Skip to main content

هؤلاء الذين يعرفون، لا يتحدثون
وهؤلاء الذي لا يعرفون، يتحدثون.

 

يقول إيبيكتيتوس: ” لا يمكنك التعلّم إن كنتَ تعتقد أنكَ تعلم.” ولا يمكنك أن تصبح أفضل إن كنتَ مقتنع أنكَ الأفضل.

 

 

عدو الرجال الناجحين والعظماء والمفكرين ليسَ القلق من المستقبل أو الحذر والشك في غيرهم أو حتّى العالم الخارجي، بل عدوّهم هوَ داخلهم. الإيقو هوَ العدو لأنّه يمنعنا من التعلم والتطوّر ورايان هوليداي في كتابه يشرح كيفَ نتخطّى هذا العدو ونعيشُ بحرّية وغير مكبلين بأصفاد الإيقو الداخلي.

 

يستمد الإيقو أو الغرور قوته من النجاحات التي تعتقد فيها أنّكَ أفضلَ من الجميع ونجاحك باهر وليسَ لك مثيل وكلّ الأخرين لا يعرفونَ شيئًا وأنت أفضل منهم مجتعمين. يختلف الإيقو من شخصٍ لآخر، ويختلف في مراحلَ تكوّنه في حياة الانسان. الإيقو هو التكبّر على الأخرين ورؤيةْ مدى انخفاضِ مكانتهم مقارنةً بك.

 

يقولَ رايان هوليداي:

١) أنت لستَ بالمستوى الجيّد أو الأهمية العالية التي تعتقدها
٢) طباعك بحاجة إلى إعادة تحسينٍ وضبط
٣) كلّ ما تعتقد أنَك تعرفه أو قرأته أو تعلّمته في كتب أو في المدرسة فهو غير صحيح أو منتهي الصلاحية

 

الإيقو هوَ إيمان أو اعتقاد غيرُ صحّي عن الإنسان وأهمّيته في نظره. فيظن البعض أنّهُ أفضل من الأخرين في شيءٍ معيّن.

 

في ٢٠٢١ وفي مدينة خانجو الصينية عملتُ في إحدى شركات الأثاث الخارجي والتي تصدّر لدول الغرب. مديرة وصاحبة الشركة كانت ترى نفسها أفضلَ من تكلّم اللغة الإنجليزية بين أعوانها، ولكن صدّقني عندما أقولُ لك أنّ مستواها لا يزيدُ عن طالب ثانوية درسَ اللغة الإنجليزية كلغة ثانية. والغريب في الأمر أنّها مقتنعة اقتناعًا تامّا فيما تقوله. فكانَ الإيقو مسيطر عليها ولكنّهُ قد يؤدّي بها إلى مواقف تكتشف فيها مدى ضُعفِ حيلتها في الأمرِ الواقع

باللهجة السعودية نقول “مصدّق نفسه”. أيْ من بهِ داء الإيقو فتراه واثقًا لدرجة الغرور (هذا من أعراض الإيقو) وأيضًا يحوّل القلق العادي إلى هوَس. الإيقو هو مرض لابدّ من وجوده، فهوَ جزء من الإنسان وفي كلّ واحدٍ منًا. هدفك ليسَ قمعه، ولكن الاعتراف بوجوده وعدم السماح لهُ بالتحكم بتصرّفاتك وردّات فعلك.

الإيقو يمنعك من تحقيق أهدافك البعيدة، ويمنعك من الاحتراف في مهنتك أو عملك. (بسبب اعتقادك الدائم أنكَ على علمٍ بكلّ شيء)

 

 

الطموح

هل تريدْ أن تلاحظ وبكلّ وضوح ظهور الإيقو الخاص بك؟ يظهر الإيقو عندَ وضعكْ لهدف تريدُ أن تصلَ إليه، فبدلًا من البدء مباشرةً، سيحاول الإيقو الخاص بك وبشكل مستمر أن يحصل على قبول الأخرين واستحسانهم عن الطريق والهدف الذي اخترتهم والمصيبة الكبرى أنّك لا تبدأ أبدًا، ستتكلم فقط!

 

بالمختصر المفيد، نطمح في دائمًا اخبار الأخرين عن مخططاتنا التي سننجزها وكيف أننا سنصبح أناسًا ناجحين ولكن دونَ إنجاز ذرّة من عمل. يتشبّع ويستمتع الإيقو عندَ إخباره للآخرين عن مدى حجمِ أهدافك وكيفَ أنَّ طُموحك أعلى من ما كان.

