة البشرية، بحثَ دوفيرنوي قليلًا واكتشفَ أنّ المدير ينتمي لجماعة مدراء فنادق تسمّى الGreeters. لذا عندما التقى بهِ اليوم التالي بدأ يتحدّث عن هذه المنظمة. يقول دوفيرنوي أن ردّة الفعل التي حصلَ عليها كانتْ غير متوقعة. اشتعلَ المدير بالحماسة وبدأ يحدّثه عنها لمدّة نصف ساعة. بدونِ ذكرِ دوفيرنوي عن المعجنات والعمل. بعدَ بضعة أيام تلقّى اتصالًا هاتفيًا يطلبُ منه المدير إحضار عينات وقائمة الأسعار والحضور للمكتب.

المبدأ الخامس: تحدّث وفقًا لاهتمامات الشخص الآخر.

 

 

افعل هذا ليُعجبَ الناس بكَ لحظيًا

يقولْ كارنيجي أنهُ كانَ في مكتب بريد ولاحظَ الموظّف يشعر بالملل من عمله. يوزِن الظروف ويحرّر الفواتير. فقرّرَ جعل الموظّف يشعر بالأهمية. وإنْ أرادَ فعلها، فيجبْ أن يمدحَ الموظّف وليسَ نفسه. نظرَ إليه وقال بحماسة: “أتمنّى لو عندي مثلُ شعرك!”. ردّ الموظّف والابتسامة تعلو وجههُ قائلًا: “إنهُ ليسَ كما كان. لقد كانَ الناس يمدحُون شعري كثيرًا”. يقولُ كارنيجي أنّ ذلكَ الموظّف سيكمل يومه بسعادة كبيرة لسماعِ مثلَ هذا الاطراء. وبالطبع، كارنيجي لَمْ يمدحهُ لأنّهُ يريدُ شيئًا في المقابل.

 

كارنيجي يقول أنّنا لو أردنا الابتعادَ عن المشاكل والجدال، علينا أنْ نُشعِرَ الطرف الآخر بالأهمّية. كما ذكرنا سابقًا، ويليام جيمس قالَ أنّ أكثرْ ما تتوقُ وترغب به الطبيعة البشرية هي التقدير، والإحساس بالأهمّية. “عامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك.” يذكر كارنيجي أنّ هذا القانون يمكن تطبيقه في كلّ مكان ومع كلّ شخص وفي كلّ الأوقات.

 

مثال، لو كنتَ في مطعم والنادل احضر شوربة وأخطأ في طلبك. بدونِ أن تصرخ في وجهه يمكنك أن تقول: “أعتذر، ولكنّني أفضل السلطة عن الشوربة”.

الكلمات الصغيرة مثل: “اعتذر” “لو سمحت” “من فضلك” شكرًا” تخلقُ فرقًا وتُشعرُ الطرفَ الآخر بالاحترام.

 

يقولُ إيميرسون: “كلّ شخص أقابله هوَ أعظم منّي في شيءْ، ومنهُ أتعلّم”

السيد أر ذهبَ لزيارة أقرباء زوجته معها. وعند وصولهم تركتهُ مع العمّة مالكة المنزل وذهبت لتزورَ بعض أقاربها. وبما أنّ السيدْ أر كانَ يجهّز لإلقاء خطاب عن التقدير، ظنّ أن يقدّر منزل العمّة. “يبدو أن هذا المنزل بنيَ عام ١٩٨٠” ردتّ عليه: “هذا صحيح، إنّها نفسُ السنة التي بنيناها فيه أنا وزوجي. كنّا نحلمُ لسنين في بناءه. نحنُ من خطّطناه وأحضرنا الأثاث والديكور من مختلف دول أوروبا ومن خشبِ الصين. والآن اسكنُ فيهِ وحدي”.

تأمّل فيه السيّد أر وظلّ يشاركُ إعجابه بالبيت. ثمّ اخذتهُ العمّة للخارج وأرتهُ سيارتها التي أهداها لها زوجها قبلَ رحيله. طلبتْ منه أن يأخذها ولكنّه رفض، بحجّة أن أقاربها أولى بها. ردت بتذمّر أن هؤلاء الأقارب ينتظرونَ موتها حتّى يأخذوا السيارة والبيت. وأنّهُ شخص يقدّر الاشياء الجميلة فيستحق السيارة. لمْ يردْ جرح مشاعرها فقبِلَ بالهدية.

كانَ التقدير بالنسبةِ للعمّة كافيٍ لتهدي شخصًا غريبًا سيارتها.

 

السيد كلاود مالك مطعم في فرنسا تلقّى طلب استقالة من أحدِ موظفيه. أو بالأحرى الموظّفة الأهم في المطعم. هيَ الرابط بينه وبين ال٢١ موظّف الآخرين. رفضَ طلبَ الاستقالة بدون تفسير منطقي. أخبرها أمام كلّ الطاقم أنها الموظفة الأهم من بعده، ولا يمكن خسارتها. ثم طلبَ من بوليت (الموظّفة) للحضور لمنزله لتناول وجبة عشاء. أخبرها عن مدى ثقته فيها أمام عائلته. ولحسنِ الحظ، سحبت الاستقالة.

مالكْ المطعمْ أظهرَ لبوليت مدى أهمّية وجودها وعملها.

 

قالَ رئيس وزراء بريطانيا السابق بينجامين ديزرايل: “تحدّث مع الرجل عن نفسه، وسيستمع لساعات”.

كلنا نبحث عن الاعتراف بقيمتنا الحقيقية. وشعورٌ يحسّسنا بمدى أهمّيتنا في هذا العالم. لا نبحث عن المجاملات الزائفة ولكن نبحث عن التقدير الصادق. لذا، لجعل الناس تُعجب بك:

المبدأ السادس: اجعل الطرف الآخر يشعر بالأهمّية. وافعلها بصدق.

 

 

القسم الثاني: طٌرُقْ لجعلِ الناس تُعجبْ بك

المبدأ الأوّل: اهتمّ بالأخرين وبصدق.

المبدأ الثاني: ابتسم.

المبدأ الثالث: تذكّر أنّ اسم الرجل بالنسبةِ له، هوَ أعذب صوتْ في العالم.

المبدأ الرابع: كُن مستمعًا جيّدًا. شجّع الناس على الحديثِ عن أنفسهم.

المبدأ الخامس: تحدّث وفقًا لاهتمامات الشخص الآخر.

المبدأ السادس: اجعل الطرف الآخر يشعر بالأهمّية. وافعلها بصدق.

 

 

القسم الثالث: كيفَ تَكسَب الناس لطريقة تفكيرك

لن تفوزَ في جدال

يحكي كارنيجي أنهُ حضرَ وليمة عشاء. وكانَ يتحاور مع الرجل الذي بجانبه واختلفا في اقتباسٍ معيّن. كارنيجي يقول أن القائل شكسبير، بينما الرجل الآخر يقول أنهُ من الإنجيل. اغتنم كارنيجي الفرصة ليُري عظمتهُ ومعرفته، لأنهُ متأكّد من رأيه. اخذوا الأمرَ لفرانك قاموند. فرانكَ درسَ أدب شكسبير لسنين. فعندما سألوه، ضربَ فرانك رجلَ كارنيجي تحتَ الطاولة وقال: “كلامُ الرجل صحيح. هذه المقولة من الإنجيل”.

في طريقِ عودتهم، سألهُ كارنيجي لماذا؟ لماذا قلتَ أنّ الاقتباسَ من الإنجيل وأنتَ تعرف حقّ المعرفة أنّ القائل شكسبير؟ ردّ فرانك بإيجابية وقال: “لماذا تجعله المخطئ؟ ماذا ستستفيد؟ لمْ يسألك الرجل عن رأيك، ولم يرده. دعه يحفظ ماءَ وجهه. في النهاية نحنُ ضيوفٌ أمامه”.

 

الحقيقة هيَ أنّكَ يا صديقي، ستخسر في أغلب الجدالات التي تدخل فيها. كيف؟ لأنّكَ إن خسرت، فخسرت. وإن فزت، فخسرت الطرف الآخر. لأنهُ سيشعر بالضعفِ أمامك. ستهاجم الإيقو الخاص به. ستريه أنّهُ أدنى منكَ درجة وأنّكَ أفضل منه. لا أحد يتقبلِ شعور الضعف والإهانة.

