Skip to main content

جيم كويك في كتابه “بلا حدود” يأخذنا في رحلة التعلّم كما لم نرها من قَبل. يَعِدُنا جيم بأنّنا نستطيع تعلّم أيّ شيء نريده، وبدونِ حدود. كلّ إنسان يمتلك في داخله قوى خارقة، ولكنْ قُمِعت هذه القوى عندَ أغلب بنو البشر، لأنّهم لازالوا يمتلكونَ عقولًا محدودة. هل أنتَ مُستعد لتكتشف حدودك وما يمنعك من التعلّم؟ وكيفَ تتخلّص من هذه الحدود؟ اربط حزامَ أمانك، ولننطلق!

 

 

حرّر عقلك من كلّ القيود

يبدأ جيم حكايته عندما سقطَ على رأسه في الروضة، وأصيبَ بخلل طفيف في دماغه أثّر على مسيرته التعليمية. أصبحَ الطلّاب وحتّى بعض المدرسّين يسمّونهُ بالطفل ذو الدماغ المعتل. هذه الكلمات تردّدتَ في رأسه، وأصبحَ جيم ينعت نفسهُ يوميًا بأنّهُ “غبي”، “بطيء الفهم” و”لا يستطيع التعلّم”. مرّ على هذا الحال لسنين حتّى التقى بوالد صديقه الذي فهِمَ مُشكلته، واعطاهُ ثلاثة كُتب: سحر التفكير الكبير، وقوة التفكير الإيجابي، وفكّر وازدد ثراءً. يقول جيم أنّهُ اعترضَ وبرّر ضِعفَ حيلته حولَ أنهُ لا يستطيع القراءة، ناهيكَ عن انشغاله بواجباته المنزلية وفروضه المدرسية. قاطعهُ والد صديقه وقال له مقولة مارك توين: “لا تدع المدرسة تتعارض مع تعليمك”.

 

بدأ جيم في رحلته التي تكادُ توصَف بأنّها مُعجزة. رحلة تعلّمه عن التعلّم. يقولُ جيم أنّهُ لم يجِدْ هذه المادة في المدرسة، لذا استمرّ في البحث عن كتب نظريات التعليم للبالغين، وكتب عن الذكاء، والأعصاب، وتطوير الذات، وفنون الإستذكار، والقراءة السريعة.

استمرّ جيم في التعلّم والتطبيق وتدريس الطلّاب كيفَ يتعلّمون ولمدة عقدين كاملين، وفي هذا الكتاب يُشاركنا ما نحتاجه في رحلة التعلّم عن التعلّم.

 

 

موديل العقلية اللامحدودة

 

يقول جيم أنّ هنالكَ ثلاث حدود تؤثّر على رحلة الإنسان في التعلّم:

  • عقلية محدودة: وهوَ أنْ لا تؤمن بقدراتك ولا إمكانياتك، ولا تظن أنّكَ تستحق الكثير
  • حافز محدود: أنْ لا يوجد لديكَ دافع ولا هدف لاتّخاذ الاجراء أو التصرف المناسب
  • منهجية (أو طرق) محدودة: الطرق التي تعلّمتها ليستْ فعّالة كفاية

 

 

لِعقليةٍ بلا حدود: “The What”

العقلية هيَ اعتقاداتنا الراسخة وافتراضاتنا حولَ العالم الخارجي، وكيفَ تكونُ سلوكياتنا وتصرّفاتنا بناءً على رؤيتنا وتفسيرنا للأشياء. وأيضًا ما نستحقّ الحصول عليه من وجهة نظرنا وما نستطيع القيام به. فكلّها تندرج تحتَ تعريف العقلية. هنالك فرق بينَ العقلية الثابتة وعقلية النمو. فالأولى تفكيرها محدود ولا تُفكّر خارج الصندوق (أغلب الناس يمتلك هذه العقلية). وعقلية النمو وهيَ ما تُريدُ أن تمتلكه.

