كما يفكّر الرجل في عقله الباطن، إذا هوَ في الواقع.
– جوزيف مورفي
يقولُ الكاتب جوزيف مورفي أنّهُ شَهِدَ العجائب عندما يتعلّق الأمر بالعقلِ الباطن، فجوزيف ساعدنا في الإجابةِ على: لماذا هنالكَ رجلٌ سعيد والآخرُ تعيس؟ وواحدٌ غني وحياتهُ في ازدهار والآخر فقير وحياتهُ في انكسار؟ كلّها تتعلّق بعقلنا الباطن.
ما هوَ الفرق بينَ العقل الباطن والعقل اللاواعي؟
رأيتُ استخدامَ المصطلحين بشكلٍ متبادل ولكنْ هنالكَ فرقٌ بينهما:
العقل اللاواعي:
ولا نستطيع التأثير عليه بسهولة، لأنّهُ العقل المسؤول عن: وظائفنا الداخلية، مثلَ معدّل نبضات القلب، وهضم الطعام والتنفس اللا إرادي. وأيضًا هوَ المسؤول عن ردّات الفعل السريعة، وهوَ القادر على كشفِ الخطر قبلَ أن تكونَ واعيًا به.
وهوَ المسؤول عن ذلك الشعور عندما تتعرّف على وجهٍ ما ولكنّك لا تتذكّر الاسم. والعقل اللاواعي كما قلنا لن نستطيعَ التأثير والوصول لهُ مباشرة بعكسِ العقل الباطن.
العقل الباطن
وهوَ أقلُّ درجةً من العقل الواعي وبإمكاننا التأثيرَ عليه. فهوَ المسؤول عن توليد الأفكار، والمشاعر وهوَ الذي يبني العادات. ففي البداية عندما تقودُ السيارة تكونُ تصرّفاتك واعية، ولكن بعدَ تكرارك لنفسِ التصرّف يُصبح مبرمج في عقلك الباطن ثمّ يتولّى زمام الأمورِ من هناك.
بإمكاننا التأثير على العقل الباطن ولكنّهُ يتطلّب جهد. فبإمكاننا التحكّم في أفكارنا وتغيير مشاعرنا. ونستطيعُ تدريبه على مجموعة عادات لتُصبح ضمن روتيننا اليومي بكلّ سهولة. وهوَ المسؤول عن الشعور الذي يُخالجك فجأة عندَ سماعك لأُغنية قديمة. أو عندما تتذكّر اسمَ شخصٍ بشكل مفاجئ.
الوعي | لا يمكن الوصول إليه | تحتَ الوعي ويمكن الوصول إليه |
التحكم | ردّات الفعل، والغرائز، والعمليّات العميقة مثلَ اللغة | العادات، الإيمانيات، المشاعر، والحدس |
مثال: | معدّل نبضات القلب، وعملية الرؤية التلقائية | ذاكرة العضلات، والعواطف المكبوتة، والمشاعر الغريزية. |
هل يمكن تدريبه | لا يمكن تدريبه | يمكن تدريبه: عن طريق بناء العادات ومخاطبة النفس. |
تخيّل أنّكَ قبطان السفينة، وطاقمك مليء بالمهندسين الذينَ يستمعونَ لأوامرك ويتّبعونها ولكنّهمْ لا يرونَ ولا يعرفونَ وجهتك، فقط هم يثِقونَ بك. هكذا العقل الواعي (أنت: القبطان) والعقل الباطن (المهندسين في السفينة). هذا هوَ الفرق بينهما، فأنتَ ترى الطريق وتوجّه المهندسين المسؤولين عن تحريكِ وتغيير الاتجّاه من الداخل.
العقلُ الباطن كالتربة الخصبة، أنتَ الواعي مسؤولٌ عن اختيارِ ما تزرعه فيها. لو كُنتَ تفكّر بإيجابية وبشكلٍ مُتكرّر، فسيتّخذها عقلك الباطن على أنّهُ الحال الافتراضي والأساس.
وبالمثلِ إنْ كانتْ أفكارك السلبية تطيرُ داخلَ جمجمتك ولا تستطيعُ ترويضها فماذا سيحصل؟ يتقبّلها العقلُ الباطن على أنّها الحالُ الطبيعي. فالعقلُ الباطن لا يرى العالم الخارجي إلّا من خلالك. من خلالِ الحواسّ وأفكارك الواعية والقصص التي تُكرّرها لنفسك حيالَ الأشياء. فيبدأ هوَ بخلقِ المعنى وإضافة الألوان لكلّ شيءٍ في حياتك.
