منذ قرائتي لهذا الكتاب في تاريخ ٢٠٢٣.٨.٢٨ وحتّى اليوم لم أعش يومًا كما كُنتُ أعيشُ قبله. بعدَ قرائتي للكتاب أصبحتُ المتحكّم في عواطفي بنسبة ٨٠٪. فمهما كانَ اليومُ سيئًا، كانت عواطفي باختياري إذا ما كنت واعيًا. كيف؟ سأشرح لك.
هل ستصدقني لو قلتُ لكْ أنّ كلّ ما نشعر به هوَ بسبب تفسيرنا للمواقف والقصص التي نحكيها لأنفسنا؟ لماذا قد يغضب ويتحطم شخصٌ ما بخسارة شركته، والآخر يتقبّلها كتحدّي ليسطع مجددًا؟ الأوّل رأى أنّ الفشل هوَ طريقٌ مسدود، والآخر رأى أنّ الفشل هوَ طريق التعلّم.
لنفترض، أنا وأنت جالسين في مطعم سوشي ياباني. موسيقى آسيوية شرقية هادئة، اضواء برتقالية مائلة إلى الأحمر تعطي الجوّ نغمةً فريدة. والعوائل مِن حولنا يستمتعونَ بقضاء الوقتِ مع أحبابهم، وأصواتُ الدردشة من كلّ طاولة تتعالى بصوتٍ خافت. أنا وأنتَ متقابلين نستمتع بالسلمون وسلطة التونة مع حباتْ سوشي الهارموني. نتشارك أطراف الحديث عن فكرة ال١٠ مليون ريال التي راودتك. وفي نفس الوقت، على يمينك طفلٌ صغير بعمرِ ال٤ سنوات يرتدي طقم من قطعة واحدة وردية اللون وكاب أزرق. يجري ويمرح في المطعم. ضحكاته تتعالى ويقفز من كرسي إلى طاولة.
هذهِ الحيوية ونشاط الطفل شدّ انتباهك. وظللتَ تنظر إليهِ بإعجابٍ وبابتسامة جعلتك تنسى فكرة البزنس، وتستمتع باللحظة الحالية مع الطفلِ المغامر. وفجأة! وأثناء ركضِه، فإذا بهِ يتعثّر ويسقط أرضًا هبوطًا على وجهه. ولمدّة ثانيتين بالضبط، سكتَ جميع من في المطعم، وعيونهم اتّجهت على مصدر الصوت. وبعدَ الثانيتين بدأ الطفلُ في البكاء بأعلى صوت، وركضت أمه وأخته الكبرى نحوه. وأنتَ في هذه الأثناء؟ شعرتَ بنغزة في قلبك، وحُزنٍ وشفقة على مصير هذا الطفل المسكين. “قبلَ ثوانٍ فقط كانَ يفرح ويمرح!، والآنْ هوَ يتألّم على الأرض، يالهُ من مسكين.”
وفي أثناء محادثتك لنفسك، ومنذُ أن سقطَ الطفل، كُنتُ أنا أهتفُ فرحًا! وأقولُ لنفسي: “نعم! نالَ ما يستحقّه! هذا الطفل ظلّ يركض ويصرخ ويزعج كلّ زوّار المطعم! ولم يدعنا نأكل وجبتنا بسلام!”
أولًا، أنا لن أفرحَ لطفلٍ في مثلِ هذا الموقف ولكنّهُ فقط مثال. وأنا لم ألتقي بك بعد، ولا أعلم إن كانت تراودك فكرة ال١٠ مليون ريال من الأساس. لكن هل وصلكَ المغزى؟ نفسُ الحدث، والتفاسير مختلفة. أنتَ حَزِنتْ وأنا فرِحت. كلّن فسّر الموقف بطريقته.