لا يمكنكْ إقناع شخص بالقوة. وإنْ أقنعتهُ فإنّما ظاهريًا فقط أقنعته، ولكنْ سيظلّ على نفسِ رأيه.

 

ربما تكونُ وجهة نظرك صحيحة، لكنْ لو أوصلتها بطريقة الجدال، وأظهرتَ لمن أمامك كم هوَ على خطأ، وأنّكَ أنت على صواب، فلنْ تكسبَ رضاه وسيزدرأك.

قال بوذا: “الكراهية لا تنتهي أبدًا بالكراهية بل بالحب”، وسوء الفهم لا ينتهي أبدًا بالجدال بل باللباقة والدبلوماسية والمصالحة والرغبة المتعاطفة في رؤية وجهة نظر الشخص الآخر.

 

فكّر مع نفسك أثناء الجدال: أيمكن أن يكون خصمي على حق؟ حتّى جزئيًا؟ ما هيَ الميزة في موقفه؟ هل سأستطيع تخفيف المشكلة؟ أم رد فعلي سيبعد خصمي منّي؟ هل ردّ فعلي يرفعه من تقديره أم العكس؟ أسأفوز أم سأخسر؟ وما تكلفة الفوز؟ ماذا سأدفع؟ هل لو صمتُّ سينتهي الخلاف؟

 

جان بيرز مؤدّي الأوبرا الشهير، قالَ أن زواجه دام أكثر من ٥٠ سنة، والفضل يعود لقاعدة اتّبعوها. وهيَ: “إن جادلَ وصرخَ طرف، فمن واجب الطرف الآخر أن يستمع. لأنّهُ لو كانَ الاثنان يصرخان فلن يستطيعا التواصل”.

المبدأ الأول: أفضل حلّ للجدال هوَ تجنّبه.

 

 

طريقة مضمونة لخلقِ أعداء وكيف تتجنبها

اتّهامك بأنّ الطرف الآخر على خطأ لن يُكسبكَ رضاه وتعاونه. بل بالعكس. باتهامك له، فأنتَ تهاجمه وتخبرهُ أنّ حكمهُ ليسَ صحيحًا وذكاءهُ متدني. وماهيَ ردّة الفعل الطبيعية؟ الدفاع.

 

لا تبدأ كلامك ب: “سأثبتُ لكَ أنّ كلامي صحيح وأنكَ على خطأ”. لا يفعلها إلّا الأحمق الذي يبحث عن عداوات. إنْ كُنت تريدُ إثباتَ خطأ شخص، وتريدُ أن تغيّرَ من وجهة نظره، فافعلها دونَ أن يلحظك. الشاعر اليكساندر بوب قال: “يجب أن تعلّم الرجال كما لو لا تعلّمهم (يقصد بدون أن يلحظوا). والأشياء المجهولة تقدّم كأشياءٍ منسية”. يعني أن لا تبيّن للشخص أنّكَ تعلّمه. لأنّ البعض لا يقبلُ مثلَ المحاضرات والتعليم بسبب كبرياءه. فأفضل حلْ أن تذكرها على شكل محادثة. وتجعلها كما لو أنّهُ نسيها وليسَ أنهُ لا يعلمها. عندما اجتمعُ مع من هم أكبر منّي، وأريدُ قولَ حقيقة جديدة أو علم، ابدأ بقولي: “في حاجة احنا ناسينها …”.

 

قال اللورد تشيسترفيلد لابنه: “كنّ احكمَ من الآخرين ان استطعت، ولكن لا تخبرهم بذلك”. وقالها سقراطس لطلّابه: “الشيءُ الوحيد الذي أعرفه هو أنني لا أعرف شيئًا”

في المرة القادمة التي تسمعُ فيهاَ تصريح خاطئ، فلا تهاجم وقل التالي: “حسنًا، أنا أظنّ العكس ولكنّ ربما أكون مخطئ. أنا مخطئ في أغلب الأحيان. وإن كنتُ على خطأ، فأريدُ أن أعرف الصواب”. لن يهاجمك أي شخص على مثلِ كلامك ولن تلقى أيّ اعتراض.

 

جيمس روبينسون ذكرَ في كتابه The Mind in the Making:

إننا نجد أنفسنا أحياناً نغيّر آراءنا دون مقاومة أو عاطفة قوية، ولكن إذا قيل لنا إننا مخطئون، فإننا نستاء من الاتهام ونُقسّي قلوبنا. إننا نتجاهل بشكل لا يصدق في ما يشكّل معتقداتنا، ولكننا نجد أنفسنا ممتلئين بشغفٍ غيرِ مشروع تجاهها عندما يقترح أيّ شخص أن يحرمنا من صحبتها. ومن الواضح أن الأفكار نفسها ليست عزيزة علينا، بل إن تقديرنا لذاتنا هو الذي يتعرض للتهديد… إن الكلمة الصغيرة “لي” هي الأكثر أهمية في الشئون الإنسانية، والتعامل معها بشكل صحيح هو بداية الحكمة (يُقصد ياء الملكية). فهي تتمتع بنفس القوة سواء كان الأمر يتعلق بـ “عشائي”، أو “كلبي”، أو “منزلي”، أو “والدي”، أو “وطني”، أو “إلهي”. إننا لا نستاء فقط من الاتهام بأن ساعتنا خاطئة، أو سيارتنا رثة، بل أيضًا تصورنا لقنوات المريخ، أو نطق كلمة”إبيكتيتوس”، أو القيمة الطبية للساليسين، أو تاريخ سرجون الأول، كلها أمور قابلة للمراجعة. إننا نحب أن نستمر في الإيمان بما اعتدنا على قبوله باعتباره الحقيقة، والاستياء الذي ينشأ عندما يلقى الشك على أيًّ من افتراضاتنا يدفعنا إلى البحث عن كل أنواع الأعذار للتشبث بها. والنتيجة هي أن أغلب ما نسميه استدلالاتنا يتلخص في إيجاد الحجج التي تدعم استمرارنا في الإيمان كما نفعل بالفعل.

 

لا تقل لزوجتك أنها على خطأ. ستغضب وتبدأ بالدفاع عن نفسها وستهاجمك.حاولَ بإيضاح وجهات النظر واستعمل الدوبلوماسية. افعل هذا مع مديرك، أو زميلك، أو أي شخص تختلفُ معه.

قبلَ ٢٢٠٠ سنة من ميلاد سيّدنا عيسى عليه السلام، قالَ ملك مصر أختوي لابنه: “كُن دوبلوماسيًا. سوف يساعدك ذلك على إيصال وجهة نظرك”.

لو تتذكّر القسم الأول قصّة ابنِ خالتي ابوبكر. لمْ يحبّ توجيهَ اصابع الاتّهام عليه، وبالتأكيدْ لم يرد الاعتراف بالخطأ.

المبدأ الثاني: اظهر الاحترام لرأي الطرف الآخر. أبدًا لا تقل “أنتَ على خطأ”

 

 

الاعترافُ بالخطأ يُظهرُ إنسانيتك

فيرديناند وارين الرسام التجاري الذي يبيع رسوماته للشركات. ومن عملائه الفريدين مدير فنّي يحبّ النقد وإخراج الاخطاء الخفية في الرسمة. يقولُ وارين أن اسلوبه الهجومي سيءْ وكفيل ليشعرك بالاشمئزازِ حينَ خروجك من عنده.

 

فكّر وارين في تجربة اسلوب جديد درسه. ألا وهوَ انتقاد الذات. بعدَ أن دعاهُ المدير الفنّي لمكتبه بسبب أخطاء وجدها على رسمة وارين الأخيرة. تدخّل وارين وقالَ له: “اعتذر يا سيّدي وإن كانَ ما قلتهُ صحيحًا فليسَ لديّ أيّ عذر لاخطائي وسأعيدُ رسمها من جديد”. ردّ المدير: “لم أقلْ أنهُ عليكَ اعادتها، فقط بعضُ الاصلاحات تكفي”. في كلّ مرة لم يدعهُ وارين أن يكمل كلامه وظلّ ينتقد نفسه وأنهُ المخطئ. اعترف وارين أنهُ شعور جيّد. واكتسبَ تعاطف المدير الفنّي وخرجَ منهُ بشيك وعمولة.