 

كلّ تصرّفاتنا مَدفوعة بما نؤمن به. فقبلَ أن نتعلّم كيف نتعلّم، علينا تحديد اعتقاداتنا المحدودة والتخلّص منها. ذكرَ جيم قصّة الفيل المربوط بجذعٍ صغير، فمهما حاول لم يستطع الفرار. مرت السنين وكبِرَ الفيل وأصبح أقوى لكنّهُ لم يتجرّأ على المحاولة مجدّدًا لأنّ اعتقاده في عدم قدرته للفرار راسخٌ في ذهنه. وبالمثل نحنُ مُذنبون لتصديقِ خرافات مماثلة عن قدراتنا. في هذا القسم سنتعلم ٧ كذبات عن التعليم آمنّا بها.

 

 

نظام المعتقدات في حياتك

في تلخيص كتاب سيطر على معتقداتك ذكرنا كيفَ نستطيع معرفة الإيمان المحدود وكيفَ أنّهُ يؤثّر على حياتنا. وجيم هنا يسألنا في بداية التشابتر لماذا تؤثّر اعتقاداتنا المحدودة تأثيرًا سلبيًا في حياتنا؟ ولماذا نسمح لها أنْ تُبعدنا عن تحقيقِ أهدافنا؟ وكيفَ نتخلّص منها؟

 

نفى العلماء فكرة أنّ الإنسان يستطيع الجري لمسافة ميل في أقل من ٤ دقائق حتّى أثبتَ لهم روجر بانيستر عكسَ ذلك. وبعدهُ بفترة قليلة أكثر من ١٤٠٠ متسابق أثبتوا أنّ المعتقدات المحدودة يمكن كسرها.

 

للاعتقادات المحدودة:

  • أولًا عليكَ أنْ تعترف بأنّ لديكْ اعتقاد محدود. (لاحظ استخدامك لِجُمَل مثل “لا أستطيع”، “لا يمكن”، “هذه ليست من قدراتي”)
  • استخرج الحقائق المرتبطة بالاعتقاد المحدود. وما الذي دفعك للتفكير بمثلِ هذه الطريقة؟
  • بعدَ إقرارك للعلّة حانَ الوقت لتبني اعتقادًا جديدًا

“هنالكَ كذبة عظيمة واحدة – وهيَ أنّ قدراتنا محدودة. الشيء الوحيد المحدود هوَ الذي نؤمن بأنّهُ محدود” – واين داير.

 

 

٧ كذبات عن التعليم

منذ صغرنا علّمونا أشياءً خاطئة، ومع تكرار المعلومة المكذوبة اتّخذناها على أنّها الحقيقة.

 

الكذبة الأولى: الذكاء ثابت

يعتقد الأغلب أنّ الذكاء يعتمد على اختبار الIQ، وأنّ الشخص لا يستطيع رفع مستوى ذكاءه. فعندما نقول عالم ذكي فإنّنا نُفكّر في أشخاص مثل آينشتاين، إسحاق نيوتن، الخوارزمي الخ. وفي داخلنا نؤمن أنّنا سنبقى على ذكائنا الحالي. الأخبار الجيّدة هيَ أنّ كلّ هذه المعلومات غير صحيحة، بفضولك وحبّك للتعلّم ستكتشف أنّ معرفتك وقدرتك على التحليل تزداد نسبةً للعلم الذي تستهلكه وتطبقه في حياتك اليومية.

الحقيقة: الذكاء ليسَ ثابتًا، ويرتفع مستواه بالتعلّم المستمر.

 

الكذبة الثانية: نحنُ لا نستخدم أكثر من ١٠٪ من أدمغتنا

في فيلم Limitless وفيلم لوسي وحلقة من مسلسل بلاك ميرور أتفقوا على أنّ الإنسان الطبيعي لا يستخدم أكثر من ٤٠٪ من قدرة دماغه. وجيم باستخدامِ نظريّات علمية أثبتَ أنّ الكلام غير صحيح. فكما يختلف الأشخاص في استخدامِ قدراتهم الجسدية، نفس الشيء بالنسبة للعقل.

الحقيقة: تستطيع استخدام عقلك بنسبة أعلى من المذكورة.

 

الكذبة الثالثة: الأخطاء تعني فشل

“من لا يُخطئ لا يتعلّم”

الخطأ ممنوع في المدرسة، وكُبرنا على هذا الاعتقاد. وثمّ اكتشفنا أنّ الحياة لا تُكافئ إلّا الشخص الذي يتقبّل الفشل ويتعلّم منه الطريقة الصحيحة.