العقل الباطن لا يعرَف الفرق بينَ الصالح والسيء، سيصدّقْ أيّ معلومة تكررها لها على أنّها الحقيقة حتّى لو لم تكُن كذلك.
العقل الباطن لا يُفرّق بينَ المزحة والحقيقة
العقلُ الباطن لا يمتلك القدرة على النقاش والرد، ولا يستطيع تحذيرك كما يفعل العقل الواعي. فهوَ يأخذُ المعلومة التي كرّرتها على أنّها الحقيقة. فإنْ قُلتَ لنفسك: أنا فاشل، لا أستطيعُ حتّى أنْ أَصِلَ لوزني المثالي، وكلّ عملٍ ومشروع أبدأهُ لا ينجح. فبالفعل لن تستطيعَ أنْ تنجح، لأنَّ العقل الباطن اتّخذها على أنّها الحقيقة المسلّمة.
لا تنسى أنّ حياتك قائمة على عقلك الباطن أكثرَ من عقلِكَ الواعي. فكلّنا نُريدُ أنْ نُصبِح أثرياء، وبأجسامٍ رشيقة، ونكونَ مُلتزمينَ دينيًا، ولكنّكَ لن تُصبِحَ إلّا ما هوَ موجودٌ في عقلك الباطن. فكما قالَ فان جوخ: “دعونا لاننسى ان المشاعر هي القبطان الحقيقي لحياتنا ،وأننا نطيعها حتى بدون أن نعرفها او نفهمها”.
فالعقل الباطن هوَ المسؤول عن توليد واختيار مشاعرك بناءً على البرمجة التي تلقّاها منك طولَ حياتك. فقد يفرح شخص لأنّ الآخر قد فشِل، وقد ويتعاطف معهُ شخصٌ آخر. فكلّها تعتمد على الطريقة التي ترى فيها الحياة.
كل فكرة هي سبب، وكل حالة هي نتيجة. وعندما يكونُ عقلك الواعي في وضعِ الاسترخاءِ بعدَ أنْ تقبّل فكرةً جديدة، فسيعمل بعدها العقل الباطن على تنفيذِ الفكرة.
لا فضيلةَ في الفقر
الفقر ليسَ إلّا مرض. ولكلّ داءٍ دواء. وديننا الإسلامي لم يثني على الفقر وكما قال علي بن أبي طالب كرّمَ الله وجهه: ((لو كانَ الفقرُ رجلًا لقتلته)).
فالسؤال المرجو: كيفَ نستعمل عقلنا الباطن لمساعدتنا في التخلّص من مرض الفقر؟
قبلَ الإجابة على هذه الأسئلة فلنتطلع على بعضِ الآثار المترتبة من الفقر، والتي تمنعنا من تخطّي اعتقاداتنا بأنّنا لنْ نُصبح أثرياء:
١: الحسد
عندما كُنّا صغارًا دائمًا ما نفكّر في الأشياء الغير قانونية التي ارتكبها الشخص ليحصُل على مِثلِ تلكَ السيارة الرياضية الفارهة. فتعلّمنا من المجتمع أنّ الأغنياء همُ الذينَ نهبوا أموالَ البلادِ وتركونا فقراء. فتكرّرتْ هذه الفكرة وقبِلها العقلُ الباطن، ولذا عندما نحاول أنْ نصبحَ أغنياء يحصل تضادّ. فبالأمسِ كُنتَ تشتم وتتّهم ذلكَ الغني بالسرقة واليومَ تُريدُ أنْ تُصبِحَ غنيًا؟
نحنُ نَجذبُ من يُشبهنا، ولو كانَ الثراء عكسَ صورتنا، فكيفَ لنا أنْ نُصبِح أثرياء؟
بعدَ قرائتي لمُختلف أنواعِ الكتب، ألهمني الله أنْ أفرحَ مِن قلبي لمنْ يمتلك بيتًا أو سيّارةً جميلة. فأرى أنّهُ قد يستحقّ هذه الممتلكات، وربما جاءت بعدَ شقى سنينٍ من الخدمةِ والقيمةِ التي صنعها وقدّمها للمجتمع.
