جاي وقاري في كتابهما الشيء الواحد، يشرحانْ كيفَ تُركّز على ما هوَ أهم من كلّ الأشياء الأخرى. الكتاب نسخة محسّنة من كتاب مبدأ ال80/20 ومشابه لكتاب كُل الضفدع. المفهوم المختصر من الكتاب هوَ أنْ أردتَ إنجاز الشيء المهم، عليكَ بناءْ عادة حوله. يعني أن لا تعتمد على الانضباط ولا قوة الإرادة في إنجاز أهمْ مهامك. شخصيًا أستعملُ هذا المبدأ في الكتابة. لأنّها اهم شيء في يومي، لذا بَنيتْ عادة الكتابة اليومية في الصباح الباكر. سواءً كتابة تلخيصات، أو سكربت يوتيوب، أو حتّى كتابي الذي أعمل عليه. ثمّ باقي المهمّاا تأتي لاحقًا.
الشيء الواحد
التركيز على شيء واحد يتطلّب تضييق نطاق ما نعمل عليه. وهذا ما عادَ على المؤل بنجاحٍ كبير. وعندما حصلَ على نجاح متنوّع، كانَ تركيزه متنوعًا أيضًا. والنتائج الأعلى من عادية تأتي عندما نصُبُّ جُلَّ تركيزنا على شيء واحد. وهذا يعني تقليل عدد المشاريع التي نعمل عليها. وإلّا لن تنجو من الآثار الجانبية لتشتت التركيز.
العمل على عدّة مشاريع لهُ أضرار ومن ضمنها:
١- تفويت مواعيد تسليم المشاريع
٢- نتائج محبطة
٣- ضغط عالي
٤- ساعات عمل كثيرة
٥- نوم أقل
٦- نظام غذائي سيء
٧- تخلّفك عن جدولك الرياضي
٨- تفويت لحظات ثمينة مع أفراد العائلة
أفضل ممارسة تكونْ بالبدء صغيرًا. ابدأ بأصغر شيء وابني عادة التركيز على شيء واحد ثمّ زِدْ طلوعًا.
لو أردتَ أكلَ فيل ستأكله قضمة تلوَ قضمة. وإذا أردتَ صناعة صاروخ فستبدأ بكورسات إيلون ماسك. وإذا أردتَ كتابة كتاب، فستبدأ بجملة واحدة في أول يوم. ثم تبني صعودًا.
تأثير الدومينو
هل تتذكر فيديو الدومينو المرصوصة بشكلٍ متتابع؟ وعندما تسقط الدومينو الأولى تتلوها الباقياتْ الواحدة تلوَ الأخرى حتّى النهاية. وفي الكتاب، ذُكرت نظرية الدومينو ولكن بدومينوز أكبر حجمًا مرصوصة بشكل متتابع. حجمْ الدومينو الأول صغير والتي تليها أكبر منها ب٥٠ بالمائة ولكن تنجح بإسقاطها. ثم تُسقط التي أكبر منها ب٥٠ بالمائة والتي تليها والتي تليها حتّى تسقط أكبر دومينو.
ونَفس النظام في إنجاز الأشياء العظيمة. تبدأ بإكمالِ الشيء الصغير، ثمّ مع العمل اليومي وجعلها عادة سترى العجائب. في القوانين ال٢١ للقيادة ذكرَ ماكسويل قانون الMomentum. ويُقصد به أنّ بعدَ الدفعة الأولى والتحرك للأمام سيصعب عليكَ التوقّف.
مثال من حياتي. مؤخّرًا بدأتُ أكتب تلخيصات لكتب، وبنيتُ العادة لتكونَ في الصباح الباكر. وبالتحديد مع كوب شاي الصباح. بدايةً، جعلتها جملة واحدة فقط. وهل الجملة ستكفي لتكتب تلخيصًا؟ طبعًا! ولكن بالشهور، لحتّى تنهي واحدًا. ما فعلتهُ هوَ تحديد الحدْ الأدنى، ألا وهوَ جملة واحدة. بعدَ هذه الجملة لديّ كامل الحرّية في التوقف أم لا. والنتيجة. ٩٥٪ بعدَ كتابة الجملة الواحدة استمر في الكتابة. وتتراوح جلسات الكتابة من ٤٠ دقيقة ل٣ ساعات ونصف. بعد ٦ أيام من تاريخ اليوم سأكمل شهرين منذ بداية عادة الكتابة الصباحية وها أنا في التلخيص رقم ٢٠.