 

إيميلي قولد كتبت رواية خلال سنتين، ولكنّها لا تتذكر أيَّ إنجاز في السنة الأولى، لأنهُ بالكادِ يُحسب تقدّم. تقول إيميلي أنها كانت تغرّد في تويتر وتتصفح تمبلر وتغوصُ في دائرة الفيديوهات اللانهائية في عالم الانترنت. وكانَ الإيقو المتحكّم بها يذكرها دائمًا بماذا سيكون رأي المتابعين؟ عليكِ أن تشاركينهم ما تفعلين، أريهم جدولَ أعمالك وما ستنجزيه لاحقًا الخ الخ.

أن تخبرَ النّاس بالكتاب الذي ستكتبه لهوَ أمرٌ ممتع ويملأكَ بشعور الإنجاز ولكنّه مجرد ألاعيب تغلّبَ فيها الإيقو عليك.

 

 

دائمًا م أُخبر من هم قريبين منّي عن الكتاب الذي سأكتبه، والمكتبة العملاقة التي سأبنيها والشركات التي ستكونُ باسمي وسيارة احلامي كيف سأحصل عليها…حتّى الان لم يحدث أيًا من هذا. فتوقّفت عن إخبارهم بما أفعل وقررتُ أنّ أفعالي هيَ التي ستتحدّث عنّي.

 

“لقد لاحظت أن أولئك الذين حققوا أعظم النتائج هم أولئك الذين “يعملون في الخفاء”؛ هم أولئك الذين لا ينفعلون أبدًا أو يفقدون السيطرة على أنفسهم، بل هم دائمًا هادئون، ومتملكون للذات، وصبورون، ومهذبون.” —بوكر تي واشنطن

الإنسان الذي يفكر طوال الوقت ليس لديه ما يفكر فيه سوى الأفكار، لذلك فهو يفقد الاتصال بالواقع ويعيش في عالم من الأوهام. -ألان واتس

لا تدع الشغف هو من يقودك في هذه الحياة بل الهدف.

 

 

النجاح

إيقو النجاح هوَ بوكيمون أقوى ومتطوّر عن الإيقو العادي، فبعدَ تسلّقك ووقوفك على قمّة الجبل تبدأ الاغراءات بالظهور وتواجهك المشاكل الجديدة. شعور النجاح الممزوج بالغرور والتكبّر يخلق فيكَ شخصية مختلفة تمامًا وقد تكون لا تطاق من من حولك. فترى نفسكَ الأعلم في مجالك والأعلم الله. لا أحد يستحقّ مناداتك بدون سيدي أو الشيخ أو الدكتور، لماذا؟ لأنّكَ العبقري الذي نجح في حياته والان هوَ في صدد محاربة عالم أقلّ مستوىً ودناءةً من ما هوَ عليه. قال رسولنا الكريم: “لا يدخل الجنةَ من كانَ في قلبه مثقالُ ذرّةٍ من كبر.”

 

هاوارد هيوي، رجل الأعمال المليونير صاحب شركة معدات نفط ناجحة في مجالها. توفّي هاوارد عن عمرٍ يناهز ال٥٤ بسكتة قلبية وورِث ابنه القاصر هيوي أغلب أسهم الشركة واشترى الباقي من أقاربه الذينَ كان لهم حصّة فيها. رغم اعتراضاتهم ولكنّه لم يستمع ومضى قدمًا وخلال عقد حققت الشركة أرباحًا خيالية وانتقلت من حاجز المليون إلى بعد حاجز المليار دولار.

 

جميل صحيح؟ لا. هيوي انطلقَ بعدها مليئًا بالإيقو الذي يصرخ أنا سأنجحُ في كلّ شيء والنتيجة؟ خسر مليارات الدولارات بسبب ثقتهِ الزائدة وغروره. دخل في عدّة مجالات مثل الطيران والأفلام وحتّى البورصة، وفشلَ فيها جميعها.

هوَ ليسَ جنون، ولكنّ ملئهُ الغرور وظنّ بنجاحهِ مرّة، سينجح في جميع المجالات الأخرى.

 

شخصية هوملاندر من The Boys تجسّد الشرّ المطلق. ايقو هوملاندر يرى نفسه الأفضل من كلّ مخلوق على وجه الكرة الأرضية وفي نفسِ الوقت، يهمّه كثيرًا اعتراف الأخرين به أو رؤيته في القمّة. سيقتل الجميعَ لو اتّفقوا على مجاهلته وعدم رؤية العظمة التي يجسّدها لنفسه.