والحسد من الأفكار السلبية التي لن يُعجبك أثرها في حياتك. وكما قلنا بتكرارِ الفكرة تُصبح جزءًا منك. فالخطوةُ الأولى تكمُن في استبدالِ مِثلِ هذه الأفكار الضالة بأفكارٍ أكثرَ إيجابيًا والتي بدورها تُدخلُ السرورَ في داخلك وتُحفزّك في رحلتك نحوَ أهدافك.
٢: أنتَ تُحاول بكلّ قوتك
لو قلتُ لك أنْ لا تُفكّر في فيل وردي طائر بأجنحة صغيرة، فماذا حصل؟ فكّرتَ في فيل وردي طائر بأجنحة صغيرة.
فالعقل الباطن لا يعرف النفي. ولو حاولتَ أنْ تغرِسَ في تُربته الزرع، بالقوّة، فلن تنجح. فالعقل الباطن لن يقبلَ الأفكار التي يريدُ العقل الواعي أن يزرعها بسهولة. فهنالكَ عدّة عوامل من أهمّها الخيال والمشاعر.
عقولنا لا تعرف الفرقَ بينَ الخيال والواقع. فلوْ تخيّلتَ نفسك تُلقي كلمةً أمام جمهورٍ من الآلاف وانغمستَ في التفكير في التجربة، فستجد نفسكَ تتعرّق في الواقع.
فإذا أردتَ أنْ يقبلَ عقلك الباطن بفكرةٍ ستساعدك في حياتك، تخيّلها وعشها ولا تنسىَ مُخالجتها بالمشاعر الجيّدة. فلوْ أردتَ أن تُصبِحَ كاتبًا تخيّلْ نفسكَ تكتبُ ويستفيدُ من كتابتك الملايين واشعر بشعورِ الإنجاز الجميل ولكنْ الأهمُّ من هذا كلّه هوَ أن تكتب. وتكرر الفعل أكثرْ من مجرّد التفكير فيه. فكلّما كررتَ الفعل، كلّما أرسلتَ أصواتًا لعقلك تُخبرها أنّكَ ذلكَ الشخص الذي يستفيدُ الملايين من كتاباته، مما سيقبلُ عقلكَ الباطن هذا كجزءٍ من شخصيتك.
٣: الخوف
شعور الخوف من الفشل هوَ بحدّ ذاته تجربة فشل.
قد يكونَ الخوف هوَ ما يسيّطرُ عليك، ويبعدك عن المحاولة حتّى. فكلنا نخاف، والخوفُ شعورُ طبيعي، ولكنْ لا يعني أنْ نُسلّمَ لهُ ونقبله. فالخوفُ يراودنا لأنّ العقلَ يظنُ أنّ الخطرَ قد اقتربَ منّا. فيحاولْ أنْ يُحذّرك. ولكنْ بعضُ إشاراته ليستْ حقيقة.
- الخوفُ من المجهول،
- والخوفُ من ردّة فعلِ الناس لو لم ننجح،
- والخوفُ من العواقب كلّها وإنْ كانتْ حقيقية،
فلن تكونَ بنفسِ درجةِ السوء التي يخلِقها لكَ عقلك. والخوفُ يسلبْ منكَ اللحظة الحالية، ويُدخلك في دوّامة تفكير سلبية وتوتر وصعوبةَ اتّخاذ القرار. وكلّما خِفتَ أكثر، كلّما أرسلتَ إشاراتٍ لعقلكَ الباطن أنّ الشيء الذي أمامك هوَ خطرٌ عليك، فلن يقبله وسيرفضه ويتجنّبه وربما يهرب منه كما يهرب صغير الغزال من مصوّر ناشيونال جيوغرافيك. لأنّهُ يظنّهُ خطرًا عليه ولكنْ العكسُ صحيح.