الحقيقة: خطأك لا يُعرّفك ولا يُنهي حياتك، وإنما هوَ الخُطوات الصحيحة للتعلّم.

 

الكذبة الرابعة: المعرفة قوة

كلّ الكتب والتلخيصات والفيديوهات التعليمية والشهادات الأكاديمية لن يكونَ لها فائدة بدون تطبيق المعرفة.

الحقيقة: المعرفة X التطبيق = القوة.

 

الكذبة الخامسة: تعلّم أَشياء جديدة أمرٌ صعب

إنْ كُنتَ لا تعتقد أنّ مهاراتك الحالية كافية، ويجب عليكَ تعلّم مهارات أخرى، ولكنّك آمنتَ بكذبة أنّك لن تستطيع تعلّم شيء جديد، فلا تيأس، لأنّهُ ليسَ مستحيلًا. تعلّم مهارة أو علم جديد ممكن ولكنّهُ سيتطلّب جهد وعزيمة قوية للاستمرار.

الحقيقة: لو كانَ تعلم شيء جديد صعب، حاول تغيير طريقة تعلّمك له. تعلّم كيفَ تتعلّم.

 

الكذبة السادسة: نَقدُ الآخرين لنا مهم

سينتقدك الآخرين مهما كانَ مستواك ونجاحك في الحياة. ولو قرّرتَ الاستماع للنقد السلبي فلن تُحرز تقدّمًا. شخصيًا لا أرى مشكلةً في النقدِ نفسه، المشكلة تكمُن في طريقة تعاملك مع النقد.

الحقيقة: سينتقدك الناس في كلّ الأحوال. لا تجعلها تُحبطك وتفوّت فرصة اكتشافك لقدراتك الكامنة.

 

الكذبة السابعة: العباقرة يولدون ولا يُصنعون

الحقيقة: العبقري يُصنع عن طريق الممارسة والتعلم لفترة طويلة من الزمن.

 

 

لِتحفيزٍ بلا حدود: “The Why”

الحافز هوَ الطاقة اللازمة ليتصرف الشخص بطريقة معينة من أجلِ هدفٍ ما.

 

الحافز ليسَ ثابتًا كلّ يوم، قد تستيقظ في يومٍ من الأيام بشعور كسل وخمول وتفضّل الراحة. ولكنْ المفهوم الخاطئ هوَ أنّ البعض ينتظر الحافز يأتي إليه ليَنهض ويعمل، والحقيقة أنّ الحافز لا يعمل بهذه الطريقة.

 

معادلة الحافز:

الهدف X الطاقة X خطوات بسيطة صغيرة = الحافز

فالحافز يأتي بعدَ بدئٍك في العمل، والانسيابية هيَ أعلى درجات الحافز. سنتعلّم سويًا كلّ جزء من معادلة الحافز:

 

الهدف

كيفَ لِجُمل وقيَمْ أن تُحددَ من أنت؟ ماذا يقولُ عندكَ هدفك؟

 

ابدأ بلماذا

سايمون سينيك في كتابه ابدأ بلماذا تحدّث عن أهمية معرفة ما نفعل ولماذا نفعله. فالناس تشتري منك بعدَ أن يعرفوا الدافع خلف خدماتك التي تُقدمها. كثيرًا ما نسمع عن الأهداف، ولكنْ لا نعرف سبب وضعنا لهذه الأهداف.

هدفي في هذه المدونة هوَ مساعدة كل شخص طموح في تحسينِ حياته والقُربْ في تحقيق أهدافه التي وضعها لنفسه. لماذا أفعل ما أفعل؟ لأنّني بعدَ فضلِ الله اكتشفت الطريق الصحيح، ألا وهوَ الطريق الصعب.

ما هوَ هدفك؟ والأهمُّ هوَ لماذا؟ لماذا تفعل ما تفعل؟ اعرف نفسك أولًا، وكُن واضحًا، لأنّ وضوح ورؤيتك للمحطّة النهائية يُسهّل عليكَ رسمَ خريطة السفر.