 

تخيّل أنّكَ فكّرتَ في طريقة تساعد فيها الشخص الذي أمامك بحيثُ لا تتلقى أي مصلحة خلفها، مساعدتهم بالكامل ودونَ الانتظار لمردود.

“كل رجل أقابله هو معلّمي في مرحلة ما، وفي هذه المرحلة أتعلم منه.” – رالف والدو إيمرسون

خلاصة الأمر، أنكَ اذا نجحتَ في أمرٍ ما، فلا يعني أنّك ستنجح فيه مجددًا. كنِ الطالبَ دائمًا

 

 

الفشل

سمعتُ تعريفَ الفشل من Chris Do وقال أن الفشل (أي Fail) تقرأ بهذه الطريقة:

  • F – First
  • A – Attempt
  • I – Into
  • L – Learning

الفشل هوَ أوّل محاولة للتعلّم.

 

 

ما هيَ الخبرة؟ الخبرة هي التعلّم من الأخطاء وإنجاز العمل بفعالية أكثر. لماذا؟ لأنكَ مررت بهذا الطريق مرارًا وتكرارًا، أيامًا وسنينًا. صاحب الخبرة يُحترم ويقدّر بسبب الطرق الوعرة التي سلكها وعرِفَ أينَ يوجد الطريق الصحيح.

 

الفشل هوَ عرقُ النجاح. لن ينجحَ شخصٌ من أول مرة، وإن نجح، سيكون الأمرُ غريبًا وسيشك البعض في وجودِ تلاعب. حتّى ولو نجح المرة الأولى هل سينجح في الثانية والثالثة والرابعة؟ سينجح ولكن سيفشل بِضع مرّات. تقبّل الفشل وانهض بعد السقوط، انفض الغبار وقف في المحطة منتظرًا الباص التالي.

 

عش يا صديقي وضع في بالك أنْ ربما يتم ظلمك، غشّك، إهانتك، تخريبك، سرقتك، وستفشل مرة بعدَ مرة ثم تخسر كلّ ما لديك، لأنّ الحياة ليستْ فيلم ديزني أو انمي اطفال. وبعدَ الفاجعة والكوارث يتبيّن معدن الرجل الحقيقي وصلابته الذهنية. إن سقطتَ ف انهض وإن فشلت فأعد الكرّة واثبت لنفسك (لا تثبت للعالم شيئًا) أنّ هذا هوَ أنت! لا يهم كم مرّة تصفعكَ الدنيا، لأنّكَ ستعيدُ النظرَ إليها بابتسامة، ابتسامةُ من يقول: “لم تري شيئًا بعد، فهدفي هوَ إمّا أنْ أكونَ رجل أعمالٍ ناجح، أو أموت وأنا أحاول، لا خيار ثالث”

 

بدلاً من التظاهر بأننا نعيش قصة عظيمة، يجب أن نركز على التنفيذ – وعلى التنفيذ بتميز.

الضوء ليسَ مسلّطٌ عليك، لأنّكَ لست محورَ الكون. يغيب الطالب لمدّة اسبوع بسبب الإحراج من سكبِ عصيرٍ على ملابسه. لأنّهُ اعتقدَ أنّ كلّ المدرسة تضحكُ عليه وفي الحقيقة لا أحد يلقي للأمر اهتمامًا. تخلّص من الجمهور الخيالي وأنّ كل حركة منك تُراقب من قبل الجميع. الحقيقة أنّ ٩٠ بالمائة من الناس يقضون ٩٠ بالمائة من وقتهم في التفكير في أنفسهم.

تعلّم من اخطائك ولا تعطي فرصة للإيقو ليأخذ بزمامَ الأمور.

 

 

أفضل الاقتباسات من الكتاب (الكاتب رايان هوليداي)

“إن العظمة تأتي من البدايات المتواضعة؛ إنها تأتي من العمل الشاق. وهذا يعني أنك الشخص الأقل أهمية في الغرفة – حتى تغير ذلك بالنتائج.”

“يمكنك أن تكذب على نفسك، تقول إنك بذلت الوقت الكافي، أو تتظاهر بأنك تعمل، ولكن في النهاية سيظهر شخص ما، وسوف يتم اختبارك. ومن المحتمل جدًا أن يتم اكتشافك.”