تخيّل أهدافك
يتحدّث الكاتب في هذه الجزئية عن ضرورة تخيّل أهدافنا قبلَ كلّ شيء. فالمهندس المدني يرى المبنى بالكامل بمخطّطاته قبلَ أنْ يبدأ في وضعِ الحجرة الأولى. ولكن هل يُمكننا تخيّل ما ليسَ موجود؟ بالطبعِ نستطيعُ ذلك. فكلُّ إنجازٍ عظيمَ كانَ مجرّد فكرة وتخيّلها صاحبها مرارًا وتكرارًا حتّى حولها لواقعْ. فلو تخيّلتَ أهدافك وأوصلتَ الشعورَ لعقلك كما لو أنّها حقيقة، فسيبدأ العقل في تصديقها والسعي نحوها. وأكرّر أنّ الخيال فقط ليسَ هوَ الشيء الأكثر عمليًا، بل التطبيق نفسه والمحاولة والعمل بيديك.
أفضلُ وقتٍ لتخيّل الأهدافْ هوَ قبلَ النوم. لأنّكَ حين تنام، يظلّ العقل الباطن مستيقظًا ليهتمَّ بباقي الوظائف الداخلية، وبتفكيرك وتخيّلك لهدفكَ قبلَ أن تستريحْ لل٨ ساعات المقبلة، فأنتَ تُعطيهِ مهمةً ليفكّر فيها ويجدْ طريقًا لها.
فكّر في نهاية الهدف وليسَ في الطريقِ المؤدّي إليه. فكما تذهب للطبيب وتشرح لهُ أعراضك، فسيعالجك ويعطيكَ الدواء. لأنّكَ لو كنت ذكيًا كفاية لمعرفة العلاج، لن تذهبَ لزيارته. نفسُ الشيء مع الأهداف، أنتَ ترى النهاية ولكنّ الطريقَ سيُرسم لك عن طريقِ عقلك الباطن.
العقل الباطن آلة تسجيل
كلّ لحظات حياتك مُسجّلة في العقل الباطن، ولكنْ نتذكّر القليل منها. والعقل الباطن يُسجّل عاداتك وأفكارك المتكررة ثمّ يعيد تشغيلها عليك، فحتّى لو كانتْ أفكارك سلبية عن الغير، فسَتُعاد عليكَ الأفكار السلبية أنتَ أيضًا وتؤثّر عليك.
يدّعي المؤلّف أنّ الصحّةَ والثراء، تكمُن في عقلنا الباطن. فلو تيقنّا أنّ عقلنا القادر على علاجنا من كلّ الأمراض، فسيكون قادرًا على ذلك. لأنّهُ في الأصلْ هوَ المسؤول عن معالجة جروح الجسم، والتأكّد من طرد كلّ الفيروسات الدخيلة. وبالنسبةِ للثراء، فهيَ شعورْ داخلي بالأمنِ والاكتفاء والرضى، ويمكنك تدريب عقلك الباطني على جعل هذا الشعور هوَ الافتراضي. فكما ذكرنا عقلك الباطن يستمع إليك، وبعمرِ ال٣٥ ستكونُ ٩٥ بالمائة من تصرّفاتك يتحكّم بها العقل الباطن، وفقط ٥ بالمائة من عقلك الواعي. فلوْ كُنتَ أصغَر من هذا العمر فلازالَ الأمرُ أسهل لتغيّير ما زرعته في عقلك الباطن، بعكسِ إنْ كُنتَ أكبر من ٣٥ سنة. لا أعني أنّ التغيير مستحيلًا، ولكنّهُ يتطلّب جُهدًا. فبعدَ ال٣٥ ستعيشُ يومكَ كاليوم السابق والذي قبله. ستحترفُ مهارتك في العمل، وستطوّر فيها، ولكن يبقى روتينك اليومي كما هوَ. فلو كُنتَ النوعَ الذي يستيقظُ والسلبيةُ هيَ أوّل ما يخرج من فمه في الصباحِ الباكر، فهذا النوّعُ قد اتّخذَ عقلهُ الباطن أنّ الشعور الافتراضي هوَ السُخط وعدم التفائل وكُره كلّ صباح. وإذا بدأتَ يومكَ تكرهُ صباحك؟ فأنتَ قد جهّزتَ الفلتر الذي يلوّنُ لكَ عالمكْ بسلبية، وظروفك مهما كانَ بها فُرصٌ لكَ وإيجابية، فلَن ترى إلّا الأشواك المحيطة بالوردة، وسيتغاضى عقلك الباطن عن رؤية الوردة الحمراء، ولن يشتمّ عبيرها.