 

الطاقة

يبدأ جيم بالسؤال عن: كيف تضمن أن يكون عقلك صحي ويمتلك الطاقة اللازمة؟ وما هوَ النظام الغذائي الذي يحافظ على كفاءة عقلك؟ وكيفَ تحصل على نوم كافي كل يوم؟

 

من ناحية المأكولات التي تعزز من طاقة العقل ذكرَ جيم: الأفوكادو، والتوت الأزرق، والبروكلي، والشوكولاته السوداء، والبيض، والخضروات ذات الأوراق الخضراء، والسلمون، والكافيار، والساردين، والمكسرات، والماء. ولا تنسى الرياضة بشكل دوري كلّ أسبوع. يُفضل أن تكون ٣ مرات في الأسبوع ومن ٢٠ إلى ٤٥ دقيقة في المرة الواحدة. والبيئة والمحيط والناس الذينَ تلتقي بهم يؤثّروا على طاقتك، أحط نفسك بالأشخاص المتوافقين مع مستوى طاقتك.

 

 

وذكرَ جيم مصطلح الأفكار السلبية الأوتوماتيكية. فهذه الأفكار تستنزف طاقتك لو متّعتها وأعرتها انتباهك وصدقتها. لا تُصدق أفكار عقلك السلبية. دعها تمرّ، وراقبها واعترف بها ثمّ امضي بدون اخذ الإذن منها.

كُن واعيًا بكلّ ما تستهلكه من مأكولات ومشروبات، وحتّى المعلومات المرئية والسمعية لها تأثير طفيف. والتأثير الأكبر هوَ النوم. فالنوم لمدة ٨ ساعات في اليوم هوَ المعدّل الذي لا جِدالَ فيه.

 

خطوات صغيرة

ما هيَ أصغر خطوات يمكنني البدء بها الآن؟ كيفَ نبني عادات جيّدة ونتخلّص من السيئة؟ ما هوَ الروتين الذي سيساعدني في تحقيق أهدافي؟

 

في دراسة قامت بها بلوما زيقارنيك الروسية عن تذكّر الناس للأشياء حتّى بعدَ أن يُقاطعهم شخصٌ ما. لاحظت أنّ النادلة لا تنسى الطلب إذا قاطعها شخصٌ في منتصف تسجيلها، ولكنها تنسى من الذي طلب ماذا في حالة لم يُقاطعها شخص. أجرت بولما الدراسة على مجموعتين: واحدة تمّت مقاطعتها والثانية لم تتم مقاطعتها وسجّلت أيّ المجموعتين تذكّرت مهامها واكتشفت أن المجموعة التي تم مقاطعتها تذكّرت أكثر بمرتين من المجموعة الأخرى. والسبب يعود إلى أنّ الدماغ يُبقي الأشياء الغير منتهية مفتوحة كما لو كانت صفحة في متصفح كروم. ولكن ينسى ما تم انهاءه. لتحصل على صفاء عقلي لا تؤجّل المهام الصغيرة وأنجزها في أسرع وقت تستطيع.

 

 

يقول جيمس كلير أن العادة هيَ حل لمشكلة تحصل بشكل يومي. فصمّم الدماغ تصرّف معيّن لألّا يستهلك جهد كلّ يوم.

لا تقسو على نفسك لو لم تستطع بناء أو كسر عادة، فالضغط على النفس يُثقل العادة وسيقاومك الدماغ وينفرك عنها. فالصحيح هوَ فعل شيء بسيط كلّ يوم في سبيل بناء عادة جيّدة. فكما قال دكتور فوغ مؤلف كتاب عادات صغيرة: “نتغيّر في حالة حدوث حدث كبير. أو بتغيير بيئتنا بشكلٍ كامل. أو بالبدء بخطوات صغيرة جدًا”

 

لو أردتَ كتابة رسالة بحثك الجامعية فابدأ بقطعة واحدة. لو أردتَ بدء التمرين للماراثون القادم فامشي لمسافة ٣٠ خطوة. اجعل بداية العادة صغيرة لدرجة لا تستطيع مقاومتها.