هكذا العواطف، ولأنّنا بُرمجنا على تفسيرها تلقائيًا وبدونْ وعي، فستصّدق أنّها حقيقية. والتفاسير؟ تكونُ بناءً على اعتقاداتك وتجاربك في الحياة، وما تعلّمته. مثلًا، لأنّي تربّيت على دين الإسلام وكره الكفّار، اعتقدتُ أنّهم أشخاصًا سيئين. ولكنْ عندما خرجتُ إلى العالم اكتشفتُ أنّهم بشرٌا مثلنا، ولكنّهم ولدوا في بيئة مختلفة وعلى اعتقادٍ مختلف. أنا مؤمن إيمان كامل أننا كلّنا نولد سواسية، ولكن بيئتك وأبواك ومن حولك هم من يشكّلوك. الإنسانُ كالصلصال، يتشكّل بناءً على ما عُلِّم وبتجاربه الشخصية. كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه.
العواطف هيَ ما تحدّد جودة حياتك
عليكَ أنْ تعرف أن العواطف تأتي وتذهب. فتارةً تراكَ سعيد، وبعدَ ساعة تصابُ بحزنٍ مفاجئ، ثمّ تشعر بالملل، وهكذا.
العواطف هيَ ما تلوّن حياتك. عندما تشعر بالإيجابية، فإنّ يومكَ يكون على أفضله. الأكلُ يصبح طعمه لذيذ، ومستويات الطاقة تكون عالية، وحتّى الأفكار تكونُ جيّدة. بعكسِ أفكارك عندما تشعر بالإحباط أو القلق، فترى نفسك لا تريدُ أن تفعلَ أيّ شي، وتخبر نفسكْ أن حياتك سيئة لا طائل منها وأنكَ محضُ فاشل تتمنّى الموت. ثمّ تُحبس في عقلك وتستمع للأصوات السلبية التي تزيد من سوءِ شعورك. فتجد نفسك تحاول الترفيهَ عن نفسك بوجبة غير صحّية أو لعب ألعاب الفيديو وتصفّح السوشل ميديا أو حتّى النوم.
لكنْ عندما يختفي هذا الشعور، فأنتَ تَظلُّ نفسك، لا شيءً تغيّر، وإنما هذا شعورٌ راودك لفترة واختفى. ومهما كانَ الشعورٌ سيئًا، مثلَ فقدان عزيز أو انفصال عن من تحب، فسيختفي أو يخفّ مع مرور الزمن.
طريقة تكوّن العواطف
تتكون المشاعر أو العواطف لدينا بطريقة بسيطة اوتوماتيكية لم يُدرسّوها لنا في المدرسة.
التفسير + التعريف + التكرار = عاطفة قوية
أولًا: التفسير
أوّل ما نفعله عندَ كلّ موقف هو التفسير التلقائي:
- “هوَ لم يرد على الهاتف لأنهُ يتجاهلني.“
- “هيَ لم ترسل لي رسالة صباح الخير فهذا يعني أنها لا تحبني.”
- “زملائي يصمتون بعدَ دخولي الغرفة فهذا يعني أنّهم يغتابونني.”
- “هذا الشخص كادَ أن يصدمني، يالهُ من سائق متهوّر سأدعهُ يدفع الثمن (وتبدأ مطاردة في الطريق السريع).”
التفسير هوَ الحكم بناءً على قصتنا الخاصة وربط الأحداث مباشرةً بدون التفكير أولًا عن الحقائق الغائبة، وسرعانَ ما يؤدّي لسوءِ الفهم، ونتائج لن تُرضي الطرفين. فمهما كُنتَ قارئ بارع وسريع البديهة فلنْ ترى الحقيقة الكاملة.
هنالكً حلّان استعملهما: الأول هوَ أنّني أفسّر الأمر بطريقة إيجابية لا تُدخلني في دائرة من التفكير السلبي. فمثلًا أقول لنفسي أن صديقي لم يرد على الهاتف لأنهُ مشغول، أو لأنّهُ بعيد عنه، أو لأنّ مزاجه لا يسمح بالردّ عليّ الآن.
