Skip to main content

أحد أكثر الأشياء حزنًا في الحياة هو الوصول إلى النهاية والنظر إلى الوراء بندم، مع العلم أنه كان بإمكانك أن تكون، وتفعل، وتحصل على الكثير أكثر من ذلك بكثير. – روبن شارما

 

 

هال في كتابه صباح المعجزة يكتب قصته وكيفَ أنّها تغيّرت من بعد نجاحٍ كبير إلى فشلٍ ذريع، والسبب كان حادث سيّارة أرجعهُ للوراء عدّة خطوات في حياته. وبعد فشله والاستسلام لعدّة سنوات، قرّر هال تغيير حياته وصمّمَ روتينًا صباحيًا يساعدنا في الاستيقاظِ مبكرًا لبدء يومنا بالطريقة المثالية. ومن المعروف أنهُ إذا ما بدأتَ يومك بطريقة صحيحة، ستحظى بيومٍ أفضل.

 

فإذا أردتَ الانضمام لنا في نادي الصباح، مرحبًا بك. الأمرُ أسهل من ما تعتقد. بإمكانك بناء عادة الاستيقاظ مثلَ أيّ شخصٍ أخر.

 

 

ما قبل النوم

لماذا تتخلّى عن السرير الدافئ في الصباح، وتحرم نفسك من بضعِ دقائق أو ساعات من النوم؟ العدوّ الأقوى في هذه المعركة هو عقلك. سيفعل المستحيل ليقنعك أن تكملَ النوم. ففي اللحظة التي تستيقظ فيها، تحكّمك عليه ضعيف جدًا. وإذا لم يُكنْ هناكَ ما هوَ مهمٌّ جدًا، ويترتب عليه عواقب حقيقية، ففي الغالب ستكمل النوم إلى الساعة التي اعتدت عليها (الساعة البيوليجية).

 

يُقصد بالساعة البيوليجية هوَ مواعيد استيقاظك كلّ يوم. لنفترض أنكَ تستيقظ كلّ يوم على الساعة ال٩ صباحًا واستمريت على هذا الحال لثلاثة أشهر فمن الطبيعي أن تستيقظ كلّ يوم بنفسِ التوقيت. حتّى إن نمتَ في الليلة التي قبلها لبضعِ ساعاتٍ فقط، ستجد نفسك تستيقظ في نفس التوقيت كلّ يوم. لتغيير مواعيد الاستيقاظ هذه، سيتطلّب الأمر بعض الجهد. وما أقصده بكل بساطة أن تستيقظ في نفس الوقت كلّ يوم لفترة من الزمن، حتّة تتغيّر ساعتك البيولوجية.

 

بالنسبة لي وما لاحظته أنّ فورَ استيقاظي والأفكار التي تدوّر في عقلي هي نفسها التي كانت تراودني قبلَ أن أنام. سلبية كانت أم إيجابية. ولا أخفيكَ أمرًا، إنّ الأفكار التي تدور في عقلي نهاية اليوم ليست بالمثالية. فبعدَ يومٍ طويل ومتعب، لن يكونَ لي طاقة لأفكّر بإيجابية فكلّ ما أريده هوَ قضاء بعض الوقت الممتع أُشغل عقلي. وما الحل؟

 

الحلّ هوَ قبلَ أن تنام افعل التالي:

١- كتابة كلّ ما يدور في عقلك في ورقة. الهدف؟ لتصفية دماغك قليلًا عن التفكير المستمر والأفكار التي تذهب وتعود بدون جدوى. فكتابة ما يدور في عقلك مريح ذهنيًا. ما كان يشغلك تمّ نقله على ورقة خارجية. وسيصبح دماغك أقلّ زحمةً من السابق.
٢- كتابة مهامّك التي ستنجزها فورَ استيقاظك. يقترح هال في كتابه أن تبدأ يومك بالتأمّل وترديد التأكيدات والتدوين في دفتر اليوميات (أو الجورنالينغ) والقراءة والتمرين. حدّدَ لكلّ منها ١٠ دقائق. بإمكانك تحديد ما تريد وبالترتيب الذي تريده والوقت المناسب لك. أنا أدوّن في الجورنال الخاصّة بي بما أشعر به، لا أُحدّد وقتًا. والتأمّل يكون من ٥ دقائق وأزيدْ أكثر إذا ما شعرت أنني احتاج. المقصد هوَ أنْ تُصمّم جدولكَ الخاص ولكن اكتبه قبلَ ذهابك للنوم حتّى تكونَ الفكرة واضحة لدماغك وتقلّ المقاومة في صباح اليوم التالي.
٣- النيّة الجادّة. هل تتذكّر رحلات المدرسة؟ هل كنتَ تستطيع النوم وقتها؟ أتذكّر في الليلة السابقة لرحلة المدرسة كانَ الحماسَ يمنعني النوم، ولكنْ رُغم الحماس العالي، فكنتُ أستيقظ على الميعاد. نفس الشيء عندما كبرتُ وكانتْ الاجتماعات الصباحية مهمّة لدرجة استيقاظي قبلَ المنبه. بل واستيقظ قبلها عدّة مرات حتّى اتأكد أنْ لا يفوتني. لذا، خُذِ الأمرَ بنفسِ الجدّية، وأقنع عقلكْ أنّ الاستيقاظَ مبكّرًا لأجلِ هذه المهام أمرٌ لابدّ منه وحاسم.

 

 

فورَ استيقاظك

يشارك هال بعضَ النصائح المهمّة لضمان النهوض وبدء اليوم بعد الاستيقاظ مباشرة ومنها:

١- ضع المنبّه في مكان بعيد لتُرغمَ جسمك على النهوض والتحركْ قليلًا للجهة الأخرى من الغرفة. (تعوّدتُ أن أقِف مباشرةً عندما يرنّ المنبه)
٢- ثمّ التوجّه لتفريش الأسنان.
٣- غسل الوجه بالماء لتنتعش وترسل رسالة لعقلك أن وقت النوم انتهى.
٤- شربْ كأسٍ من الماء.

ستواجه صعوبة في المرّة الأولى والثانية والثالثة. لكنْ بالاستيقاظِ كلّ يوم وفي نفس الوقت، ستجدْ نفسكَ تبدأ تتحمّس مع فكرة العادات الصباحية الجيّدة.

 

 

ابدأ عاداتك

بعدَ الجزء الصعب، يأتي الجزء الممتع والسهل وهوَ ممارسة عاداتك الصباحية. نصيحتي هيَ تصميم جدولْ مهامك الخاصّة لأنّك تعرف نفسك أكثر. ربما تفضّل الجري أولا أو تفضّل الإطالة الصباحية. ربما قراءة بِضعْ صفحات من كتابك الحالي هوَ ما ينشّطك للتأمّل بعدها والكتابة.

 

حتّى هنا أرى أنكَ مستعد ولا ينقصك إلّا التطبيق. جرّب طرقًا مختلفة للاستيقاظ مبكرًا. غيّر في عاداتك الصباحية حتّى تجد ما يناسبك. ب

النسبة لروتيني الصباحي يكون عبارة عن: (بالترتيب)

  • صلاة الفجر
  • بوش أب
  • أذكار الصباح
  • سورة يس ثم الواقعة
  • تكملة قراءة القرآن من حيثُ وقفت (أقلّها صفحة)
  • تكملة قراءة الكتاب الديني الذي أقرأه. حاليًا اقرأ تفسير ابن كثير. اكتشفت أنني بعيد عن الثقافة الإسلامية فبنيتْ عادة قراءة الكتب الدينية، وأفضل وقت هوَ بعد قراءة وِردْ من القرآن.
  • تدوين اليوميات. أنا استخدم تطبيق Journal في الايفون
  • ثمّ الكتابة لمدّة ٤٠ دقيقة إلى ساعتين

لا أتمرّن في الصباح، وأتأمّل اثناء ممارستي للعادات (عن طريق التنفس الحضوري). هذا ما وجدتهُ مناسبًا لي. ابحث عن ما يناسبك.