لن يؤثّر عليكَ نقدُ الآخرينَ طالما عرِفتَ هذا الشيء
أنتَ لستَ أفكارك، ولا مشاعرك، وأنتَ تستطيعُ التحكّم فيهما والأهمُّ أنّكَ تستطيع التحكّم في ردّات فعلك. فأولًا، ومهما كانتْ مهنتك وحرفتك في هذا العالم، فأنتَ لستَ مسؤولًا عن إعجابِ كلّ البشريةِ بها.
جيري ساينفيلد الكوميدي الأوّل في العالم يقولُ بالطبع لن تُعجبَ نكاتي الكثير، وهذا هوَ الهدف، لأنّها موجّهة لجماعة معيّنة. وقال سيث قودين إنْ لم يُعجبْ أحدٌ بكتابك، فهذا يعني أنّ الكتابَ ليسَ له، بل هوَ يُناسب فئةً أخرى.
فلا تبتئس بتعليقاتِ الغرباء وحتّى الأقربون، فهُم يرونَ العالم من منظورٍ مُختلف. وحتّى لو كانوا على حقٍّ في نقدِ أعمالك، فأنتَ المسؤول عن الطريقة التي تنظر فيها لنقدهم.
إمّا التجاهل الكامل، وإمّا الاستماع لنصيحتهم ومحاولة تحسين عملك. ولكنْ أبدًا لا تعتقد أنّكَ مسؤولٌ عن رأيهم. لماذا؟ لأنّ رأيَ الآخرينَ عنكْ ليسَ من شأنك.
هل النقد يؤثّر عليك؟ إذًا فأنتَ لا تُقدّر نفسك ولا أعمالك.
تذكّر أنّهُ لا معنى لرأيِ الشخصِ الآخر، حتّى تُعطيه معنى بنفسك.
الاعتقادات والإيمانيّات المحدودة هيَ مشكلة ٩٥٪ من البشر
اقرأ الجمَل التالية ولاحظ إنْ قُلتها لنفسك من قبل:
- “أنا لا أستطيع تحمّل تكلفته”
- ”هيَ لا تُحبّني لأنني قبيح وفقير”
- ”أنا مجرّد فاشل لا يستطيع حتّى تغطية مصروفات عائلته الشهرية”
- ”ماذا لو فشلت؟ سأخسر كلّ شيء. سيسخر منّي الجميع”
- ”لا أمتلك المال لأبدأ عملي الخاص، ولن أعملَ في وظيفة لأنّها عُبودية”
- ”كلّ الناس ضدّي، لماذا لا يهتمّونَ لأمري”
- ”فقط لو لم يكُن مجتمعي هكذا، لأصبحتُ شخصًا مُختلفًا”
- ”سأسعد أخيرًا عندما امتلك كلّ ما تمنّيته”
- ”فقط! لو حالفني الحظ! فقط لو بدأتُ منذ سنّ المراهقة! فقط لو يفهمُ أبي وأمّي!
- ” ”الحياة ليستْ عادلة، أنا مظلوم، أنا ضعيف، أنا لنْ أُنجِزَ أيّ شيء ذا معنى”
- ”سوف يرفضني ويرفض عرضي، لن أحصُل على هذا المشروع، أنا مجرّد محتال”
- ”لن تقبلني هذه الشركة المحترمة، مؤهلاتي أقلّ من العادي، وأنا لا أمتلك الجرأة الكافية للتقديم”
- ”أنا فاشل، فاشل، فاشل. كلّ ما ألمسه يُصبِح خرابًا”
- ”لم يكُن أبي مثالًا حسنًا، فكيفَ لا أكونُ فاشلًا؟”
- ”لا أستطيع”
- ”شخصيتي ليستْ من هذا النوع، إذًا لن أستطيع تعلّم هذه المهارة/حرفة”
- ”هيَ ناجحة لأنّها محظوظة، ولديها المال، وعائلة مُحبّة، ومجتمع داعم. أنا رجُل أنا فاشل”
- ”لن يُقدّر الناس خدماتي، وعملي، لأنّني دونَ المستوى المطلوب”
العقل الباطن لنْ يوقفكْ أو يُجادلك، فهوَ كما قلنا كالتربة الخصبة، يتغذّى على ما تزرعه، ولو تكرّرت كفاية، فستُصبِحْ جزءًا منكَ ومن تصرّفاتك اللاواعية. فلوْ كرّرتَ لنفسِك أنّ أفعالك السيئة سببها المثال السيء (والدك) فستستمرُّ في هذه التصرّفات بدونِ أنْ تعي لها. فأصبحت هيَ الافتراض والأساس لشخصيتك.