الحلّ الثاني (وهوَ الأعقل) أن تتبّع ماقالهُ ماركوس أوروليوس الفيلسوف الروماني، حيثُ قال أن ننظر للأشياء والأحداث من منظور موضوعي، ماذا يعني؟ يعني أن لا نضيف تفسيرنا الخاص. (صديقي لم يرد يعني أنهُ لم يرد) (هيَ لم ترسل رسالة يعني أنها لم ترسل رسالة) وهكذا، وبدون إضافة تفسير شخصي.
المطر للمزارع هوَ نعمة، ولكن المطر لزوجانْ في نزهة هوَ كارثة. كلّنْ يفسّر الأمرَ بناءً على رؤيته وموقفه. التفسير في حياتك هوَ الذي يخلق المعاناة، لأنّ الحياة في ذاتِ نفسها لن تكونَ بهذا السوء.
في اللحظة التي أكتب فيها هذه الكلمات، خسرتُ استثمارًا عملنا عليه لمدّة ٨ أشهر، من الطبيعي أن يكتئب الشخص ولكنّي مؤمن أنّ الفشل هوَ الذي يقرّبني خطوةً للنجاح. سأطوي صفحة الماضي بعدَ أن أخُذَ منهُ العلم الذي اكتسبتهُ في هذه الرحلة، وأمضي قُدمًا. لا أحد يهتم لفشلك، بل البعض سيشعر بالفرح لأنّ حياتك بائسة أكثر من حياته.
ثانيًا: التعريف
الكاتب يحاول إيصال نقطة أننا لسنا عواطفنا. لا يصح قول “أنا حزين”، لأنّك لستَ حزين، أنتَ فقط تشعر بالحزن. العواطف تأتي وتذهب. لا تعرّفها على أنّها جزءٌ لا يتجزأ منك. قُل “أنا أشعر بالغضب” بدلًا من “أنا غاضب”.
عليكَ أن تفهم وتستوعب أن العواطف منفصلة تمامًا عن ماهيتك وكيانك.
ثالثًا ورابعًا: التكرار والعاطفة القوية
قرأتُ في كتاب أنّ المشاعر هيَ أفكار قوية أثّرتْ على كيمياء الجسم مما جعلها تولّد هذا الشعور. ففكرة أنّ بإمكاني أن أصبحَ رجل أعمال ناجح، وتكرارها أعطاها القوة، وجسّدها لأفعال حقيقية وجعلتني أشعر بالثقة في عملي. بدونِ توفيق الله، وتكرار هذه الفكرة لما كُنتُ أكتب هذه الكلمات.
للأسفُ نحنُ مخلوقاتٌ مزاجية، ونتّبع ما نشعر به. هل لو كُنتُ قلقًا جدًا وخائفًا وحزينًا سأجلس لألخّص هذا الكتاب؟ لا. هل كُنتُ سأعمَل بجدّ ودونَ جعل العواطف تؤثّر فيني؟ صعب. فالطريقة الوحيدة هيَ فهم العواطف ولا نجعلها تتحكّم فينا بل بالعكس. هذا جسدك، هذه حياتك، أنتَ أولى بعيشها، والطريقة الأولى هيَ تحكّمك بما تشعر به لأنَّ لهُ علاقة مباشرة بنتائج عملك.
الحمدلله أنْ ألهمني الله تكرار فكرة التفكير الإيجابي والتفسير الجيّد. فمهما كانَ الموقف، وبنسبة كبيرة أنظر فيها للجانب المشرق. نعم أشعر بالغضب وأشعر بالاكتئاب من فترة لفترة ولكنْ أعرف أنها ستختفي بل وأعرف كيفَ أتخلّصْ منها.
لو فكّرتَ أنّك فاشل كلّ دقيقتين، ورددتها لنفسك كلّ يوم فمن الطبيعي أن تشعرَ بالفشل. بل ستجدْ نفسك تتعذّر من إنجازِ أيّ شيء لأنكّ فاشل. نفسُ الشيء لو أخبرتَ نفسك أنّكَ لستَ محظوظًا أو أنّك وحيد ولا أحد يحبّك. كلّما تكررت الفكرة في عقلنا، ازدادتْ قوّة وتقبّلها الإيقو واصبحتْ جزءًا منّا.