 

 

S.A.V.E.R.S

هال يكمل ويشاركنا روتينه اليومي واختصرها بكلة SAVERS. كلّ حرف اختصار لكلمة معيّنة:

 

Silence الصمت

الصمت والهدوء عن طريق التأمّل أو الجلوس في مكان هادئ يساعد العقل على التركيز بدلَ التشتّتْ بالأصواتِ الداخلية الكثيرة. أهوَ مفيد؟ بالطبع. فالعقل لا يصمت أبدًا، وغالبية الأفكار التي تراودنا هيَ سلبية إلًا إن استطعنا تغييرها. عقلك مصمّم للبقاء، فيحاول جاهدًا إبقاءك في برّ الأمان بإظهار لك الأمور بطريقة سلبية حتّى تخاف وتحترز وتأخذ الاحتياطات اللازمة.

 

Affirmation التأكيدات

ربما أكونُ مخطئًا، ولكنْ تأثير التأكيدات ليسَ كبيرًا مثلْ التطبيق. مثال: لو أخبرتُ نفسي كلّ يومْ أنني أفضل رجل مبيعات في العالم، وحتّى إن صدّقتُها، هل سأصبح أفضل رجل مبيعات؟ بدون التطبيق؟ لا. بدون الخروج إلى العالم الحقيقي والانخراط في عالم المبيعات؟ لا، لن أُصبح. أهيَ سيئة؟ لا. ستزيدُ من طاقتك الإيجابية وهذا جيّد. لكن لا تتوقّع أنّ التأكيدات وحدها كافية.

تجربتي الشخصية لم تُكنْ الأسوء مع التأكيدات ولكنّها لم تكُن الأفضل. فكما ترى جرّبتها لقرابة السنة. كنت أردد تأكيد عن كيفَ أنني رجل بزنس ناجح وأنّي أقود الفريق وأيضًا كُنتُ أقرأ الكثير من الاقتباسات الشهيرة وكلّ ما أجدهُ مفيدًا أضيفه لقائمة التأكيدات. النتيجة؟ ساعدتني في تذكّر اقتباسات أكثر واستخدامها في المحادثات لأبدو ذكيًا.

فائدتها الأكبر تكونُ في تكرارِ الأفكار التي تُراودك خلال اليوم، وكلّما زادت الفكرة في الظهور إليه ستبدأ شيئًا فشيئًا في اتّخاذ القرارات بناءً عليها ثمّ تتصرّف في سبيل تحقيقها.

 

Visualization التصوّر أو التخيّل

التصوّر والتأكيدات وجهان لعملة واحدة. فإن لم تفيدك، لن تضرّك. كلّها تساعد عقلك الباطن في التركيز على هدفك ورؤيته بشكلٍ أوضح. والتخيّل يكونُ بالحضور الكامل والتفكير وتخيّل هدفك كما لو كانَ موجودٌ أمامك. انغمس في التجربة واجعل عقلك يصدق أنّ هذا الشيء موجودٌ بالفعل، اجعلهُ يشعر وابني حولهُ العواطف.

 

Exercise التمرين

أفضلْ ما يمكنك فعله في بداية يومك هوَ التمرين وتحريك جسمك. قبلَ بضعة سنوات، وعندما كُنتُ في الصين، كانَ التمرينْ في الصباح من عاداتي التي أتوقُ إليها. كُنتُ أفطر بعدَ صلاة الفجر ثمّ اقرأ جزءًا من القرآن، ثمّ ابدأ أتمرّن لساعة أو اثنين. في حالة لو كنتَ لا تتمرّن أبدًا، فابدأ بخمس دقائق من التمرين تكون كافية، وزِد الوقت شيئًا فشيئًا.

 

Reading القراءة

القراءة للعقل مثل التمارين للجسم. فهيَ ما تنمّي وتقوّي عضلات الدماغ. وللقراءة فوائد كثيرة أنتَ تعرفها. بالنسبة لي، لا أحتاج لتنمية عادة القراءة الصباحية، فأنا اقرأ كلّ ما كانَ لديّ وقتْ فراغ. اكتفي بقراءة القرآن في الصباح فهيَ كافية.