 

الانسيابية

لماذا الانسيابية مهمة لعقليةٍ بلا حدود؟ وكيف تحصُل؟ وما هيَ الموانع لدخولك في وضع الانسيابية؟

الانسيابية هيَ الانغماس في أداء مهمّة أو عمل معيّن لفترة من الزمن (من ٤٥ دقيقة وأكثر)، ثم تتحوّل التجربة لشعور عظيم أكاد أصفهُ بأنّهُ اتّحادٌ كامل بينَ العقل والجسد. في هذه الأثناء تنسى كلّ مشاكلك وهمومك وتفقد الشعور بالساعةِ والوقت.

 

 

يصف ميهالي مؤلّف كتاب الانسيابية بأنّ لها ٨ خصائص:

١- التركيز المطلق
٢- تركيز كامل على الهدف
٣- الشعور بأنّ الوقت إمّا سريعًا أو بطيئًا
٤- الشعور بأنّ التجربة تكافئ الشخص
٥- الشعور بسهولة الشيء
٦- التجربة فيها تحدّي أعلى من مهارات الشخص بقليل
٧- حركاتك تكون تلقائية وبدون جهد
٨- تشعر بالراحة أثناء التجربة

 

وضع الانسيابية يُساعدك في إنجاز المهام الصعبة بمتعة وتجربة عظيمة. ولتصِل لهذا الشعور عليكَ تجنّب المشتتات، واستهدف ساعة ونصف إلى ساعتين من العمل المستمر دونَ انقطاع. احرص على أن لا تكونَ المهمّة أصعب من قدراتك الحالية، وتكون عالية فقط لدرجة كافية من التحدّي. ضع هدفك المرجو من جلسة العمل، واملك حافزًا كافيًا ولا تدع الأفكار السلبية وقلقك الداخلي يؤثّران عليك.

 

 

الطُريقة (المنهج) لحياةٍ بلا حدود: “The How”

تعريف الطريقة: وهيَ العملية المحددة لتحقيق شيءٍ ما، سواءً بطريقة عقلانية، أو مُرتّبة أو بنظام معيّن.

في هذه الجزئية يأخذنا جيم لاكتشاف الطرق التطبيقية في سبيلنا لتعلّم كيفَ نتعلّم: بدايةً مع التركيز

 

التركيز

كيفَ أزيد من قدرتي على التركيز؟ ماذا أتعلّم من نفسي حينما أكونُ في أعلى درجة تركيز؟ كيفَ أقلّل من المشتّتات وأهدئ عقلي؟

 

لمْ نُدرّس في المدرسة المتوسطة مادّة التركيز، ولمْ نتعلّم عن فائدة التركيز إلّا في مرحلة متأخرة. وتكمن المشكلة في اعتيادنا للمشتّتات على أنّها عادة سيئة لكنها طبيعية. واصبحنا نحترف مقاطعة عملنا بأنفسنا. “سأرى آخر تحديثات السوشل ميديا”، “سأتفقد إيميل المدير” الخ.

 

يقول دانداباني: أُعرّف التركيز على أنّهُ قدرتي في التركيز بشكلٍ واعي على مهمّة ما لفترة زمنية مُحدّدة. ولو سرحتُ عن المهمة، أُعيد تركيزي الواعي إليها عن طريق قوة الإرادة.”

التركيز مثلَ العضلة، مع التدريب المستمر سترى نتائجها. والتركيز يكون عن طريق العقل الواعي، وهذا يعني أنّهُ يتطلّب جهدًا. درّب عقلك الواعي على التركيز في نفسِ المهمّة لفترة من الزمن، أو في محادثة مع شخصٍ ما، أو في صلاتك، ومع الوقت ستجد أنّ قدرتك على التركيز ازدادت.

 

لتبدأ مهمة بعقلٍ صافٍ تذكّر أن تتأمّل قبلها ب١٠ إلى ١٥ دقيقة، أو تمارس تمارين التنفس الواعية. ولمدة بضعة دقائق استنشق الهواء عن طريق أنفك واحسب ٤ ثواني ثم احبس نفسك لمدة ٧ ثواني وزفير ببطء لمدة ٨ ثواني. اعد الكرّة عدّة مرات.

 

غالبًا سبب عدم التركيز يكون بأنّ هنالكَ شيئًا لَم يُنجز بعد. كما ذكرنا في دراسة بولما أنّ العقلَ يعامل المهام غير المكتملة كصفحة كروم مفتوحة. ابحث في عقلك عن الشيء المفترض أنّك ستنجزه لكنك لم تنجزه.