هل سنستطيع أنْ نكونَ ما نشاء؟
وصلتُ لإيمانٍ تام أنّ الإنسانَ يمتلك الخيار ليُصبِحَ أيّ شيء في هذا العالم لو فكّرَ وآمنَ بصدق أنّهُ سيستطيع. الشرط الوحيدْ هوَ تحمّل الطريق والمعاناة التي تنتظره. لم أصدّق أنّني سأصبِح كاتبًا، وها أنا أكتب بشكلٍ يومي. بالرغم من المستوى المقبول، لكنّ عقلي اتّخذها جزءًا من شخصيتي الجديدة. وأصبحتُ أرسم بشكلٍ يومي وحتّى بعدَ أن آمنتُ بكلّ أعماقِ قلبي خلالَ ال٢٠ سنة الفائة أنّني لا أستطيع الرسم؟ وها أنا اليومَ أرسمُ بشكلٍ يومي. ونفسُ الاشياء تنطبق على الرياضة والغذاء والعمل، فكثيرٌ من ما اعتقدتُ أنّهُ مُستحيل، اتّضحَ أنّهُ مجرّد أكاذيب وقصص اخترعتها وكررتها على نفسي لسنين كثيرة، لدرجة صدّقها عقلي الباطن وتيقّن من إستحالة كونها ممكنة.
ورسالتي لكَ هيَ أنْ تعودَ لما عهدتهُ مُستحيلًا على نفسك، وتراجعَ الاشياء التي حلُمتَ أنْ تُصبحها أو تُنجزها، لكنّكَ آمنتَ أنّها مُستحيلة. لماذا تعتقد ذلك؟ هل هيَ حقيقةٌ مُطلقة؟ وكيف تعرف ذلك؟ أم أنّها أفكارٌ ترسّختْ في عقلك من بيئتك؟ والديك؟ مدرسّيك واصدقائك؟ هل جرّبت؟ هل حاولتَ ممارسة الشيء الذي تعتقدُ أنّهُ مُستحيلًا عليكَ تعلّمه؟ هل أنتَ قادرٌ على تجربة شيء جديد؟ وتحطيم الحدود الزائفة التي بنيتها لنفسك؟ وحولَ نفسك؟ لا تُجب على هذه الاسئلة إلّا بوعي وحضور كامل. لا أريدك أن تتغيّر في نفسِ اللحظة، بل اعرف ما هيَ الأكاذيب التي صدّقها عقلك، لأنّك أنتَ الذي صدّقها في البداية ثمّ كررها حتّى أصبحتْ مُسلّمة وواقع.
طريقة التأكيدات، وهل هيَ حقًا فعّالة؟
ذكرَ الكاتب أنّ للتأكيدات قوّة سحرية في المعالجة وتحقيق الأهداف. وذكرَ قصّةً يقولُ أنّهُ كرّر لعقله أنّ أختهُ بخير، وستتعافى من مرضها، وبعدَ أسبوعين بيّنتْ الفحوصات أنّها سليمة تمامًا. يؤمنْ الكاتب بموضوع العقل الكوني، وكيفَ أنّنا جميعًا مُتّصِلينَ سويًا. أغلَب هذه المفاهيم مأخوذة من كتاب فكّر وازدد ثراءً لنابليون هيل، تحدّثنا عن الكتاب في تخليص آخر، ولكنْ اعتقادي الشّخصي أنّها مجرّد خُزعبلات.
تكرارك لجملةٍ لن يجعلها واقعًا. تكرارك “لأنا غني” لن يجعلك غنيًا. تكرارك “لأنا شُجاع” لن يجعلكَ شجاعًا. حتّى لو كرّرتها ألفَ مرّة.
ستُصبح غنيًا عندما تعمل في سبيلِ جنيِ المال. ستُصبح شجاعًا حينما تواجهك مواقف تتطلّب الشجاعة. فالتأكيدات بدونِ الفعل لا فائدةَ منها. لأنّ العقل الباطن لن يستقبلَ مجرّد كلمات تقولُها بوعي، بل يتقبّل الكلمات التي تُصدّقها من أعماقِ قلبك، وتتصرّف بناءً عليها لفترةٍ كافية من الزمن. حينها فقط سيتقبّلها العقل الباطن.