وكلّما كانت أفكارك سلبية، اصبحتْ نظرتك للحياة سلبية وكلّ تجاربك سلبية فلن تستمتعَ حتّى بالأكل. لكنْ إن ملأتَ عقلك بالإيجابية وبدأتَ بالنظر لكلّ شيء من الجانب المشرق، فستصبح أفكارك أكثر إشراقًا حتّى ولو لم تكُن حياتك كذلك، إنّها القناعة.
الرجل هوَ أفكاره.
حتّى ولو كُنتَ مشلولًا يمكنك أن تشعُر بسعادةِ الوجود، أو الامتنان لأفراد العائلة الذينَ يُساندوك. السرُّ يكمن في تفسيرِ المواقف.
وظيفة العقل ليست إسعادك
صمّمَ عقلنا ليسعى لضمانِ بقائنا. لهذا السبب كلّما حاولنا أن نتغيّر، نواجه صعوبة ومقاومة من العقل. لأنّهُ اعتاد على روتينِ يومك، وكلّما أردتَ إضافة عادة جديدة فلا تتوقَع أن يقف بجانبك.
العواطف هي إحساس يرشدنا في حياتنا اليومية. إذا شعرتَ بالخوفْ والقلق، فهذا بسبب موقف تم بتفسيره ليحفّز هذه المشاعر. مثلما نقلق من المستقبل، وكيفَ أنّ حياتي ستُدمّر إن تمّ طردي من العمل بسبب تأخّري المستمر. أو الخوف من توبيخ المدير. فينبع هذا الخوف من النتائج المترتبة عليه. مثلًا إن تكاسلتَ في عملك، فيوبّخك المدير أمام الجميع (تشعر بالإحراج وعدم تقدير الذات) وربما لاحقًا يتم طردك (كيفَ سأٌعين زوجتي وابنائي) ثمّ يزيدُ الخوف شيئًا فشيئًا مما يدفعك لتغيّر من تصرّفك. ولكنْ إن لم تهتّمَ بكلامِ المدير، ولم يهمّك نظرة زملائك في العمل لك، ولم يكُن لديكَ أحدٌ تحتَ مسؤوليتك أو لديكَ المال الكافي لتعينهم فلن تخاف ولن تقلق.
التحكّم بما تشعر به وتفسير الموقف بطريقةٍ جيّدة هو السبيلُ الأنسب لتشعر بالسعادة إن كانَ هذا هدفك.
الدوبامين ليسَ سعادة إنّما متعة
في زمننا أصبحَت مصادر الدوبامين في كلِّ مكان. نحصل عليها من السوشل ميديا والأفلام الإباحية والقمار كما ذكر المؤلّف. ولكن أصلُ الدوبامين هوَ أن يأتي من مصادرَ طبيعية كالرياضة والأكل والجماع. الدوبامين هو ناقل عصبي موجود في الدماغ ومسؤول عن المكافأة. يتم إفرازه في مناطق معيّنة لتحصل على شعور النشوة.
الإيقو الداخلي
الإيقو أو الآنا الخاصة بك تشكّلتْ عبرَ السنين وهيَ هويتك التي تعرّف بها نفسك. سواءً من اسمك وشكلك وجسمك و وجنسك وجنسيتك ودينك واعتقاداتك وإيمانياتك وثقافتك وأصدقائك وأهلك وقصتك ومشاكلك وعملك واشيائك. الإيقو مغرور ويحمي نفسه كما الدماغ. هويتك هي التي تدفعك للحصول على كلّ شيء، من شهرة واعتراف مِن مَن حولك بقدراتك، وحتّى السعي لنيل حبّ زوجتك، لأنّ الإيقو لا يستحمل الوحدة.