“في هذا الوقت، لا يتعلق الأمر بـ “من أريد أن أكون في الحياة” بل بـ “ما الذي أريد تحقيقه في الحياة؟” وبصرف النظر عن المصلحة الأنانية، أسأل: ما هي الدعوة التي أخدمها؟ ما هي المبادئ التي تحكم اختياراتي؟ هل أريد أن أكون مثل أي شخص آخر أم أريد أن أفعل شيئًا مختلفًا؟”

“معظم المشاكل مؤقتة… إلا إذا جعلت الأمر غير ذلك.”

“إن أكثر الناس نجاحاً هم أشخاص لم تسمع بهم من قبل. إنهم يريدون أن تكون الأمور على هذا النحو. فهذا يبقيهم في حالة وعي ويساعدهم في أداء عملهم.”

“ذكّر نفسك بأن الغضب ومحاولة التفوق على من حولك أمر لا طائل منه. اذهب واجعل نفسك على اتصال بنفسك، وأنهِ انفصالك الواعي عن العالم. تصالح مع حقائق الحياة بشكل أفضل قليلاً. أدرك كم كان أمامك الكثير، وكيف لم يتبق منه سوى القليل.”

“إن غرورنا يصرخ للناس ليعترفوا بك. ولكن يجب ألا تفعل ذلك. تقبل الأمر. تناوله حتى تمرض. تحمله. تجاهله بهدوء واعمل بجدية أكبر. العب اللعبة. تجاهل الضوضاء؛ من أجل حب الله، لا تدعها تشتت انتباهك.”

إن كلمة “يوثيميا” اليونانية، وفقاً لسينيكا، هي كلمة ينبغي لنا أن نفكر فيها كثيراً: إنها تعني الإحساس بمسارنا الخاص وكيفية البقاء عليه دون تشتيت انتباهنا بكل الطرق الأخرى التي تتقاطع معه. بعبارة أخرى، لا يتعلق الأمر بالتغلب على الآخر. ولا يتعلق الأمر بالحصول على أكثر مما يتمتع به الآخرون. بل يتعلق الأمر بأن تكون كما أنت، وأن تكون على أفضل وجه ممكن، دون الاستسلام لكل الأشياء التي تجذبك بعيداً عنه. يتعلق الأمر بالذهاب إلى حيث حددت هدفك. يتعلق الأمر بإنجاز أقصى ما تستطيع تحقيقه فيما تختاره. هذا كل شيء. لا أكثر ولا أقل. (بالمناسبة، تعني كلمة “يوثيميا” باللغة الإنجليزية “راحة البال”).

 

 

الخلاصة وكلمة معتصم

كتاب الإيقو هو العدو من الكتب التطبيقية البحتة، يعلّمك تخطّي واحدة من أكبر مشاكل الحياة الا وهيَ الغرور بالنفس واعتقادك خطأً أنّك افضل من الاخرين. بدلًا من اتباع طموحك، اتّبع هدفًا في الحياة. والنجاح هوَ فخٌ يسقطُ فيه الضعيفَ باعتقاده الأفضل مقارنةً بالأخرين. لا تدع الفشل ينسيكَ هدفك السامي.

ساعدني الكتاب كثيرًا في نظري لبعض المفاهيم وكيفَ أنّنا محضُ حياوتٍ يقودها الغرور، باحثينَ عن استحسانِ من حولنا واعترافهم بنا. اهتّم بإنجازاتك وأعمالك بدلًا من التركيز على الأخرين ونظرتهم إليك. صدقّني أنتَ لستَ بالأهمّية التي تعتقدها، هذا شعورٌ تخلقه الأنا الخاصة بك.

قال ماركوس أوروليوس: الإنسان عندما يقوم بعمل صالح لا يطلب من الآخرين أن يأتوا ليرونه، بل يستمر في عمل آخر، كما تستمر الكرمة في إنتاج العنب مرة أخرى في موسمه.

Mutasim Eltayeb

رائد الأعمال المدمن على خلقِ القيمة لأمثاله الساعين في تنمية ذاتهم وبناء أعمالهم الخاصة. هنا تجد كلّ ما يخصّ التنمية البشرية وبناء العادات والتسويق وكتب الأعمال، وبالإضافة إلى الفلسفة كدروعنا الخفيفة والصلبة.

Leave a Reply

Close Menu
لرائدي الأعمال وكلّ من يسعى لتطوير نفسه