والنصيحة الأخيرة هيَ: حدّد وقتًا للقلق. بنيت هذه العادة منذ عدّة أشهر. ببساطة حددتُ وقتًا أقلق فيه (٥ إلى ١٠ دقائق كلّ يوم) واسمح لعقلي بأخذِ راحة في كلّ ما يقلقه بدون الحكم ولا التدخّل. وما الفائدة؟ بكل بساطة تُدرّب عقلك على أنّهُ يمتلك وقتًا محدّدًا للقلق، وستلحظ أنّ الإزعاج قلَّ بشكلٍ ملحوظ.

الدراسة

ماذا لو كُنتُ طالبًا مدى الحياة، كيفَ سأحسّن من طريقة دراستي؟ والطريقة التي أكتب فيها ملاحظاتي؟

 

ذكرَ جيم أنّ المدرسة لم تعلّمنا سوى تكديس المعلومات وتكرارها على أنفسنا وحفظها ثمّ نقلها لورقة الاختبار وبعدَ ذلك نسيانها كُليًّا. اقترح جيم عدّة طريق تُساعدنا في تذكّر ما أردنا دراسته:

١- مراجعة ما درسته عن طريق الكتابة. اغلق كتابك واكتب ما تتذكّره من الدرس. كرر العملية لجميع المعلومات المهمة.
٢- مراجعة ما درسته في فترات زمنية مختلفة. مثلًا مرة في الصباح ومرة في المساء ولمدة ٤ أيام.
٣- راقب الحالة المزاجية التي أنتَ فيها. فالسلبية ليستْ رفيقًا في التعلّم
٤- استمع بكلّ قواك العقلية. كُن حاضرًا وواعيًا عن الشيء الذي تدرسه
٥- سجّل ملاحظاتك بشرط وجود هدف واضح. فملاحظاتك التي تسجلها في محاضرة عادية شيء، والملاحظات التي تسجلها في محاضرة ما قبل الاختبار النهائي مختلفتان تمامًا.

 

الذاكرة

كيفَ أُحسّن من ذاكرتي؟ كيفَ أخزّن معلومات كثيرة؟ وكيفَ أصِل إليها متى ما أردت؟

 

لديّ صديق اسمه علي يُخبر نفسه مرارًا وتكرارًا بضعف ذاكرته، وكلّ مرة يردّد فيها هذه الكذبة، يُصدقها عقله، وهكذا هوَ في دوامة تسحبه لعالم النسيان. وجيم يقول أنّه لا يوجد مثلَ الذاكرة الضعيفة والقوية، كُلها تأتي بالممارسة. فقوة الذاكرة مثلَ العضلة، عليكَ أولًا أنْ تعي أنّها ستصبح قوية لو مرّنتها.

 

لماذا تُعاني من نسيان الاشياء؟ هل الحافز ليسَ قويًا كفاية؟ فلو أخبرتك أن تتذكّر موعدنا غدًا فربما تتذكر وربما لا تتذكر، لكن لو قلتُ لك تذكّر وسأعطيك ٢٠ ألف ريال، فبالطبع لن تنسى. هل حافزك لتذكّر الشيء قوي بما فيه الكفاية؟ هل تنسى اسم الشخص لأنّهُ ليسَ مهمًا؟ في الغالب لَم تُركّز معه عندما ذكرَ اسمه.

 

الطريقة لتذكر أيّ شيء تريده:

فلنلعب لعبة، أريدك أن تحفظ الكلمات التالية بالترتيب نفسه:

  • جسر
  • ورود حمراء
  • جيش
  • اكتئاب
  • اشتراكية
  • فحم
  • زرافة طائرة
  • بطاريات
  • بركان
  • سفينة

 

لا تستغرق أكثر من دقيقة في مراجعتها وبعدَ أنْ تنتهي أريدك أن تكتبها على هاتفك بالترتيب الذي تتذكره. ابدأ

 

 

 