عرِف المسوّقون أنّ الناسَ لا تشتري فقط منتج، وإنّما تشتري العواطف التي مع المنتج، شيءٌ يعزّز من هويتهم. والإيقو مهتّم بما سيحصل عليه من الآخرين. يقويّ نفسه بالحصولِ على ما يريد من الناس.
من الأمثلة الشائعة هوَ تحكّم الإيقو في الأبوين. فتراهم يتحكّمونَ في ابنائهم لدرجة كبيرة كالممتلكات. والسبب أنّهم يريدونَ حياةً لأبنائهم كما تمنّوها وهم صغار. يريدُ منّي أبي أنْ أكملَ دراستي وأحصل على الماجستير والدكتوراة. ويريدني أن أهاجر لأمريكا لأحصل على الجواز، واكتشفتُ هذا بعدَ فترة أنّها الحياة التي يريدها لنفسه عندما كانَ شابًا.
الإيقو الخاص بك لن يرضى أبدًا وسيظلّ باحثًا عن المزيد. ويعشق مقارنة نفسه بالآخرين وإنجازاتهم. تجد الإيقو يسعى على الدوام في الحصول على اعترافٍ منهم بأنّهُ الأفضل.
العواطف السلبية
من الطبيعي أن تشعر بالحزن والاكتئاب من فترة لفترة. ولكن هل سألتَ نفسك إذا ماكانَ هذا الشعور يغيّر منك؟ ما أقصدهُ أنّكَ في النهاية نفس الشخص. بهذه المشاعر أو بدونها. فهيَ موجات تأتي وتذهب. فمثلًا تخطّيتُ مرحلةْ التأثّر من الكلام الجارح من شخصٍ قريبْ لي. حتّى لو كانت أمي، لأنّني أعرف أنّ هنالكَ سببًا مقنعاً يجعلها تقولُ ما تقول. أو توبيخَ المدير لي. فأفسّرهُ بطريقةٍ إيجابية مثلَ: أنّهُ قلقٌ على خسارةِ عميلٍ أو المبلغ المُستثمر في هذه الشركة والتي تَعِبَ حتّى يحصل عليه، وأنا كِدتُ أنّ أضيّعَ كلّ هذا باستهتاري وضعف مسؤوليتي تجاه العمل.
انظر للعواطف السلبية بطريقة إيجابية. مثلما الشعورُ بالألم هوَ إشارة على أنّ هنالكَ خطأً ما، ويجب عليكَ زيارة الطبيب. تعامل مع العواطف بنفسِ الشيء. افهم ما سببها ولماذا تشعرُ بها الآن. ربما هيَ إشارة للابتعادِ عن شخصٍ ما أو الاستقالة من وظيفتك.
اكتشفتُ خلال السنتين الفائتة، أنّنا عندما نعرف مصدر العواطف، يسهُل لنا التعامل معها. ولكنْ إنْ شعرتَ بضيقٍ في صدرك ولم تعرف لماذا، هنا يكمنُ التحدّي. بالنسبة لي ولله الحمد لا تمرّ عليَ مشاعر إلّا وعرِفتُ مصدرها ووجدتُ حلّها. ما لم استطع حلّه بعد هوَ المشاعر المتراكمة والتي تكونُ من مصادرَ مُختلفة وفي نفس الوقت.
الحل للتحكم في عواطفك والتخلّص من الغير مفيد
كما ذكرنا أنّ الحلّ الأولَ هوَ تفسيرك للأحداث بطريقة إيجابية، أو بطريقة لا تؤذيك. وأيضًا إن شعرتَ بعواطف سلبية كالحزن والاكتئاب، عليكَ أنْ تفهم أنّها تأتي وتذهب وهيَ ليستْ أنت، بل هيَ ضيفْ خارجي.
في البداية كُنتُ اكتب واسجّل العواطف والمشاعر التي تراودني وأفهم سببها وأجرّب طرق للتخلّص منها، حتّى أصبحتْ عملية التفسير الإيجابي والتخلص من العواطف أوتوماتيكية.