 

“يمكن لأي أحمق أن يحاول الدفاع عن أخطائه – وهذا ما يفعله معظم الحمقى – ولكن الاعتراف بأخطائه يرفع المرء فوق القطيع ويمنحه شعورًا بالنبل والبهجة.”

 

في أول سنة في الجامعة وبالخطأ كسرتُ بابًا زجاجيًا داخل حمامِ غرفتنا. فذهبتُ لمسؤول شؤون سكن الطلاب السيّد وانغ. فأخبرتهُ أنّ لديّ أخبار سيئة وأخبار جيّدة. الأخبار السيئة هيَ أنّني كسرت باب الحمام الزجاجي. والأخبار الجيّدة هي أنني بخير، فابتسمَ ابتسامة صغيرة ولم يطلبْ منّي مبلغًا ولا تعويضًا، بل أصلحهُ بالمجّان.

 

في أحد محاضرات كيفَ تكسب الاصدقاء وتؤثّر في الناس في هونق كونق، كانَ رجلٌ صيني في منتصف عمره يشكي عن علاقته بابنه. والمعروف في الثقافة الصينية هوَ أنّ الأصغر يأتي للأكبر للاعتذار. على الشباب احترام كبارهم. ظلّ هذا الرجل ينتظرُ ابنه أن يأتي ويعتذر ولكن لم يأتي. يحكي الرجل عن شوقه العظيم لرؤية أحفاده للمرة الأولى. في النهاية، قالَ لباقي زملائه أنَّ ديل كارنيجي يقول من اخطأ فليعترف. وأنا سأعترف لابني بأخطائي.

في المحاضرة التي تليها، عادَ الرجل وأخبرهم أنّهُ اعتذرَ أولًا، وأنّ علاقته مع ابنه تحسّنت، وأنهُ رأى احفاده وزوجة ابنه وقضوا وقتًا سعيدًا.

 

الكاتب إيلبرت هابرد تلقّى انتقادًا من قارئ غاضب، فردّ عليهِ هابرد:

إذا ما فكرت في الأمر مليًا، فإنني أيضًا لا أتفق معهُ تمامًا. فليس كل ما كتبته بالأمس يروق لي اليوم. ويسعدني أن أعرف رأيك في هذا الموضوع. وفي المرة القادمة التي تزور فيها الحي، لا بد أن تزورنا وسنناقش هذا الموضوع وننهيه إلى الأبد. لذا، إليك تحية طيبة، وأنا أعبر عن مدى سعادتي.

المخلص لك.

باللهِ بماذا ستردّ على شخصٍ يعاملكَ مثلُ هذا؟

 

عندما نكون على حق، فلنحاول كسب الناس بلطف ولباقة إلى طريقتنا في التفكير، وعندما نخطئ، (وهو ما سيحدث في كثير من الأحيان بشكل مدهش)، إذا كنا صادقين مع أنفسنا، فلنعترف بأخطائنا بسرعة وبحماسة. ولن تسفر هذه التقنية عن نتائج مذهلة فحسب؛ بل إنها أكثر متعة من محاولة الدفاع عن النفس.

 

وتذكر المثل القديم: “بالقتال لن تحصل على ما يكفيك، ولكن بالاستسلام تحصل على أكثر مما كنت تتوقع”.

المبدأ الثالث: إنْ كُنتَ على خطأ، فاعترف بسرعة وبحماسة.

 

 

قِف بجانبي، وليسَ ضدّي

وودرو ويلسون قال: “لو أتيتَ لي بقبضتك محكمة، فستجد قبضتي محكمة أيضًا. لكن إن أتيتَ إليَّ وقلت لنجلِس سويًا ونرى ما يفرّقنا، ونفهم بعضنا البعض، فتأكّد أننا سنجد النقاط التي نشترك فيها أكثر من التي نفترق فيها”.

 

قالَ لينكولن: “”قطرة من العسل تجذبُ ذبابًا أكثر من جالون من المرارة.”. والمثلُ للرجال، إذا أردتَ كسبهُ لقضيتك، فإنَّ قطرة العسل هيَ إقناعه أنكَ صديقه بحق. ستكسبُ طريقًا لقلبه، مما يؤديكَ لعقله.

ستراوب، أحد طلّاب كارنيجي. يحكي أنّ المالك رفعَ إيجار شقّته. ولم يمتلك المال الكافي لدفع السعر الجديد، وسمِع من بقية السكان أن المالك صعب المراس. فقرر تطبيقَ ما درسه.

 

بدأ بكتابة رسالة لمْ يطلب فيها تخفيض الإيجار ولكن ذكرَ فيها شدّة إعجابه بالشقة والطريقة التي يؤجّر فيها العمارة. كتبَ أنّهُ كان يتمنّى المكوثَ لسنةٍ أخرى ولكنّهُ لا يستطيع.

ردّ عليه المالك بذهول من رسالته الجميلة وبدأ يحكي له عن مشاكله مع بقية المستأجرين. أحدُهم كتبَ له ١٤ رسالة تتضمنها إساءات للمالك. وقالَ أحدهم أنهُ سيلغي العقد إن لم يتوقّف الساكن الذي فوقه عن الشخير. ولكنْ لم يمدح السكن أحدٌ مثلَ ستراوب. فأُعجب المالك بصدقه ومدحه وخفّضَ لستراوب سعر الإيجار، بل وسألهُ أي إصلاحات وديكور يحتاجُ في الشقّة؟

هذا كلّهُ بدونِ أن يطلبَ ستراوب تخفيضَ مبلغ الإيجار ولكنّهُ كانَ طيّبَ التعامل وتعاطفَ مع المالك.

المبدأ الرابع: ابدأ بطريقة ودية.

 

 

سر سقراطس

عند الحديث مع الناس، لا تبدأ بمناقشة الأشياء التي تختلفونَ عليها. ابدأ بالتأكيد على الأشياء التي تتفقونَ عليها واستمر في تأكيدها. استمر في التأكيد، على أنكما تسعيان إلى تحقيق نفس الغاية وأن الاختلاف الوحيد بينكما هو في الأسلوب وليس في الغرض.

 

حاول أن تجعل الطرف الآخر يقول “نعم” في البداية. وامنع خصمك، إن أمكن، من قول “لا”. فوفقاً للبروفيسور أوفرستريت، فإن الرد بـ “لا” يشكل عائقاً يصعب التغلب عليه. فعندما تقول “لا”، فإن كل كبريائك يطالبك بأن تظل متسقاً مع نفسك. حتّى وإن شعرت فيما بعد بأن الـ “لا” كانت غير حكيمة؛ ومع ذلك، فهناك كبرياؤك الثمين الذي يجب أن تضعه في الحسبان! فبمجرد أن تقول شيئاً، تشعر بأنك يجب أن تلتزم به. ومن ثم فإن من الأهمية أن يبدأ الشخص في الاتجاه الإيجابي.

 

يحكي إيبيرسون الذي يعمل في البنك، أنّهم كانوا على وشك خسارة عميل محتمل. أتى العميل وكالعادة بدأَ بملئ الورقة بالمعلومات الأساسية لكنّهُ توقّف عندما طلبوا منه اسم قريبٍ له. يقول أيبيرسون لو أنهُ لم يدرس العلاقات البشرية لكانَ أخبرهُ أنّ هذا خياره الوحيد وإنْ لم يملأ الورقة عليه الخروج. فأتاهُ إيبيرسون من طريقة سقراطس وهيَ بجعله يقولُ “نعم، نعم”.

أولاً، اتفقَ مع كلام العميل وأكّدَ عليه أن المعلومات المتبقية ليستْ ضرورية جدًا. قال إيبيرسون: “لنفترض أنهُ أتتك المنية، ألا تريدُ أن يحوّل البنك أموالك للشخص المسجّل اسمه قانونيًا؟”. ردّ العميل بإيجابية. أكمل إيبيرسون: “حسنًا ألا تعتقد أنهُ من الأفضل أن تعطينا اسم قريبٍ لك حتّى يسهل للبنك تحويل المبلغ الموجود في الحسابِ مباشرة؟”. اتّفقَ العميل مجددًا واعطاهم اسم قريبٍ له.

عندما اكتشفَ أنهمْ لا يريدون اخذ المعلومات ليستفيدوا منها، بل بالعكس، ستفيدهُ هوَ هذا المعلومات في حينِ حصولْ أيّ فاجعة لا قدّر الله.