لو كُنتَ مثلَ معظم الناس، فلن تستطيع تذكّرها كاملة أو على الأقل ليسَ بالترتيب الصحيح. سأعلمك كيفَ تتذكر أيّ مجموعة كلمات تريدُ تذكرها، وهذه الطريقة هيَ عبر التخيّل. كم كلمة حفظتها بشكلٍ صحيح؟ لتحفظ جميع الكلمات الموجودة في القائمة أريدك أن تتخيّل وتركّز معي في هذا السيناريو:

هنالكَ جسر بينَ الجبال ومغطى بالورود الحمراء، وفجأة أتى جيش كبير يعبرُ هذا الجسر، وبعدَ أن عبروه جلسوا يبكونَ من شدّة الاكتئاب، ثمّ ظهر زعيمهم الاشتراكي وأخرج من جيبه قطعة فحم ورماها في الهواء لتلتقطها الزرافة الطائرة بفمها وتوصلها للبطارية الهائلة التي أشعلت البركان الملتهب والذي خرجت من بينِ حُممه سفينة عملاقة.

لو اخبرتك أن تكتبَ القصّة من جديد فستكتبها بدونِ مشاكل، بل وستتذكر الكلمات بترتيبها المعيّن. استعمل طريقة التخيّل عندما تحتاج تذكّر سلسلة من المهام بترتيب محدد.

 

القراءة السريعة

ما فائدة القراءة؟ كيفَ أزيد من سرعة قرائتي وفهمي؟ كيفَ أستفيد من ما أقرأ؟

 

ما يميّز العظماء في عالمنا هيَ الصفة المشتركة في القراءة. فكلّ قائد قارئ ولكن ليسَ كُلّ قارئ قائد. مارك توين قال أنّهُ لا فرق بينَ الرجل الذي لا يقرأ كُتبًا جيّدة عن الرجل الذي لا يقرأ.

 

ومافائدة القراءة؟:

  • القراءة تُشغّل عدّة اجزاء من الدماغ في نفس الوقت. مثلَ الفِهم والتخيّل وربط الأحداث السابقة بما تقرأه.
  • في دراسة قاموا بها في جامعة رش الطبية بشيكاقو اكتشوا أنّ القراءة تُحسّن من قوة الذاكرة.
  • القراءة تزيدُ محصلة المفردات اللغوية لدى الشخص.
  • القراءة تُحسّن من مخيلة القارئ. وذلك بسبب عملية التخيّل المستمرة أثناء القراءة.
  • القراءة تَزيد من قدرة الفهم.

 

يتحدّث جيم عن المشكلة الأكبر في القراءة وهيَ القراءة باستخدام الصوت الداخلي. نطق الكلمات وسماعها داخليًا. ومع الأسَف هذا يَنتج في قراءة بطيئة. والصحيح هوَ أنْ نقرأ الكلمات بأعيننا كما لو كُنّا جهازًا ماسحًا.

حتّى لو وجدتَ ما تحبُّ قراءته، فلازلتَ تُقاوم القراة اليومية، والسبب يعود لرؤية الكتاب على أنهُ كتاب كامل، وننسى أن نقرأه صفحة بصفحة.

 

وصفَ جيم ٣ مشاكل أساسية تواجه القارئ وهيَ إعادة قراءة السطر أو القطعة. فعندما نسرح بعقلنا الواعي ونقرأ بعقلنا الباطن ثمّ نستوعب أنّنا لم نفهم شيئًا، ثُمّ نُعيد قراءة القطعة ولكن يسبّب في بطء القراءة أكثر، وتشتّت في الفهم. والشيء الثاني هوَ أنّ مهارتنا في القراءة ثابتة بنفسِ المستوى منذ الصف الخامس ابتدائي. لَمْ نعرِف أنّ بوسعنا تطويرَ مهارة القراءة. وثالثًا كما ذكرنا سابقًا الصوتُ الداخلي الذي يُبطئ من عملية القراءة لأنّهُ ينطُق الكلمات بصوتٍ عالي.

جيم يقترح حلًّا لهذه المشكلة ألا وهوَ التدريب على استخدام الإصبع في القراءة والعدّ بصوتٍ عالي. فبتمريرِ اصبعك على السطر ستُركّز على الكلمات بعينيك وبالعدّ بصوتٍ مرتفع فأنتَ تمنع العقل الباطن من قراءة الكلمات داخليًا. جرّب هذه الطريقة كلّ يوم ولمدة ١٠ دقائق وستلاحظ أنّ عضلة القراءة السريعة تُصبح أقوى ولن تحتاجَ أن تنطق الكلمات بصوتٍ عالي.