لا تنخدع بأنّكَ إن لم تنجز الكثير من أول يوم فلن تنجح. ركّز على جعلها عادة. بدلَ التركيز على الانضباط. لأنّك لستَ جنديًا. وحياتك ليست على المحك، وعقلك لن يستجيب لينجز مهمّة عمل لن تعرضه للخطر. حتّى لو نجحت، فستكون لفترة محدودة. بعكسِ العادة الجيّدة التي بنيتها، لأنها ستبقى معك لباقي عمرك.
النجاح يُخلِّف أدلة
كينتاكي نجحتْ بتركيزها على شيء واحد، وهوَ خلطة الدجاج. ستار وورز نجحت بتركيزها على مبيعات سلع السلسلة مثل الألعاب والملابس (المرشندايز). قانونْ الشيء الواحد تستعمله الشركات الناجحة طوال الوقت. سلعة واحدة أو خدمة واحدة.
السِتْ كِذبات التي تَقِف بينك وبينَ النجاح:
١- كلّ شيء مهم بنفسِ الدرجة (تقاس أهمّية الشيء بقدرة التأثير على عالمك)
٢- تعدّد المهام طبيعي (رُغم وجود نظامين في عقلنا ولكنّ لا أحد يستطيع التركيز على مهمّتين في آن واحد)
٣- الحياة منضبطة (الانضباط سيبني فيكْ كره الشيء والنتيجة؟ ستتخلّى عنه)
٤- قوة الإرادة موجودة على الدوام (قوة الإرادة محدودة في اليوم)
٥- الحياة متوازنة (إن أردتَ أن تعيش حياة تقضي فيها وقت أكثر مع عائلتك فافعل. لكنْ لا تتمنّى ما لدى الشخص الذي يضحّي بأغلى ما لديه)
٦- كلّ ما هوَ كبير سيء
كلّ شيء مهم بنفسِ درجة الأهمية
“على الاشياء الأكثر أهمّية أن لا تكونْ تحت رحمة الأشياء الأقلّ أهمية.” النجاح ليسَ لعبة يربح فيها من يُنجز أكثر. بل صاحب الأولوية الأعلى والذي يركّز على هدف واحد. قائمة المهام أو الTo-Do-List غير ذات فائدة. لأنّ قوائم النجاح قصيرة، واغلب ما تريدُ إنجازه سيأتي من أقلّ المهام التي تنجزها. وليسَ كلّ شيء مهم بنفس الدرجة.
ربما تعتقد بالرد على العملاء وأخذ ارائهم عن منتجك سيعود لكَ بنجاح بينما نجاحك يكمن في التركيز اليومي على التسويق ونشر المحتوى والوصول لعملاء أكثر. أنتَ من تقرّر ما هوَ ال١٪ الذي لو ركّزتَ عليه سيعودُ علي بنتائج أعلى من إنجاز باقي المهام مجتمعة.
- لا تركّز على الانشغال بالعمل فقط. ركّز على ما يثمر بنتائج.
- استمر في سؤال نفسك عن ما هوَ الشيء الأهم؟ حتّى تجده
- تعوّد على رفض الاشياء الأخرى حتّى تنجز ما هوَ مهم
- إن كُنتَ تؤمن أن ما لديكْ هوَ المهم فلا تتكاسل وابدأ التركيز عليه فقط
أهم شيء هوَ إنجاز الشيء الأهم.