المبدأ الخامس: اجعل الطرف الآخر يقول: “نعم نعم” مباشرةً.

 

 

صمام الأمان في التعامل مع الشكاوى

في عالمِ الأعمال وعندما يشتكي لكَ عميل، دعهُ يتحدّث. هوَ صاحب المشكلة ويعرفْ عنها أكثر منك. فاسأل الأسئلة واستمع لما يقول. إنْ اختلفتَ معهُ في نقطةٍ ما فلا تُقاطع! فتدخّلك لن يجعله يستمع إليك وما يزالُ في رأسه الكثير ليخرجه. دعهُ يُكملْ، أنصتْ إليه وشجّعهُ على مشاركة المزيد.

 

شركة لتصنيع السيارات كانتْ تناقش متطلباتِ سنة كاملة من أقمشة التنجيد. وكانَ الشخص المسؤول لتقديمِ العرض قد فقد صوته عندما وقف أمام مدراء الشركة. يقولُ رجلْ المبيعات أنهُ من المفترض أن يقدّمْ هوَ العينات لهم، ويشرحُ المزايا وأسعار كلَّ واحدٍ منها. كتبَ لهم في ورقة: “لقدت فقدتُ صوتي. أنا عاجزٌ عن الكلام”. فتطوّعَ أحد المدراء أن يحلّ محلّه ويقدّم العرض. فبدأوا بتفحص العينات والنقاش فيما بينهم وذكر النقاط الحسنة التي يرونها. يقول صاحب العينات الذي فقد صوته، أنّ ما ناقشوه مخالفٌ تمامًا لفكرته والطريقة التي كانَ سيقدّم فيها العينات. من حسنِ الحظّ أنهُ فقط صوته لأنّهُ ربِحَ العقد بقيمة مليون و٦٠٠ ألف دولار لمدّة سنة. لن يحصُل عليها إن كانَ صوتهُ موجودًا.

 

السيدة ويلسون، طالبة في صفّ كارنيجي تحكي عن ابنتها التي عصَتْ أوامرها مجددًا. ابنتها لوري ذهبت لتلتقي بصديقتها قبلَ أن تنهي مهامَ البيت. فعندما عادت، تحكي السيدة ويلسون،كادت أن تصرخ عليها للمرة المليون ولكنْ لم تمتلك الطاقة.فقالت السيدة ويلسون “لماذا يا لوري، لماذا؟”. ردّت لوري: “هل حقًا تريدين أن تعرفي؟”. أومأتْ الأم رأسها بإيجابية. ثمّ حكت لوري وباحت بما في داخلها لأوّل مرة. تقولُ السيدة ويلسون، في السابق وكلّما أرادت لوري أن تتكلم، منعتها، وانهالت عليها بمزيدٍ من الصراخ والتوبيخ. ولكنْ الآن تحسّنتْ علاقتهما أفضل من ذي قبل. إذ وجدت لوري برّ الأمان لتبوح بما في داخلها.

 

حتى أصدقاؤنا يفضلون التحدث إلينا عن إنجازاتهم بدلاً من الاستماع لنا ونحن نتفاخر بإنجازاتنا. قال الفيلسوف الفرنسي لاروشفوكو: “إذا كنت تريد أن يكون لك أعداء، فعليك أن تتفوق على أصدقائك؛ ولكن إذا كنت تريد أن يكون لك أصدقاء، فعليك أن تجعل أصدقائك يتفوقون عليك”.

لماذا هذا صحيح؟ لأنه عندما يتفوق علينا أصدقاؤنا، يشعرون بأهميتهم؛ ولكن عندما نتفوق عليهم، فإنهم – أو على الأقل بعضهم – يشعرون بالدونية والحسد.

 

هينريتا تخبرِ السيد كارنيجي وبقية طلاب الفصل عن مدى براعتها في العمل في مجالها وفخرها به. لكنْ زملائها لم يشاركوها نفس الشعور، بل شعرت بمُقتِهمْ لها. تمنّتْ وبصدق أن تصبحَ صديقةً لهم وتريدُ استماعهم لها. وبعدَ دراسة العلاقات البشرية، اصبحت لا تتكلم عن نفسها كثيرًا بل تستمعُ لإنجازاتهم. وتشجعهم على الحديثِ عن أنفسهم وتفرح لفرحهم. وكانتْ لا تتحدّث عن إنجازاتها إلّا إذا ما سألوها. فتحسنت علاقتها بهم واكتشفت هينريتا أنّ الاهتمام بالطرف الآخر غالبًا كلّ ما تطلّبه العلاقة الناجحة.

المبدأ السادس: دعِ الطرف الآخر يتحدّثْ أكثر منك.

 

 

كيفَ تحصل على التعاون من الأخرين

ألا ترى أنّ الأفكار التي تأتيْ بها أنت، أفضل من التي تأتي من غيرك؟

أليسَ من الحكمة جعل الشخص يظنّ أن الفكرة فكرته؟ وتجعله يصِل لهذا الاستنتاج لوحده؟ بينما كلّ ما تقوم به انت هو الاقتراح؟

 

أدولف سيلتز مدير المبيعات في شركة سيارات في فيليديلفيا وجدَ نفسه أمامَ مجموعة من رجال المبيعات غير المنظمين والمفتقرينَ للشجاعة. ومن واجبه هوَ إشعال الحماسة بداخلهم.

احضرهم جميعًا وسألهم، ما هيَ توقّعاتهم من مديرهم؟ فبدأوا بطرحِ ارائهم وكتبها كلّها على السبورة. ثمّ قالَ ستجدونني على حسنِ توقعكم. وبعدها سأل نفس السؤال وقال “ماذا أتوقّع منكم؟” فجاءت الإجابات سريعة: “الولاء، والصدق، والمبادرة، والتفائل، وعملَ الفريق، و٨ ساعات من الحماسة.” منهمْ من تطوّع للعمل ١٤ ساعة.

يحكي أدولف أنّ مستوى المبيعات ارتفع بشكلٍ مبهر. لم يطلب أدولف منهم هذه الصفات بل جعلها تأتي كما لو أنّها أفكارهم هم. لتكونَ مُجدًّا في عملك، يفضّل أن يأتي من اقتناعك الداخي. بعكسِ لو جاءك مديرٌ يصرُخ فوق رأسك عن لماذا عليكَ أن تكونَ جادًا أكثر.

 

نحبُّ أنّ نشتري لا أن يباعَ لنا. نحبُّ أنْ نشاركَ أفكارنا وأنْ يؤخذ رأينا بالحسبان

يقولُ السيّد ويسون أنهُ لمدّة ثلاث سنوات وكلّ أسبوع يذهب ويقّدم رسماته لأحد ستوديوهات نيويورك. بعدَ ١٥٠ محاولة فاشلة ورفضْ في كلّ مرة، قرّرَ أن يدرس عن العلاقات البشرية.

يقولُ أن المدير الفنّي في الاستديو لم يرفض لقاءه ولا لمرة. وفي كلّ مرة ينظر لعمله بدقّة يكتشف بعض الاخطاء ويعتذر له. هذه المرّة رسمَ بعض الرسومات ولم يكملها وذهبَ إليه طالبًا مساعدته. قالَ هل يمكنك إرشادي كيفَ أٌنهي هذه الرسومات لتكونَ ذات فائدة لك؟ ردّ عليه وقال اتركها وارجع لي بعد ثلاثة أيام. عندَ عودة وينسون والتوتّر يملأه، أخبره المدير الفنّي بالتعديلات المطلوبة والطريقة المثلى لإكمال الرسم. النتيجة؟ كُلّها قُبِلتْ.

وينسون تركَ المجال للمدير بالكامل ليقترح فيه ويشارك نظرته وأفكاره. لمْ يبعِ وينسون هذه المرّة، بل المدير الفنّي هو الذي اشترى، بكامل حرّيته.

 

يحكي طالبٌ اخر يعمل في مستشفى كبير في بروكلين عن رسالة وصلت من مُصنِّع لأجهزة الX-Ray. محتوى الرسالة كانَ عبارة عن طلب شخصي لهذا الدكتور أن يأتي ويفحص أجهزتهم الجديدة. ثم يُدلي برأيه ما إذا احتاجتْ تحسين أو تطوير. ذهبَ الدكتور بعدَ أن وصلتهُ سيارة خاصة وتفحّصَ المعدّاتْ بشكلٍ دقيق واكتشفَ أنها مثالية، فطلبَ منها للمستشفى.