 

التفكير

لماذا التفكير من عدّة زوايا أمر مُهم؟ كيفَ نستفيد من عبقريتنا في التفكير؟

 

الأفكار كتيّار النهر الجاري، يتلوّن بحسب إيجابيّةْ أو سلبيّةْ تفكيرك. لن تتوقّف الأفكار عن عرض نفسها الواحدة تلوَ الأُخرى، بل يُقال أنّهُ تراودنا أكثر من ٦٠ ألف فكرة كلّ يوم. فالتفكير الواعي هوَ المحفّز لاتّخاذِ قرارتٍ واعية. وتحدّث جيم عن التفكير بشكلٍ مفصّل وسأختصرها في القطعة التالية.

 

فكّر في المستقبل، فكّر في الخطوات ال١٠ القادمة، وفكّر في العواقب قبلَ كلّ شيء. فعندما تكونُ في موقِف يتطلّب قرارًا حاسمًا فانظر للأمرِ من زوايا مُختلفة، ثمّ فكّر كيفَ يفكّر الطرف الآخر، وما الشيء المهم بالنسبة له، وهل هوَ يفكّر في تفكيرِ طرفٍ آخر كيفَ يُفكّر؟

 

للتفكير:

  • لا تستعجل في اتّخاذ القرارات وفكّر من عدّة زوايا
  • فكّر في الناتج النهائي والخطوات الموجودة في المنتصف
  • التفكير ينقسم لسماعي وتخيّلي
  • فكّر في تفكيرك وهل هوَ الطريقة الصحيحة لتفكّر في المسألة أو الحدث؟

طرق التفكير كثيرة، ونقطة الوصول والنتيجة هيَ المهم، فكّر في اعطاء الأولوية لها.

 

 

الخلاصة وكلمة معتصم

جيم لم يفشَل في صنع خريطة عقلية كافية لتكونَ ف حقيبة كلّ من يسعى ليتعلّم كيفَ يتعلّم حتّى يخرُجَ للعالم بمهاراته المتعدّدة. فمن شروطِ ضمانِ المنافسة والمواكبة في عالمنا هوَ القدرة على سرعة تعلّم الاشياء الجديدة.

لو اختصرت الكتاب في كلمة واحدة فستكون العقلية. عقليتك هيَ كلّ ما تحتاجه لتتعلّم شيئًا جديدًا. وبالعقلية أقصد أن تتخلّص من الاعتقادات المحدودة في تعلّم ما تريد أن تتعلّمه. فلو كُنتَ مُقتنعًا أنّ بإمكانك تعلّم واحتراف العزف على البيانو فسيكون الأمر أسهل من لو اعتقدتَ أنّكَ لن تستطيع تعلّم العزف على البيانو. فباعتقادك أنّه ممكن، فستعرِف أنّ التمرين اليومي هوَ أولوية، وأنّ الفشل جزء من الرحلة، ولن يوقفك شيء حتّى تصل للمستوى المطلوب. والمثلُ ينطبق على كلّ مهارة أخرى في حياتنا.

امتلك العقلية الصحيحة، وتخلّص من العقلية المحدودة، والأفكار السلبية والردود المحبطة، لأنّكَ لو قلتَ أنّكَ تستطيع فأنتَ على حق، ولو قُلتَ أنّكَ لا تستطيع، فأنتَ على حقٍ أيضًا. – هينري فورد.

انصح بقراءة الكتاب لما بِهِ من معلومات شاملة أكثر وقصص نجاح.

Mutasim Eltayeb

رائد الأعمال المدمن على خلقِ القيمة لأمثاله الساعين في تنمية ذاتهم وبناء أعمالهم الخاصة. هنا تجد كلّ ما يخصّ التنمية البشرية وبناء العادات والتسويق وكتب الأعمال، وبالإضافة إلى الفلسفة كدروعنا الخفيفة والصلبة.

Leave a Reply

Close Menu
لرائدي الأعمال وكلّ من يسعى لتطوير نفسه