 

Scribing الكتابة

وهيَ أي ممارسة كتابية سواءً Journaling أو كتابة إمتنان يومي أو مجرّد نقل أفكار من الدماغ إلى الورقة. فوائد الكتابة شتّى. فمنها تصفية الدماغ والمساعدة على التفكير بوضوح. وتسجيل الأحداث اليومية وأينَ موقفك بينَ مشاريعك الحالية. يمكنك العودة إليها لاحقًا بعدَ سنة ورؤية الإنجازات التي وصلتَ إليها والتطوّر الذي حصل لك. الكتابة تمرين عقلي بعائد كبير إن حافظتَ عليهِ يوميًا. بعدَ توفيق الله، أكملتْ شهرين من الكتابة اليومية (كتابة تلخيصات الكتب) ولازلتْ مستمرًا.

 

الخاتمة وكلمة معتصم

ليسَ كلّ من يستيقظ مبكرًا ناجح ولكن كلّ ناجح يستيقظ مبكرًا.

 

بدء اليوم قبلَ الجميع وبعادات صحّية يدرّعك بمزايا تساعدك خلال باقي اليوم لتكونَ أعلى تركيزًا وذو إنتاجية عالية. الصباح هوَ الوقتُ الأمثل لأنّ كلّ من حولي نائم، لذا أحظى بكم ساعة من الهدوء استغلّها في إنتاج عمل مثمر أو وقت مفيد لنفسي. كونكْ تقرأ وتتمرّن وتجهّز عقلك ليومِ عمل جديد، فأنتَ بالفعل تقدّمتَ خطوة عن الآخرين وسيمضي يومك مليئًا بالنشاط والرضى عن نفسك لأنّكَ استفدتَ من هذا اليوم ولم يضِع كسابقاته.

أنتَ مثلي ومثل المؤلّف. لديكَ ٢٤ ساعة في اليوم، وأتمنّى أن تكونَ لديك قدرة التحكّم في مواعيد نومك.

 

سعيدٌ أنّني اكتبْ هذا التلخيص في الصباح الباكر. لذا أقولُ لك، أنّ الأمرَ أسهل من ما تعتقد. إذا كنتَ تستيقظ الساعة ٩ وتريدُ أن تستيقظ الساعة ال٥ صباحًا فافعل التالي: اليوم الأول استيقظ على الساعة ٨ ونصف، ولمدّة يومين أو ثلاثة. ثمّ الساعة ال٨ ثمّ ٧ ونصف وهكذا. حتّى تستيقظ في الوقتِ الذي تريده. لأنّ التغيير صعب، وسيحاربك العقل كلّما شعرَ بتغييرٍ بدأ وبدون سابق إنذار لإتّخاذِ شكلٍ في حياتك. في تمارين المقاومة واليوغا، علّمونا أنّ نتنفس أثناء التمرين، لترسل إشارة لعقلك أنّ هذا شيء طبيعي، وليسَ قوى خارجية تؤثّر على الجسم.

ثم ابدأ بدقيقة واحدة من التأمّل ودقيقة واحدة من كلّ نشاط. ثم زِد قليلًا. تأكّدْ أن لا تشعر بالضيق وأنتَ تقوم بهذه النشاطات. إذا ما شعرتَ بالضيق، فالمرّة القادمة التي تَهِمُّ بفعلِ النشاط، فستواجه مقاومة من عقلك. ابدأ بأصغر شي، ثمّ زد حتّى يكونَ طبيعيًا للعقل. فعقولنا لا تعرف أن هذا التغيير للأفضل.

أخيرًا، الاستيقاظ الباكر ليسَ مُسلّمةً من مسلّماتِ النجاح، فربّما يستيقظ الشخص في وقت المغرب ولا يزال يُنجز كلّ مهامه على أكمل وجه. لكن العمل في الصباح يمتلك شعورًا مختلفًا.

Mutasim Eltayeb

رائد الأعمال المدمن على خلقِ القيمة لأمثاله الساعين في تنمية ذاتهم وبناء أعمالهم الخاصة. هنا تجد كلّ ما يخصّ التنمية البشرية وبناء العادات والتسويق وكتب الأعمال، وبالإضافة إلى الفلسفة كدروعنا الخفيفة والصلبة.

Leave a Reply

Close Menu
لرائدي الأعمال وكلّ من يسعى لتطوير نفسه