تعدّد المهام
القدرة على إنجاز متعددة في نفس الوقت ما هوَ إلّا كذبة. تعدد المهام يساعدك في الفشل على عدّة مشاريع في نفس الوقت. ببساطة لن تستطيع التركيز على شيئين في نفس الوقت. تعدّد المهام ممكن في حالات مثل المشي والحديث، الكتابة واكل علكة، الطبخ والاستماع لبودكاست. وهذا طبيعي لأنّ عقل الانسان يعمل بنظامين. النظام الأول وهو اوتوماتيك والنظام الثاني الذي يركّز بتحليل المعقّد.
من الآثار الجانبية لتعدد المهام هوَ التشتت المستمر. وتبديل المهمّة الحالية والتركيز على مهمّة أخرى يخرجك من حالة العمل العميق (DEEP WORK). أثبتت الدراسات أنكَ ستحتاج إلى ٢٥ دقيقة مجدّدا لتعودْ لنفسِ مستوى التركيز الذي كُنتَ عليه.
حياة منضبطة
يقال أن الناجح هو الشخص المنضبط ذو الحياة المنضبطة ولكنْ هذه كذبة. لدينا انضباط كافٍ، لا يجب علينا إلّا توجيهه للاتجاه الصحيح فقط. الانضباط مهم في مسألة بناء العادة، في البداية ستحتاج الانضباط لتعمل نفس الشيء لمدّة اسبوع او اثنين ثمّ ستسلّم الدفّة للطيار الآلي AKA عقلك الباطن.
لو ركّزنا قليلًا، فالانضباط هو فعل نفس الشيء لفترة من الزمن. حتّى يُصبح عادة… وجهان لنفسِ العملة. يمكنك أن تنجح بنسبة انضباط قليلة، فالنجاح هوَ إنجاز الشيء المهم، وليسَ فعل كلّ الاشياء بطريقة صحيحة.
- لا تكُن شخصًا منضبطًا بل كُن شخصًا بعادات قوية تستعمل فيها الانضباط لبنائها.
- في كلّ مرة، ابني عادة واحدة. لأنّ النجاح تتبّعي ولا يأتي من فعل كلّ شي في آنٍ واحد
- استعمل الانضباط في استمرار تطبيق العادة كلّ يوم حتّى تصبح عادة.
قوة الإرادة موجودة على الدوام
قوة الإرادة والانضباط بينهما تشابه كبير. تحتاج قوة الإرادة في عدم أكل السنيكرز التي أمامك. وتحتاج قوة الإرادة في التركيز على إنجاز المهمة وإنهاء العمل. وتحتاج قوة الإرادة على العودة مباشرة للبيت وطبخ أكلة صحّية بدل وجبة ماك سريعة. وتحتاج قوة الإرادة للذهاب للجيم، لكنّها انتهت.
تخيّل قوة الإرادة كبطارية الهاتف. تكونْ ممتلئة في بداية اليوم. في نفس الوقت، تعمل مثل العضلة، بإمكانك أن تقويّها. مثلْ لو رفضتَ الدونات الجانبية مع قهوتك لمدّة أسبوع، فسيسهل استمرار الرفض والالتزام بالنظام الصحّي لفترة طويلة.
الاشياء التي تستهلك قوة الإرادة:
١- التصرفات الجديدة. (مثل بناء العادة)
٢- تجنّب المشتتات.
٣- مقاومة الاغراءات. (مثل الأكل غير الصحّي أو نتفلكس)
٤- كتم المشاعر.
٥- محاولة إبهار الآخرين.
٦- التعايش مع الخوف.
٧- القيام بما نمقته. (القراءة للبعض)
٨- اختيار الجوائز بعيدة الأمد عن القصيرة. (مثل التخلّي عن التدخين لممارسة الرياضة)
أفضل ممارسة للتركيز على الشيء الواحد هوَ إنجازه في بداية اليوم. كُل الضفدع وقوةْ إرادتك كاملة أو في بداية يومك.
- استعمل قوة إرادتك فيما يهم ويخلق فرقًا
- اتبع نظامًا صحيًا وكل بشكل منتظم
- ركّز متى تكون قوة إرادتك في أفضلها واستعملها بحذر
لا تقاوم قوة إرادتك، واجعلها تكونْ جزءًا في بناء حياتك المثالية.