ما هوَ بديل التأكيدات؟
هل عليكَ أن تُردّد عباراتٍ كتبتها لنفسك كلّ صباح لأجلِ أنْ تُغيّرَ حالك؟ ربما قد تنجح معك، لكنّني شخصيًا حاولتُ لشهورٍ وربما سنة. كانتْ لديّ تأكيداتٌ كثيرة أردّدها واقرأها بشكلٍ يومي.
مزجتُ مشاعري معها وآمنتُ بها، ولكن لم أرى تأثيرًا إلّا عندما بدأتُ بالتطبيق. البديل الأمثَل هوَ الجورنال أو كتابة اليوميات. هذه ربما هيَ أفضل عادة اتّخذها في حياتي حتّى الآن. فهيَ البوابة المباشرة للتحدّث مع عقلك الباطن، وبالاعتمادِ على تكتبه في الجورنال، فهيَ تصنع فارقًا كبيرًا جدًّا في حياتك وتصرّفاتك. لأنّها المساحة التي تُواجه فيها عقلك ومشاعرك بدونِ حدود. تخاطب نفسك، ونفسك تردّ عليك، وتدخُلونَ في حوارٍ واعٍ يكشفُ الحقائق وماكانَ خفيًا وما تمّ تجاهله. ففي هذا الوقت تجد نفسك تتحدّث عن اخطائك وتكتشفها وتبدأ شيئًا فشيئًا في التصرّف حيالها. الجورنال اليومي هوَ العلاج الذي تبحث عنه. هيَ كالبودكاست اليومي بالنسبةِ لي، أنا المضيف والمشاركينَ همُ العقل الباطن، والأفكار، والمشاعر، ويشاركنا الحدسُ الحوارَ في بعضِ الأحيان. هوَ وقتي المفضّل من اليوم، والذي أشعُر بالسلبية حينما أفوّته. فأُلاحظ الاضطراب، والأفكار السيئة، والمشاعر الكئيبة تبدأ بالظهر شيئًا فشيئًا. لكن ما أن أبدأ بكتابة الجورنال يختلف الوضع، فهوَ أسرع طريقة لتغيير مشاعري وأفكاري للجانب الإيجابي.
الخلاصة وكلمة معتصم
يستمر المؤلّف في الادّعاء أن العقل الباطن يمتلك كلّ الإجابات وهوَ المسؤول عن صحّتك والثراء الذي تحلُم به. فقط آمن وفكّر بما تريده، وسوفَ يتحقّق في حياتك. لو أردتَ زوجة؟ فسألْ عقلك الباطن. زيادة في المبيعات؟ اسأل عقلك الباطن. ويقولُ المؤلّف أنّ العقلَ الباطن سيساعدك في تحقيقِ كلّ أحلامك إذا ما تعلّمتَ كلّ ما تسأله. فقط عليكَ الإيمان وتخيّل هدفك وسيتحقق مع الزمن.
بالرغمِ من عدم اتفاقي مع الكثير من ما يقوله المؤلّف، لكنني أضمنُ لكَ أنّ العقلَ الباطن يلعب دورًا كبيرًا جدًّا في نجاحك. فبالعقل الباطن تستطيعُ بناء العادات التي تُريد، وبعدَ أنْ تنبني العادة، سيكونُ العقل الباطنْ هوَ المسؤول عن المهمّة الصعبة دونَ أن تُعاني من المقاومة ضدّ عقلك كلّ يوم. وعندما تُكرّر الفكرة لنفسك وتؤمن بها وتخالجها بالمشاعر وتتصرّف بناءً عليها لفترةٍ من الزمن، عندها تُصبِح جزءًا منك، وسيحتفظ بها عقلك الباطن على أنّها الافتراض الجديد. فالتطبيق والتصرّف أهمّ الخطوات، لأنّكَ لن تبني شركةً وأنتَ تُردّد لنفسك “انا ابني شركة انا ابني شركة”… فهذه خُزعبلات لا صحّة لها على الإطلاق. إنّما هيَ خطوات مساعدة.
لمنْ يُريد الإبحارَ في عالمِ الكاتب فليقرأ الكتاب، ولكنْ اقرأهُ واعيًا، ولا تُصدّق كلّ ما تقرأ.