يقولُ الدكتور رغمَ زحمة جدوله، وإلغاءه لموعد عشاء في تلكَ الليلة، لكنّهُ شعرَ بإحساس الأهمية. هنالكَ شركة طلبت رأيه الشخصي، وعندما اشترى المعدّات للمشفى، لم يقترح عليه أيّ أحد، بل كانَ رأيهُ بالكامل.

 

“إن السبب وراء تكريم الأنهار من قبل الجبال هو أنها تظل تحتها. وبالتالي فهي قادرة على السيطرة على جميع الجداول الجبلية. وبالتالي فإن الحكيم، الذي يرغب في أن يكون فوق البشر، يضع نفسه تحتهم؛ واذا رغبَ في أن يكون أمامهم، يضع نفسه خلفهم. وبالتالي، على الرغم من أن مكانه فوق البشر، فإنهم لا يشعرون بثقله؛ وعلى الرغم من أن مكانه أمامهم، فإنهم لا يعتبرونه أذىً.”

المبدأ السابع: اجعل الطرف الآخر يشعر أن الفكرة فكرته.

 

 

الفورميلا التي ستصنع لك العجائب

تذكّر أنّ الشخص ربما يكون على خطأ مُحتم، لكنّهُ يعتقد عكسَ ذلك. لا توبّخه يقول كارنيجي، أيّ أحمق قادرٌ على ذلك. حاولَ أنْ تكونَ حكيمًا وتفهم الأشياء من وجهة نظره. هنالكَ أسباب لتصرّفات الشخص الذي أمامك، افهمها. ضعْ نفسكَ مكانه لوهلة.

 

توقّف للحظة واخرج من عالمك المزحوم، والاشياء التي لا تتوقف عن الظهور في رأسك، الاصوات الكثيرة، والتفكير في الاشياء التي فعلتها في السابق، والتي ستفعلها اليوم وغدًا ونهاية الأسبوع. توقّف للحظة وفكّر أنّ المثلَ يحصل لكلٍّ منّا. كلّ شخص يعيشُ معاركًا بداخله أنت لا تعرف عنها شيئًا. لا أريدكَ أن توافقه الرأي، بل انظر للعالم من عدساته، البس حذاءه، وافهم أسبابه.

 

لنتعلّم أنْ نُخبرَ الشخص الآخر أننا نحترم رأيه، وأفكاره، ومشاعره كما لو كانتْ ارائنا وأفكارنا ومشاعرنا. يقول كارنيجي لو خرجتَ بشيءٍ واحد من هذا الكتاب، فليكن هو الرؤية من وجهة نظر الطرف الآخر.

المبدأ الثامن: حاول وبصدق أنْ ترى من وجهة نظر الطرف الآخر (البسْ حذاءه).

 

 

ما يريدُه الجميع

يقولُ كارنيجي هل تريدُ جملة سحرية لتنهي كل النزاعات والنوايا السيئة وتجلب حسن النية وتجعل الشخص الآخر يستمع باهتمام؟ إنها: ”أنا لا ألومك ولا ذرّة على ما تشعر بهِ الآن. بلْ لو كنتُ مكانك، لشعرتُ بنفسِ ما تشعر به”. هذه الجملة ستهدّئ أيّ شخصٍ كان، فقط، إن كنتَ صادقًا مائة بالمائة وأنتَ تقولها.

 

يقولُ كارنيجي لو كنتَ وُلدتَ بنفسِ جسد الكابون، وتربّيتَ في نفسِ بيئته، وخالطتَ نفس الذينَ خالطهم فبالطبع ستصبح الكابون. ولو كانَ أبويكْ أفاعي لو ولدتَ أفعى أيضًا. ليسَ لكُ فضلٌ كبير في من هوَ أنت. لأنّكُ محض انسانٍ تتشكّل بناءً على الافكار والاعتقادات التي غُرستْ فيهِ منذ الصغر. التعليم الذي تلقيته. والاصدقاء والزملاء الذين عاشرتهم.

 

ثلاث أرباع الناس الذي تلتقي بيهم كلّ يوم، يتوقونَ للعاطفة والشفقة. أعطِها لهم، وسيحبّوك.

المغنّي تشاليابين في بعضِ الأحيان وعندما يكونُ لديه عرض غنائي يتّصل بمدير أعماله السيد هورك. فيقولُ له أن حلقه يؤلمه جدًا ولا يمكنه الغناء اليوم. هل يصرخ عليه هورك؟ لا. رائد الأعمال البارع يعرف كيفَ يتصرّف مع الفنّانين. فيتعاطف معه ويخبره أنّ عليهم إلغاء الحفل. فصِحّتْ تشاليابين أهمّ من حفل غنائي سيحضره المئات. “سنخسر بضعَ آلافٍ الدولارات فقط، لكنّها لا شيء مقارنةً بسمعتك” فيردُّ عليهِ تشاليابين ويقول: “تعالَ مجدًدا على الساعة الخامسة، ربما سأتحسّن”.

فيأتي هورك على الساعة الخامسة جريًا ليتفحصَ صحّة تشاليابين ويصرّ على إلغاء الحفل  لكن يطلب منهُ الحضور مجدًدا بعد قليل. ثم يعودُ هورك مجدّدًا وآثارُ القلق تملؤه ويحاول إقناع تشاليابين ولكنْ تشاليابين يرفض فكرة الالغاء. ثمّ يوافق على الغناء بشرط أنّ هورك يخرج على المسرح ويخبر الجمهورْ أنّ المغنّي تشاليابين يعاني من ألمِ في الحلق، لذا سيأثّر على صوته.

ماذا برأيك سيحصل لو انفعلَ هورك على المغنّي صارخًأ أنّهُ إمّا الغناء أو الغناء؟ سينفعل تشاليابين هو الآخر ويبدأ بينهم نزاع لا أعرف كيف سينتهي ولكنْ أعلم أن مبالغ تذاكر الحفل ستُردُّ إلى أصحابها.

 

يقولُ الدكتور آرثر في كتابه Educational Psychology أنّ الطفلَ يُري آثار الحرقِ على يده أو الجروح في ساقه باحثًا عن التعاطف. والغريبُ أنّ البالغين يبحثونَ عن التعاطف أيضًا. سيريكَ بفخرٍ ندباته الموجودة على جسده، أو سيحكّي قصتهُ مع مرض عصيب مرَّ به.

“إن الشعور بـ “الشفقة على الذات” بسبب المصائب الحقيقية أو المتخيلة هو في الواقع ممارسة عالمية إلى حد ما.”

المبدأ التاسع: كُن متعاطفًا مع أفكارِ ورغباتِ الطرف الآخر.

 

 

ما يحبّه الجميع

بيربونت مورجان قال أنّ الشخص يمتلك سبب لفعلِ الشيء، واحدْ يبدو جيّدًا وسبب آخر حقيقي.

السيّد فارّيل يتحدّث عن زوجان يسكنانِ في عمارته وعندما تبقّى ٤ أشهر على انتهاء العقد قررا المغادرة. يحكي السيّد فارّيل أنهما استغلّا، ولم يغادران في أغلى فترة سكن وهيَ فصل الشتاء، وبرحيلهم لن يستطيعَ إيجار الشقّة قبلَ الخريف القادم.

 

كانَ بإمكانه التحدّي والوقوف أمامهما. لأنهُ من غيرِ القانوني أن يخرجا قبلَ انتهاء العقد، أو عليّهما دفع المبلغ المتبقّي بالكامل. لكنّهُ تريّث وجرّبَ طريقةً أخرى. كتبَ في رسالة: “السيّد دو، لازلتُ لا أصدّقْ أنكَ ترغب في المغادرة. خبرتي في عالم تأجير العقار علّمتني شيئًا، ألا وهوَ أن أخُذَ الرجال على كلمتهم. وأنتَ وقّعتَ عقدًا وأعرف أنكْ ستلتزم به. أتمنّى أن تدرس قرارك بحكمة، وتأتي لي في بداية الشهر. إن أردتَ المغادرة، فلن أعترض. ففي النهاية، ما يفرّق الرجل والقرد هوَ الإيفاء بوعودهم”.