حياة متوازنة
لا وجود لحياة متوازنة بالكامل. مثلما لا يمكنك تقسيم وقتك لجميع المهام، لأنّ العائد سيكون مختلف. يقترح الكتّاب تقسيم حياتك العملية وحياتك الشخصية لفئتين من منفصلتين، لمجرّد التوازن. لكلّ منهما أهدافه وأساليبه الخاصة في التوازن. النجاح المهنّي يتطلّب أخذ ما هوَ مهم والتركيز عليه وترك كلّ ما هوَ غير مهم. لأنّ هذا هوَ ما يصنع الفارق. لا تحلم في ابقاء حياة متزنة بالكامل. فالتضحيات واجبة.
كلّ ما هوَ كبير سيء
لا أحد على وجه الأرض يعرف سقف إنجازاته الأعلى.
فكّر بأكبر نجاح من الممكن أن تحققه في حياتك. ثمّ تصرّف بأكبر جرأة تحلّيتَ بها. لا تستخف بنفسك.
- فكّر أكبر من أفكارك الحالية. لو ما تسعى إليه هوَ مليون دولار خلال حياتك، اسأل نفسك كيفَ اجعلها ٢ مليون دولار؟
- فكّر خارج الصندوق. كُن مختلفًا
- تصرّف بجرأة
- لا تخف من الفشل. فالإنجازات العظيمة بُنيَت على سلسلة من الفشل. الفشل هوَ المحاولة الأولى في التعلّم
فكر بشكل كبير، واجعل أهدافك عالية، وتصرف بجرأة.
الخاتمة وكلمة معتصم
في السنتين ونصف الفائتة، قرأتُ عشرات الكتب عن تطوير الذات، لأخرج بفائدة تساعدني في حياتي المهنية بشكل أساسي وحياتي الطبيعية. أفضل ما وجدته هوَ أن النجاح محضُ عاداتٍ يومية.
لكن قبلَ ذلك، من المهم أن تركّز على ما هوَ مهمْ في حياتك. أكرّر هذا الشيء لأنني لستُ أعيشُ داخل عقلك. أنا لا أعرف إن كانَ المكوث في بيتك وقضاء وقت مع زوجتك وأولادك هو المهم أم التركيز على عملك. لا أعرف أيّ مهمّة ستعيد لك حياتك على مسارها الصحيح. كُنتُ في الماضي اقرأ الكتب التي يقترحها الأشخاص الناجحين ولكن اكتشفت أنّ الكتب التي ساعدتهُ في النجاح قد لا تساعدني في النجاح. أنا شخص مختلف، أعيش في بيئة مختلفة، تجاربي وخبراتي مختلفة. ما أحتاجه ليسَ ما قرأه هوَ. ما أحتاجه هوَ قراءة الكتب التي تساعدني في حلّ مشاكلي الحالية.
بالمثلِ لا تَتّبِع كلّ نصيحة نجحت مع غيرك، فربما لن تنجح معك. بالأمسِ كانَ ينصحني زميلٌ لي بالهجرةِ إلى فرنسا وبدء حياة هناك والاستقرار. نعم؟ هذا الشخص لا يعرف ما أريد، ولا ما يدور في عقلي وأهدافي وآمالي. قالَ رجل حكيم ذات مرّة: “إنّ النصيحة التي نقولها للآخرين، ماهيَ إلّا نصيحة لنفسنا السابقة”. فزميلي هذا كانَ يعطي نصيحة لشخصه الأصغر. أولًا لأنهُ يتحدّث الفرنسية، وذهبَ لفرنسا، ويخطّط لترحيل أولاده وزوجته إلى هناك. فبالطبع هذه النصيحة لم تكُن لي أنا.
أمّا بالنسبة للكتاب، فأرى أنهُ تطبيقي ويشجّعك على تغيير من نفسك لتصبحَ شخصًا يفكّر وينجز الشيء المهم. ابني حولهُ العادة. واسألْ نفسكَ عن ما هوَ الشيء الذي لو ركّزتُ عليهِ الآن، فسيعود بالعائد الأكبر. انصح بقراءة الكتاب وبشدّة.