التأمّل
إنْ كُنتَ تقرأ هذه الكلمات، فأنا أخمّن أنكَ على دراية بفائدة التأمّل في تصفية عقلك وفِهم الأفكار التي تراودك وأنّكَ لستَ هذه الأفكار، إنما أنت المستمع. الصوت الذي بداخلك ليسَ أنت. جرّبْ التأمّل لمدّة ربع إلى ثلث ساعة عندما تغرق في موجة من العواطف السيئة. ثمّ لاحظ الفرق. اجعل التأمّل عادةً يوميًا حتّى لو كانتْ بضعُ تنفسات حضورية أثناء يومك. أثناءَ الرياضة، أثناء مشاهدة فيديو تعليمي، أو أيًّا كان.
قوة الآن
إنْ قرأتَ كتاب قوة الآن، فستكونُ لديكَ خلفية كبيرة عن إرادة العقل في التحكم. فالعقل يستمد قوته من التفكير في المستقبل والماضي. ولأنّ التركيز في اللحظة الحالية يسلبهُ هذه القدرة، فستجد نفسكَ تشدّه للحاضر وهوَ يشدّك للماضي أو المستقبل. لو حسبتَ الفترة التي تقضيها في السرحان على أخطاء الماضي والأُمنياتِ التي تتمناها مثلُ ياليتْ فعلتُ كذا وكذا، وياليتْ لم أختر هذا التخصص، وياليتْ لمْ أسافر لهذا المكان، فهيَ لن تنتهي. وتفكيرك المتكرر لن يغيّر من الماضي أو التفكير في المستقبل، وكيفَ سيكون، وهل سأستطيع جنيَ مالٍ يكفي لأشتري بيتَ أحلامي، الخ.
في اللحظة التي تستوعبْ أنّ هذه اللحظة هيَ كلّ ما هوَ موجود، والسفر بينَ الماضي والمستقبلَ لا يجدي نفعًا، فستختفي كلّ مشاكلك. أنا أخمّن أنكَ بدون مشاكل في هذه اللحظة الحالية. لأنَّ لو كانتْ لديكَ مشكلة، فستذهب لحلّها ولن تجلس وتقرأ تلخيصَ كتاب عن العواطف. قوة الآن ستفتحْ لكَ رؤية جديدة، تجعلك تستوعب أنّ الآن هوَ ما يهم. وأنّهُ خالٍ من العواطف السلبية والقلق عن المستقبل والتحسّر على الماضي.
الخاتمة وكلمة معتصم
أنا مقتنع أنّ العادات والتحكّم بالعواطف هيَ أسهل بداية نحوَ الحياة الناجحة. فكلّها في متناول يدينا وتحكّمنا شبه الكامل. يمكنكْ بناء العادات الجيّدة مهما كنت. ويمكنك التحكّم بعواطفك بالممارسة وفهمها أكثر. لأنّكَ إن تحكّمتَ بها، (من تجربة شخصية) ستقضي أيامك بدونِ الشعور بالثقل الذي كانَ يلازمك طيلة حياتك. سترى الأشياء بدون الحكم عليها وتفسيرها. مما يوفّرَ عليكَ وقت ضائع في بناء الافتراضات وخلق سيناريوهات تؤذيكَ أكثر من ما تؤذي غيرك.
انصح بقراءة الكتاب، وانصحك أن لا تتوقّف هنا عن التعلّم في ما يخصّ العادات اليومية والتحكّم في عواطفك.
استمعت بكل حرف قرأته، لم يتسلل الملل لي كعادته عند قراءة مقالاتٍ من هذا النوع، التلخيص مذهل والأمثلة المسبوقة بكل جزئية عصية الفهم كذلك، سيكون لك مستقبل زاهر في الكتابة بإذن الله
برافو جدًا..
شكرًا من القلب على كلامك الذي يعكس شخصيتك الفريدة أستاذة جويّرية.
هذا من فضلِ الله، وأتمنّى أن تُفيدك هذه المعرفة في حياتك، وأنْ تُساعدك في اكتشافِ نفسك أكثر فأكثر.