في بداية الشهر، أتَى الرجل لتسليم قيمة الإيجار بعدَ أن درسَ الموضوع مع زوجته. وجدوا أن من النُبْلِ عدم فسخهم للعقد. فارّيل لم يردهم المغادرة لسبب المال ولكنّهُ أظهرَ للطرف الآخر أن السبب هوَ كلمة الرجل والإيفاء بوعوده.

 

اللورد نورث كليف وجدَ في الصُحُف صورة لم تعجبه. لم يطلب من الناشر إزالتها لأنهُ لا يحبّها. بل قال لهم أنَّ أمهُ لم تُعجبها الصورة. السبب الحقيقي هوَ أنّ الصورة كانتْ قبيحة ولكنّهُ بيّنَ أنّ السبب مختلف. وهوَ أنّ أمهُ العزيزة لم تتقبلها. فهذا هوَ سبب نبيل كافي ليتقبّلهْ الطرف الآخر.

المبدأ العاشر: ناشد الدوافع النبيلة.

 

 

تفعلها المسلسلات والأفلام. لما لا تفعلها أنتَ أيضًا؟

تحكي الآنسة وولف عن مشاكل واجهتها في العمل وأرادت بشدّة أن تلتقي بالمدير لتناقشها معه. طلبتْ لقاءه منذُ يومِ اثنين، ولكنّهُ مشغولٌ للغاية. في كلّ مرة تحاول مقابلته، تجدهُ مشغولًا حتّى يوم الجمعة. في صباح يوم الجمعة، لم تستطع الانتظار أكثر. فكّرتْ في طريقة لجذب انتباهه وجعله يوافق لمقابلتها.

كتبتْ في رسالة تخبره عن تفهّمها لمدى انشغاله في العمل. لكنّها تحتاج رؤيته في أسرعِ وقت. ثمّ كتبت في النهاية التالي:

آنسة وولف. سأستطيع مقابلتك في الساعة……. وسأعطيكِ من وقتي…..

تركتْ لهُ فراغات ليملأها هو. والنتيجة؟ حصلت على موعدٍ معهُ في نفسِ اليوم.

 

السيّد جيمس كتبَ تقريرًا مفصّل عن منافسين الشركة لمنتج القشطة. لكنّهُ وفورَ لقاءه بالمدير اختلفوا في طريقة تقديم العرض ودارَ بينهما جدال سرقَ كلّ الوقت وانتهى الاجتماع بدونِ فائدة. في المرّة التالية لم يُتعب نفسه في تحضير تقرير طويل، بلْ دخل ومعهُ حقيبة وبدأ في تفريغها على مكتبه. كان بها ٣٢ علبة قشطة من منافسيهِ الذينَ يعرفهم. وفي كلّ علبة، ألصقَ ورقة بها معلومات كافية عن المنافس والمنتج. أضافَ طابع درامي لبحثه.

المبدأ الحادي عشر: قم بإضفاء طابع درامي على أفكارك.

 

 

عندما لا يُفلِح شيئًا، جرّب هذه

تشارلز شواب واجهَ مديرًا لأنّ عمّاله لم يصلوا لهدفهم اليومي في العمل. واجههُ شواب وقال: “كيفَ لمديرٍ مثلك، أن لا يستطيع جعل هذا المصنع يُنتج ما هوَ مطلوبٌ منه؟”. ردّ المديرُ قائلًا، أنهُ مهما حاولَ في تشجيع أو تهديدِ العمّال لم ينجح.

ذهبَ شواب لمنطقة عمل العمّال وسألهم: “كم عدد اللفّات التي أنجزتموها.” قالوا ٦. فأخذَ قلم طبشور وكتب رقم ٦ كبير على الأرض. عندما أتتْ مناوبة الليل، سألوا بقيّة العمّال: “ما هذا الرقم؟” أخبروهم القصّة. عندما انتهوا عمّال مناوبة الليل خرجوا بعدَ أنْ أتى شواب وكتبَ رقم ٧ كبير على الأرض. عمّال مناوبة الصباح وعندَ رؤيتهم للرقم ٧، اشتعلوا من الحماسة ولم يرضوا بهذه الهزيمة. شدّوا الهمّة في عملهم ولم ينتهوا إلّا والرقم ١٠ مرسومٌ على الأرض. خرجوا فخورينَ بتغلّبهم على زملائهم. يقول شواب أنّها روحُ التحدّي، والرغبة في التفوّق على الغير. لم يتفوّه بكلمة شواب، ولم يضع جائزة ملموسة أو مبلغ مالي لمن يُنجزْ أكثر.

المبدأ الثاني عشر: اطرح تحدّي.

 

 

القسم الثالث: كيفَ تَكسَب الناس لطريقة تفكيرك

المبدأ الأول: أفضل حلّ للجدال هوَ تجنّبه

المبدأ الثاني: اظهر الاحترام لرأي الطرف الآخر. أبدًا لا تقل “أنتَ على خطأ

المبدأ الثالث: إنْ كُنتَ على خطأ، فاعترف بسرعة وبحماس.

المبدأ الرابع: ابدأ بطريقة ودية

المبدأ الخامس: اجعل الطرف الآخر يقول: “نعم نعم” مباشرةً.

المبدأ السادس: دعِ الطرف الآخر يتحدّثْ أكثر منك

المبدأ السابع: اجعل الطرف الآخر يشعر أن الفكرة فكرته

المبدأ الثامن: حاول وبصدق أنْ ترى من وجهة نظر الطرف الآخر (البسْ حذاءه)

المبدأ التاسع: كُن متعاطفًا مع أفكارِ ورغباتِ الطرف الآخر

المبدأ العاشر: ناشد الدوافع النبيلة.

المبدأ الحادي عشر: قم بإضفاء طابع درامي على أفكارك.

المبدأ الثاني عشر: اطرح تحدّي.

 

 

القسم الرابع: كن قائدًا، كيف تغير الناس دون إثارة استيائهم.

الطريقة المثالية للإشارة على الأخطاء

الرئيس الأمريكي كوليدج مدحَ سكرتيرته قائلًا: “يالكِ من امرأة أنيقة بفستانٍ رائع!”. فخجِلت السكرتيرة من كلامه الغير متوقّع. ولمْ تمضي ثوانٍ حتّى قال: “حسنًا قلتُ هذا لأجعلكِ تشعري بالارتياح. من الآن فصاعدًا كوني أكثرَ حِرصًا في استخدامِ علامات الترقيم”. علميًا، من السهل علينا الاستماع لتوبيخ أو كلام سيء بعدَ مدحٍ وثناء صادق.

 

شركة وورك كانتْ تعمل على مبنى في فيليديفيا ومن المفترض إنهاءه في تاريخ محدد، ولكن المقاول المسؤول عن زخرفة الواجهة الأمامية اعتذر عن التسليم في الموعد المحدّد. كانتْ النزاعات والخلافات على الهاتف لم تؤدّي إلّا لسوءِ الموقف أكثر.

طُلِبَ من السيد قاو الذهاب بنفسه إلى نيويورك ليلتقي بمدير الشركة ويتحرّى في المسألة. عندَ وصوله، قالَ للمدير مباشرةً: “أتعرف أنّكَ الوحيد بهذا الاسم في المدينة؟”. تعجّب المدير وفتحَ دليل الهاتف وتأكّدت أنهُ الوحيد بهذا الاسم. ثمّ بدأ المدير يحكي عن عائلته المنحدرة من هولاند قبلَ مائتي سنة.

استمرًا في المحادثة واثنى قاو على مصنعه وجودة عملهم. أصرّ المدير على اخذه في جولة في المصنع ثم أكلوا الغداء سويًا. بعدَ الغداء قال المدير: “طبيعيًا، أنا أعرف لما اتيت. لقدْ استمتعتُ كثيرًا بلقائنا. عُد إلى فيليدالفيا، وأعدكْ أن طلبكم سيصل في الموعد المحدّد حتّى لو أخّرنا طلبات أخرى”.

السيد قاو حصلَ على ما يريدْ بدونِ ذكرِ كلمة واحدة عن ما يريد. أسيكونُ الحال نفسه لو أنّ قاو أنقَضّ بهجومٍ شرس يعاتب ويشتكي فيه عن خدمة المقاول الرديئة؟ لا. إنّ البدء بالثناء يُشبه عملَ طبيب الأسنان. يستعمل المخدّر في البداية ولكنْ المريض لا يزالْ سنّهُ يُحفر.

المبدأ الأول: ابدأ بالثناء والتقدير الصادق.

 

 

كيفَ تنتقدْ وتتجنّب كره الناس لك

شواب الشهير بتعامله الفوق ممتاز مع عمّال المصنع، كانَ يمشي ذات مرة ولاحظ عمّال يدخنون تحتَ علامة ممنوع التدخين. هل ركضَ شواب باتجاههم وانهارَ عليهمْ بتعليماتِ القوانين وأنّ التدخين ممنوع؟ ليسَ شواب من يفعل هذا. وصلَ إليهم وبكلّ هدوء أعطى كلّ واحدٍ منهم سيجارة وقال: “سأقدّر لكم تدخين هذه السجائر في الخارج”. أُعجبَ العمّال بأسلوبه وأنهُ لم يشير إلى خطأهم ولم يوبّخهم ومن بعدها تجنّبوا التدخين في المناطق المحظورة.

 

الطريقة الصحيحة لتصحيح أخطاء الناس هي بـ:

المبدأ الثاني: الإشارة على أخطاءِ الناس بطريقة غير مباشرة.

 

 

تحدّث عن اخطائك أولًا

ابنة أخت كارنيجي ذات ال١٩ عامًا، سافرت لنيويورك للعمل معه كسكرتيرة. يقولْ كارنيجي كنتُ انتقدها على اخطاءها. ثم استوعبتُ لوهلة وتذكّرتُ نفسي حينَ كنتُ بعمرها. كُنتُ اسوَء من ماهيَ عليهِ الآن. عمري ضَعفُ عمرها، وخبرتي في العمل أكثر منها. فهيَ لا ترى ما أراه، ولا تحكم بمثلِ حكمي. أصبحَ كارنيجي يقولُ لها إذا ما اخطأتْ: “لقدْ أخطأتِ يا جوزفين. لكنْ يعلَمُ الإله كمّ أنّ أخطائي كانت أكثر وأسوء منك”. ثمّ يوجهها للإتجاه الصحيح.

المبدأ الثالث: تحدّث عن اخطائك قبلَ انتقاد الآخرين.

 

 

لا أحد يحبّ تلقّي الأوامر

أوين دي يونق لم يعطي الأوامر لأحدٍ من موظّفيه. لم يقل افعل كذا وكذا. كان يقول “أتعتقد أن هذا سيعمل؟”، “ما رأيك بهذه الجملة؟ نعدّلها أفضل؟”، “هل تظنّ إنهاء العمل اليوم ممكن؟”. لم يُلقي الأوامر لمن تحته، بل كانَ يعطيهم الفرصة للتعلم من اخطائهم. طرحكْ للأسئلة يجعل ما تطلبه أكثر قبولًا، وفي بعض الأحيان يحفّز من إبداع الشخص. لأنّ لهُ قرار في الأمر الصادر.

 

تلقّى مصنع إيان ماكدونالد في جنوب أفريقيا طلبًا كبيرًا وعلِمَ أنّ قدرة إنتاج المصنع لن تُنجز العمل في الموعد المحدّد. لذا جمّعَ عمّال المصنعَ وشرحَ لهم الموقف وقال أنّ الشركة ستقدّر لهم جهودهم إذا ما أكملوا الإنتاج على الموعد المحدّد. ثمّ بدأ بطرح الأسئلة بدلَ الأوامر. “ماذا يمكننا أن نفعل لتحسينِ الوضع؟” “أيّ اقتراحات تزيدُ من كفاءة الإنتاج؟” تعاونَ معهُ الفريقَ واكملوا الإنتاج في الوقت المحدّد.

المبدأ الرابع: اطرح الأسئلة بدلًا من اعطاء أوامر مباشرة.

 

 

قبل سنوات واجهت شركة جنرال إلكتريك مهمة حساسة تتمثل في إقالة تشارلز شتاينميتز من رئاسة أحد الأقسام. وكان شتاينميتز، وهو عبقري من الطراز الأول في مجال الكهرباء، لكنّهُ فاشلاً كرئيس لقسم الحاسبات. ورغم ذلك لم تجرؤ الشركة على إهانة الرجل. فقد كان لا غنى عنه، وحساساً للغاية. لذا فقد منحته الشركة لقباً جديداً. فقد جعلته مهندساً استشارياً لشركة جنرال إلكتريك، وهو لقب جديد للعمل الذي كان يقوم به بالفعل، وتركت شخصاً آخر يتولى رئاسة القسم. وكان شتاينميتز سعيداً.

 

كتب رائد الطيران الفرنسي الأسطوري والمؤلف أنطوان دو سانت إكزوبيري: “ليس من حقي أن أقول أو أفعل أي شيء يقلل من شأن الرجل في عينيه. ما يهم ليس ما أفكر به عنه، بل المهم هوَ ما يفكر به هو عن نفسه. إن إيذاء رجل في كرامته جريمة”.

المبدأ الخامس: دع الطرف الآخر يحفظ ماءَ وجهه.

 

 

كيفَ تحفّز الناس على النجاح

مدرّبوا الكلاب للعروض المسرحية يكافئوا الكلب على أصغر تقدّم وتطوّر في حركاته

.

يقول عالم النفس جيس لير: “إن الثناء يشبه ضوء الشمس للروح البشرية الدافئة؛ فلا يمكننا أن نزدهر وننمو بدونه. ومع ذلك، في حين أن معظمنا على استعداد تام لتوجيه رياح النقد الباردة للآخرين، فإننا نتردد بطريقة ما في منح رفاقنا ضوء الشمس الدافئ من الثناء”.

 

في بداية القرن التاسعَ عشرَ كانَ حلم الطفل الصغير أن يصبح كاتبًا. لكنّهُ لم يتلقى تعليمًا لأكثر من ٤ سنين. كانَ والده في السجن لكثرة ديونه. لم يستسلم الصبي الصغير وبدأ يُرسل قصصه لدار الناشر بينما يعمل في مصنع مليء بالفئران. رفض بعد رفض بعد رفض إلى أنّ تمّ قبول أحد قصصه. كلام أحد المحرّرين جعلهُ يتجوّل ليلًا في أحدِ شوارع المدينة والدموع تجري على خدّيه من الفرحة. إذْ اثنى على كتابته ونالَ الاعتراف الذي يستحقه. هذا الصبي كانَ تشارلز ديكنز.

 

صبيٌّ آخر من لندن كانَ يستيقظ كلّ يوم في الخامسة صباحًا لينظّف أرضية المحل ويعمل لمدّة ١٤ ساعة في اليوم ولمدّة سنتين. بعدَ استيقاظه في أحدِ الأيام وبدونِ انتظار الإفطار انطلق مشيًا على الأقدام في رحلة كانتْ مسافتها ١٥ ميلًا لحيثُ تعمل أمه كخادمة في أحدِ البيوت. عند رؤيتها كانَ يبكي منهمكًا والدموعُ تنهمر من الصبي المهزوم. “لن أستطيع التحمّل. سأقتل نفسي إذا اضطررتُ للعودة للمحل مجدّدًا”. ويلز الصغير فقدَ الأمل وتواصلَ مع أحد مدرسيه السابقين يخبره أنّهُ سينهي حياته. ردّ المدرّس بالثناء على ويلز وإخباره أنّه عبقري ومقدّر لأشياء عظيمة. ثمّ عرضَ عليه وظيفة كمدّرس.

H.G. Wells كبُرَ ليصبح من أفضل الكتّاب في عصره. فيلم The Time Machine مقتبس من روايته.

 

تذكر أننا جميعًا نتوق إلى التقدير والثناء، وسنفعل أي شيء تقريبًا للحصول عليه. لكن لا أحد يريد نفاق، لا أحد يريد الإطراء الكاذب. التقنيات المذكورة في هذا الكتاب ستعمل عندما تنبع من قلبٍ صادق.

المبدأ السادس: اثني على أصغر التطوّرات. كُن صادقًا في ثناءك.

 

 

أعطِ الشخصَ الآخر سمعة طيبة يلتزم بها

هينري هيك مدير الصيانة في أحد شركات صيانة الشاحنات لاحظَ ميكانيكيًا تباطؤ وتخلّف في عمله. هل الحل أن يغضب ويوبّخ الميكانيكي؟ يطرده؟ هذا لن يحلّ أيّ شيء. أحضرَ هينري الميكانيكي ليتحدّث معه من قلبٍ لقلب. قال هينر: “بيل، أنتَ ميكانيكي بارع. وقدرتك في تصليح الشاحنات عادت إلينا بإطراءاتٍ من عملائنا. لكنِ الفترة الأخيرة بدا عملك بطيئًا وليسَ بالجودة التي اعتدنا عليها”. أكّدَ لهُ بيل أنهُ لم يلحظ تباطؤ في عمله، لكنّهُ سيفعل كلّ ما بوسعه ليرفع جودة العمل مجدًدًا. وبالطبعِ بيل كانَ على كلامه وعادَ عمله أفضل من ما كان.

 

لتساعدْ شخصًا على التطوّر، اثني على قدرته الحالية واعطه سمعة حسنة يلتزم بها.

المبدأ السابع: أعط الشخص الآخر سمعة طيبة لكي يلتزم بها.

 

 

اجعل الخطأ يبدو سهلَ التصحيح

قُل لطفلك أو زوجتك أو موظّفك أنهُ أحمق في شيء معيّن وأنّهُ خالي الموهبة ولن ينجز أي شيء. النتيجة؟ ستقضي على أي تطوّرات مستقبلية كانتْ ستأتي. ولكنْ إن شجّعتَ وتساهلت مع اخطائهم، سترى أنّ كلّ شخصْ بإمكانهِ التطوّر.

المبدأ الثامن: بالتشجيع، اجعل الخطأ يبدو سهلَ التصحيح.

 

 

اجعل الآخرين سعداء بفعلِ ما تريد أن يفعلوه

جيف ابن ديل أو فيرير لم يعجبه التقاط حبات الكمثرى المتساقطة من الشجرة. كانت مهمّته تساعد لألّا يتوقف الشخص الذي يلتقط الكمثرى ليلتقط الحبات التي سقطت في الأرض. اقترح ديل لابنه في كلّ يوم سيعطيه دولار على السلّة التي يملؤها بالكمثرى المتساقطة. لكن في المقابل إذا وجدَ أيّ حبّة لم يلتقطها جيف سيأخذ منه دولار.

أتعتقد أنّ جيف الصغير سيكره عمله؟ بالطبع لا. اجعل الشخص سعيدًا باقتراحك ليشجّعهُ على العمل.

 

لضمان نجاح هذا المبدأ ركّز على التالي:

  1. كن صادقًا. ولا تعد بشيء لا يمكنك الوفاء به. انسَ الفوائد التي ستعود عليك وركز على الفوائد التي ستعود على الشخص الآخر.
  2. اعرف بالضبط ما تريد أن يفعله الشخص الآخر.
  3. كن متعاطفًا. اسأل نفسك ما الذي يريده الشخص الآخر حقًا.
  4. فكر في الفوائد التي سيحصل عليها الشخص من القيام بما تقترحه.
  5. طابق هذه الفوائد مع رغبات الشخص الآخر.
  6. عندما تقدم طلبك، ضعه في شكل ينقل إلى الشخص الآخر فكرة أنه سيستفيد منه شخصيًا.

 

مثال لو أنّي أريد من موظّفَ المبيعات ليصل للهدف الشهري من العملاء سأقول التالي: “(اسمه)، إنّ مستوى مبيعاتك ارتفع في ثلاثة أشهر وهذا أفضل من غالبية زملائك (مدح وثناء). ولكن تعرف أنّ هذا الشهر هو التحدّي الأكبر بالنسبة للشركة، ورفعنا سقفَ أهدافنا درجة للأعلى. والمطلوب لهذا الشهر هوَ جلب ٧ عملاء لكل موظّف وأنتَ أحضرتَ ٢ في وقتٍ وجيز. عندَ إتمامك لهؤلاءِ ال٧ أعدكْ أنّك ستصبحْ مدير القسم الجديد وموظّف الشهر بحوافز جميلة (كُن على وعدك وحفزّهُ). أنا اقترح عليكَ بدلَ الاتصال على ٥٠ عميل في اليوم، ستساعدك الشركة بدفعٍ أجر إضافي إذا ما وصلتْ إلى ١٠٠ عميل في اليوم. وبالممارسة سترفع من مستوى مهاراتِ البيع لديك، وهذا يعني مستقبل أعمال ناجح لرجل مبيعات مجتهد مثلك”.

لم أذكر لهُ أرباح الشركة والفوائد التي تعودُ عليها وأنّ هذا عقدٌ مُتّفق عليه مسبقًا لا لا لا. قدّم طلبك في صحن يرغبُ الطرف الآخر بتناوله.

المبدأ التاسع: اجعل الشخص الآخر سعيدًا بفعل الشيء الذي تقترحه.

 

 

القسم الرابع: كن قائدًا، كيف تغير الناس دون إثارة استيائهم.

المبدأ الأول: ابدأ بالثناء والتقدير الصادق.

المبدأ الثاني: الإشارة على أخطاءِ الناس بطريقة غير مباشرة.

المبدأ الثالث: تحدّث عن اخطائك قبلَ انتقاد الآخرين.

المبدأ الرابع: اطرح الأسئلة بدلًا من اعطاء أوامر مباشرة.

المبدأ الخامس: دع الطرف الآخر يحفظ ماءَ وجهه.

المبدأ السادس: اثني على أصغر التطوّرات. كُن صادقًا في ثناءك.

المبدأ السابع: أعط الشخص الآخر سمعة طيبة لكي يلتزم بها.

المبدأ الثامن: بالتشجيع، اجعل الخطأ يبدو سهلَ التصحيح.

المبدأ التاسع: اجعل الشخص الآخر سعيدًا بفعل الشيء الذي تقترحه.

 

 

الخاتمة وكلمة معتصم

إن قرأتَ التلخيص وبتمعّن فأنا متأكّد أنكَ استفدتَ. وكل ما قرأته هو قابلْ للتطبيق لكنّهُ بحاجة لقوة عزيمة وقلّة غرور والنظر أكثر لرغباتِ الآخرين. يعلّمنا كارنيجي أن نكونَ الشخص الذي نتمنّاهُ لأنفسنا. أنا أتمنّى صديقًا يفرح لفرحي ويشجّعني عندَ إنجازي بدون حسد. أتمنّى زوجة تشاركني الأهداف أو أقلّها تدعمني وتفهم ما أسعى إليه. لكن! لماذا لا أكونُ أنا الشخص الذي يفرح لصديقه ويشجعه عندَ إنجازه بدون حسد؟ لماذا لا أكونُ الزوج الذي يدعم زوجته وأفهم ما تسعى إليه في حياتها؟ لماذا نحنُ لا نفكّر إلا في أنفسنا؟ ما أرادَ إيصاله كارنيجي في كتابه، هوَ علينا أن نفهمْ أنّ البشر متشابهونَ في أمورٍ عدّة. ما لا يعجبك لن يعجبَ غيرك. لا أحدَ يحبّ أصابعَ اتّهامٍ موجّها عليه لخطأ اقترفه. ولا توبيخًا من مدير. نحنُ مخلوقات نعيشٌ بناءً على العاطفة ولسنا عقلانيين (في غالبِ الأحيان).

كلّ ما أتمنّاه هوَ على الأقل أن تطبّقْ بعض المبادئ في حياتك. ابدأ بأصغر ما يمكن وابني شيئًا فشيئًا. عد لقراءة الكتاب (أو التلخيص) مرّة كل ستة أشهر، لترسخ المعلومات ثمّ تبدأ في تكوينِ شخصيتك الأفضل بعدَ أن طبّقتَ بعضها.

انصح بقراءة الكتاب وبشدّة.

Mutasim Eltayeb

رائد الأعمال المدمن على خلقِ القيمة لأمثاله الساعين في تنمية ذاتهم وبناء أعمالهم الخاصة. هنا تجد كلّ ما يخصّ التنمية البشرية وبناء العادات والتسويق وكتب الأعمال، وبالإضافة إلى الفلسفة كدروعنا الخفيفة والصلبة.

Leave a Reply

Close Menu
لرائدي الأعمال وكلّ من يسعى لتطوير نفسه